القاهرة | يبدو أن الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة لن تكون خاملة إلى الحدّ الذي كان يتخيّله المصريون بضمان الرئيس عبد الفتاح السيسي فوزاً ساحقاً يجعله يحكم البلاد لأربع سنوات إضافية. بدأت «الإثارة» مع إعلان الناشط الحقوقي خالد علي ترشّحه قبل أسبوع، عبر خطابٍ طويل شمل كلمات سابقة مشهورة للسيسي، ليردّ عليها الواحدة تلو الأخرى.
خالد علي الذي خاض الانتخابات الرئاسية عام 2012 بعد تأييد ترشحه من قبل 32 نائباً برلمانياً من مجلسي الشعب والشورى في حينه، وحصوله على 134 ألف صوت في الجولة الأولى من الانتخابات، لن تكون طريقه مفروشةً بالورود هذه المرة. وما حدث قبل مؤتمر إعلان ترشحه الأسبوع الماضي من مقرّ حزب «الدستور» في منطقة الدقي بالقرب من وسط القاهرة، من مهاجمة الأمن المصري المطبعة التي تطبع الأوراق الخاصة بالمؤتمر، وصولاً إلى القضية المثارة ضده والتي سيفصل حكم الاستئناف بإمكانية ترشحه، أمورٌ تؤكد أن وصول الرجل إلى الترشح الفعلي سيكون صعباً للغاية.

اتهمت صحيفة «الجمهورية» علي بـ«السعي للحصول على تمويل من الإخوان»


وتُثار في هذا السياق أسئلة، عن احتمال التضييق عليه وعلى مناصريه في الفترة التي ستسبق الاستحقاق. وقد بدأت بعض الصحف بمحاربة علي، إذ هاجم رئيس تحرير صحيفة «الجمهورية» الحكومية، في مقال، علي، متهماً إياه بـ«السعي للحصول على تمويلات من الإخوان والاتحاد الأوروبي»، وقد رد خالد علي على ما جاء في المقال بوصفه بـ«الاغتيال المعنوي» له بالتزامن مع إعلانه الترشح للرئاسة. ولا يُعتقد أن هذا المقال سيكون هو الوحيد أو الأخير الذي يطال علي، إذ من المتوقع أن يزداد الهجوم عليه مع الاقتراب من موعد الانتخابات.
لكن خالد علي يترشح مدفوعاً بما حققه في قضية تيران وصنافير والحصول على حكم من المحكمة الإدارية العليا يثبت السيادة المصرية عليهما، وقد يجد بناءً على هذه القضية تأييداً من قطاع ليس قليلاً من الشعب، فضلاً عن اليسار الذي يمثله علي حالياً، وقد تشهد الفترة المقبلة تأييد شخصيات محسوبة على هذا التيار.
وهناك وجهة نظر ترى أن ترشّح خالد علي للرئاسة يفيد نظام السيسي أكثر من عدم ترشحه، فقد ألقى المحامي الأربعيني حجراً في مياه الانتخابات الراكدة، والتي حتى الأسبوع الماضي لم يكن يتحدث عنها أحد، مع العلم بأنها ستنعقد في أيار/ مايو المقبل. سبق علي الشخصيات القليلة التي تم توقع ترشحها إلى الانتخابات، مضفياً جدية على الاستحقاق الذي يمكن ملاحظة استخفاف الشارع به لمعرفة نتيجته سلفاً.
لكنّ تاريخ علي ولا سيما دوره في قضية تيران وصنافير تستبعد عنه «التهمة» التي وُجّهت للسياسي الناصري حمدين صباحي الذي ترشح في مواجهة السيسي في انتخابات 2014، أي أن من الصعب اعتبار ترشّح علي «تمثيلية» أو «خدمة» للنظام، وخصوصاً أن الظروف تغيرت عن تلك التي كانت تسود قبل ثلاث سنوات. كما أن علي نفسه انكفأ عن الاستحقاق السابق لعدم شعوره بجدوى للمواجهة في حينه مع السيسي الذي كان أشبه بـ«مخلّص» بعد عزل الرئيس محمد مرسي.
كذلك، أثار إعلان علي الترشح للرئاسة كثيراً من الانتقادات حتى من قبل هؤلاء الذين لا يؤيدون السيسي، لكنهم لا يؤيدون علي في الوقت نفسه. فهؤلاء يعلمون أن فرص علي ضئيلة جداً إن وصل إلى الانتخابات وشارك فيها بالفعل، وكان هجومهم قائماً على غياب مساحة الحرية التي يمكن لعلي التحرك خلالها، فلا إعلامَ سيسانده ولا أمنَ سيحميه ولا أحزابَ تدعمه.
يبقى أن ذلك كله لا يتعدّى كونه كلاماً أوّلياً، فترشح علي من عدمه تحسمه قدرته على جمع توكيلات 25 ألف مواطن من 15 محافظة، أو 20 عضواً من مجلس النواب وذلك بحسب المادة 142 من الدستور. وقطعاً ستكون مسألة حصوله على تواقيع نواب البرلمان صعبة للغاية، إذ إن غالبية أعضاء البرلمان تنتمي إلى جبهة «دعم مصر» المؤيدة للسيسي، التي دعمت من قبل مسألة اقتراح تعديل مدة الرئاسة في الدستور لتصبح ثماني سنوات بدلاً من أربع، قبل أن تختفي هذه المسألة كلياً من البحث بلا مناسبة.