القاهرة ــ الأخبارأثارت وزيرة شؤون المساواة الاجتماعية الإسرائيلية، جيلا جامليئيل، الجدل بعد مشاركتها على رأس وفد في مؤتمر إقليمي نظّمه المجلس القومي لحقوق المرأة المصري بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي.

مشاركة الوزيرة جاءت بعد أيام قليلة من تصريحات صحافية أدلت بها لمجلة إسرائيلية، وتحدثت خلالها عن إتمام عملية السلام بتوطين الفلسطينيين في سيناء، وهو الموقف الذي أثار حالة من الغضب منذ إعلان وجودها في مصر. ودعا عدد من القوى السياسية المصرية إلى الردّ الرسمي على الوزيرة، في ظل وجود نقاشات عدة حول الوضع في سيناء خلال الفترة المقبلة، والعمليات التي تقوم بها القوات المسلحة لملاحقة العناصر الإرهابيين. وغالباً ما تربط القوى الوطنية في مصر بين الاضطرابات الجارية في سيناء، ومشاريع قديمة ومتجددة لتوطين الفلسطينيين في شبه الجزيرة المصرية، تحت مسميات وخطط مختلفة.
ويعود بعض تلك المخططات إلى فترة ما قبل تأسيس الكيان الصهيوني، ويعاد طرحها من قبل دوائر إسرائيلية متعددة، في كل محطة مفصلية من محطات الصراع العربي ــ الإسرائيلي، وقد اتخذت منحى منظماً منذ أواسط العقد الماضي، وتتخذ اليوم بعداً جديداً في ظل سيطرة اليمين المتشدد على المؤسسة الحاكمة في إسرائيل، وفشل كل مبادرات التسوية التي انخرطت فيها الولايات المتحدة مباشرةً، منذ اتفاقية أوسلو في عام 1993. كذلك اتخذت مستوى متقدماً من التسويق، ولا سيما بعدما تقدم رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي غيورا آيلاند بخطة واضحة في هذا الشأن أمام مؤتمر هرتسيليا في عام 2004، مقترحاً التوصل إلى اتفاق ثلاثي، إسرائيلي – مصري – فلسطيني، تتنازل بموجبه مصر عن أرضٍ في سيناء محاذية لقطاع غزة، لتوطين الفلسطينيين، في مقابل أن «تتنازل» إسرائيل عن 200 كيلومتر مربع من أراضي صحراء النقب لإقامة جيب مصري يمتد عبر نفق يخضع للسيادة المصرية، ويربط بين مصر والأردن.
وأثيرت تلك الخطط مجدداً، من قبل إسرائيل، ولو على مستوى رسمي متدنٍّ، في وقت سابق من العام الحالي، ولا سيما بعد الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لواشنطن، ولقائه الرئيس دونالد ترامب، في شباط الماضي، حين كتب الوزير الإسرائيلي من دون حقيبة، أيوب قرا، عبر حسابه على موقع «تويتر» أن «ترامب ونتنياهو سيتبنيان خطة الرئيس المصري (عبد الفتاح) السيسي بإقامة دولة فلسطينية فى غزة وسيناء بدلاً من الضفة الغربية، وبذلك يمهد الطريق بسلام شامل مع الائتلاف السني»، وهو ما نفته القاهرة وتل أبيب معاً، بشكل قاطع، ولكن ما خرج من لقاء ترامب ونتنياهو جدّد الهواجس، خصوصاً أن الرئيس الأميركي قال حينها إنه «ستكون هناك عملية سلام كبيرة تضمن قطعة أكبر من الأرض وتتضمن إشراك حلفاء عرب فيها».
على المستوى الرسمي، التزمت مصر الصمت إزاء زيارة الوزير الإسرائيلية، فيما رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبو زيد التعليق على تصريحاتها. ولكن مصادر دبلوماسية قالت لـ«الأخبار» إنّ وزير الخارجية سامح شكري كلّف السفير المصري في تل أبيب بتوجيه رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية اعتراضاً على التصريحات التي أدلت بها الوزيرة قبل قدومها إلى القاهرة بأيام قليلة، معرباً عن استيائه من وجود تصريحات لوزراء في الحكومة التي أعلنت «التزامها اتفاق السلام» تخرج عن النص وتثير حساسية في العلاقات بين البلدين.

أرفع تمثيل إسرائيلي معلن في مؤتمر يعقد في مصر منذ سنوات


وأضافت المصادر أن وزارة الخارجية تدرس الإعلان بشكل رسمي عن استدعاء السفير الإسرائيلي في القاهرة لتسليمه رسالة احتجاج مماثلة خلال الساعات المقبلة، خاصة أن التصريحات منحت منابر إعلامية فرصة انتقاد سياسة الدولة المصرية تجاه سيناء، ومن شأنها أن تعرقل خطوات مكافحة الإرهاب على الحدود الشرقية.
وعادة ما تشارك إسرائيل بتمثيل منخفض في الاجتماعات الاقليمية التي تعقد في القاهرة، ويعتبر تمثيل جاملئيل أرفع تمثيل إسرائيلي معلن في مؤتمر يعقد في مصر منذ سنوات. ولم تفوّت الوزيرة الاسرائيلية فرصة وجودها في القاهرة لتقديم التعازي لمصر في مجزرة الروضة، التي وقعت يوم الجمعة الماضي في سيناء، ووصفتها بـ«العمل البربري الشائن».
وأضافت: «نحن أيضاً ندرك المعاناة التي تواكب الإرهاب. لكن هذا يقترن أيضاً بعزيمة لمكافحة الإرهاب، للحيلولة دون تحوله إلى أسلوب حياة»، مضيفة أن «هذا الإرهاب لا يعرف الحدود، ويستهدف المسّ باستقرار المنطقة برمتها».
وتابعت قائلة: «إن وجودي هنا في القاهرة أمر يثير فيّ المشاعر الجياشة، ولا سيما أنها تتزامن مع الذكرى الأربعين للزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الراحل أنور السادات للقدس والتي فتحت الأبواب بوجه السلام بين شعبينا، وهي علاقة تحولت إلى مشعل للاستقرار في المنطقة حتى يومنا هذا بقيادة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي».