أثار تأخّر وفد الحكومة السورية في الالتحاق باجتماعات الجولة الثامنة من محادثات جنيف، التي تنطلق اليوم، تساؤلات حول احتمالات نجاح هذه الجولة في تحقيق أي إنجاز فعلي ضمن جدول أعمالها المطروح. فدمشق أبدت بشكل واضح استياءها من البيان الختامي لـ«الهيئة» المعارضة الموحدة التي تشكلت في الرياض، معتبرة أنه يخالف طرح التفاوض غير المشروط.
ونقلت لنائب المبعوث الأممي، رمزي عز الدين رمزي، استنكارها لعدم اعتراض ستيفان دي ميستورا على صيغة البيان. الموقف المعترض من دمشق تُرجم عبر عدم تأكيد حضورها الجولة أمام رمزي، وإرسالها مساء أول من أمس، إلى دي ميستورا، بعدم سفرها أمس إلى جنيف وفق المفترض. كذلك ظهر في الشروحات المطولة التي قدمها رئيس اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس الشعب أحمد الكزبري، لجريدة «الوطن» السورية، حول آليات تعديل الدستور أو طرح دستور جديد للبلاد. وبالنظر إلى أن الكزبري شارك في جولات جنيف السابقة كعضو في الوفد الحكومي، يبدو الأخير أنه يستعد لمعركة تفصيلية طويلة بشأن طرح تعديل الدستور، إن حضر الجولة المقبلة.
ومن جانبه، تلقّى المبعوث الأممي الرسالة الحكومية، وحاول تقديم تطمينات بشأن النقاط الإشكالية، إذ أعرب في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي عن أمله في حضور وفد دمشق، «خاصة في ضوء التزام الرئيس الأسد (المقدم) للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما التقيا في سوتشي». وشدد على أن المحادثات لن تبدأ مع أي شرط مسبق، مشيراً إلى أن ما يخرج عبر وسائل الإعلام من تصريحات «لا يدخل غرف التفاوض». وأكد على تسلسل المسار السياسي المفترض الذي يجري العمل عليه في جنيف، موضحاً أن «الانتخابات يجب أن تسبقها صياغة دستور جديد ليتم تصديقه من قبل الشعب»، وهو مسارٌ يحيّد أيّ مطلبٍ بإزاحة الرئيس بشار الأسد، في مطلع العملية الانتقالية.

أكد دي ميستورا أن ما يخرج في الإعلام «لا يدخل غرف التفاوض»
كذلك لفت إلى أنه سيحضر اليوم اجتماعاً للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، سيعقد في جنيف بمبادرة من فرنسا، ضمن مساعيها المتواصلة لتشكيل «مجموعة اتصال» حول الملف السوري. وأوضح أن «أكثر من 200 ممثل عن المجتمع المدني السوري سيحضرون إلى جنيف في الأسابيع المقبلة»، مضيفاً أنه سيكون هناك أيضاً خبراء في قضايا حقوق الإنسان لبحث ملفات الاعتقالات واختفاء الأشخاص، كما ينتظر حضور خبراء في المجال الدستوري. وأضاف أنه «بعد ست سنوات من الحرب ومغادرة نصف السكان ديارهم... من المتوقع أن تكلف إعادة الإعمار نحو 250 مليار دولار». وأشار إلى «مجموعة كبرى من العوائق ومن الجهات المعنية والمصالح المتباعدة والخطر الحقيقي باقتسام الاراضي وتهديد وحدة واستقلال» سوريا.
ورغم تأخر الوفد الحكومي في السفر إلى جنيف، فإن الأرجح حضوره ضمن هذه الجولة. ولفتت مصادر متابعة لملف المحادثات إلى نية الوفد الحكومي السفر ليوم واحد إلى جنيف، قبل العودة إلى دمشق. وتشير المعطيات إلى أن موسكو تعمل بنشاط مع دي ميستورا لضمان حضور الوفد الحكومي، إذ أعلنت أمس مقترحاً ببدء هدنة ليومين (28 - 29 تشرين الثاني) في منطقة غوطة دمشق الشرقية، التي تشهد أطرافها الغربية اشتباكات عنيفة، خاصة في محيط حرستا وجوبر. وهي هدنة تماثل ما سبق أن طرحته موسكو في جولات سابقة من المحادثات. كلك أفادت معظم وسائل الإعلام الروسية، نقلاً عن مصادر ديبلوماسية، بتأجيل مؤتمر «الحوار الوطني» المقرر عقده في سوتشي، إلى شباط من العام المقبل، وهو ما لا يمكن قراءته خارج الجهود الدولية لمنح فرصة جدّية لجولة المحادثات جنيف. وفي هذا الشأن، قال نائب وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، إن من الصعب حالياً الحديث عن مواعيد عقد مؤتمر «الحوار الوطني»، مضيفاً أن «الإعداد لعقد المؤتمر يجري بشكل مكثف».
وفي المؤتمر الصحافي الأول لوفد المعارضة الموحّد من جنيف، أعلن رئيس الوفد نصر الحريري استعداد المعارضة لخوض محادثات جدية ومباشرة مع الوفد الحكومي، مشيراً إلى أن وفد «الهيئة» يخوض المحادثات بهدف «مغادرة بشار الأسد الحكم مع بداية المرحلة الانتقالية»، ولا ينطلق من كون هذا المطلب شرطاً مسبقاً. وقال إنه «بينما نأمل أن يكون هناك وفد للنظام مستعد للتفاوض بجدية، نجد أن النظام ما زال يماطل ويعرقل التقدم في الحل السياسي».
(الأخبار)