رفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب سماعة هاتفه أمس، على الاتجاهين: متّصلاً ومتلقّياً، بعدما بادر إلى مهاتفة كلّ من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والملك الأردني عبدالله الثاني، وأيضاً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لإبلاغهم نيّته «نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس» المحتلة، وفق بيانات الرئاسة الفلسطينية والمصرية والديوان الملكي الأردني.
هذه البيانات قالت إن الثلاثة حذروا من تداعيات وخطورة مثل هذا القرار على «عملية السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم»، كما أنه «سيقوّض جهود الإدارة الأميركية لاستئناف العملية السلمية، ويؤجّج مشاعر المسلمين والمسيحيين»، من دون أن يوضحوا هل سيكون النقل فوراً أو يؤجّل قليلاً. ومن جهة أخرى، قال البيت الأبيض إن ترامب أجرى اتصالاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في الشأن نفسه، من دون المزيد من التفاصيل.
وبينما نقل المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، عن عباس قوله إنه «لا دولة فلسطينية من دون القدس الشرقية عاصمة لها، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية»، حذر عبدالله من «خطورة اتخاذ أي قرار خارج إطار حل شامل يحقق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية»، فيما اتصل الأخير بـ«أبو مازن»، مؤكداً له فيه «الدعم الكامل للأردن للأشقاء الفلسطينيين في الحفاظ على حقوقهم التاريخية الراسخة في مدينة القدس». أما السيسي، فقال البيان الرسمي إنه أكد لنظيره الأميركي «الموقف المصري الثابت بشأن الحفاظ على الوضعية القانونية للقدس في إطار المرجعيات الدولية».
مع ذلك، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن من المتوقع أن يعلن ترامب غداً (الأربعاء) أنه سيؤجّل مجدداً نقل السفارة، لكنه سيشدد على أنه يرغب في فعل ذلك، كذلك سيقول «على الأرجح إن الولايات المتحدة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل»، ولا سيما أنه في مساء الإثنين الماضي انتهت المهلة المحددة لاتخاذ القرار بشأن النقل قبيل مرور ستة أشهر مقبلة تتعلق بقانون أميركي قديم في هذا الشأن. وقالت متحدثة باسم البيت الأبيض: «الرئيس كان واضحاً حيال هذه المسألة منذ البداية: السؤال ليس هل ستنقل السفارة بل متى».

ردود واسعة

على ذلك، صدرت ردود فعل دولية وإسلامية وعربية واسعة، كان أبرزها تحذير الاتحاد الأوروبي، أمس، من أن أيّ «خطوة أحادية الجانب» حول تغيير وضع القدس، ستكون لها انعكاسات سلبية على مستوى العالم، موضحاً أن «عملية السلام ستتأثر سلباً في حال إقدام الولايات المتحدة على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل».
في الإطار الأوروبي نفسه، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه من احتمال إقدام واشنطن على الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل» من جانب واحد، وذلك في مكالمة هاتفية أجراها مع ترامب أمس. وشدد ماكرون على «ضرورة بحث وضع القدس في إطار محادثات السلام التي ستجري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي». كذلك، اتصل محمود عباس بماكرون، لبحث «التداعيات المحتملة لقرار الرئيس الأميركي المتوقع».
وصدر تصريح شبيه به عن وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل، الذي حذّر من عواقب القرار الأميركي، قائلاً أمس: «كل ما يتسبّب في تصعيد الأزمة أمر غير بنّاء في هذا الوقت، ويحمل في طيّاته عواقب بعيدة المدى».
على المستوى العربي، قال بيان لجامعة الدول العربية إن «الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل اعتداء صريح على الأمة العربية»، مطالبة واشنطن بـ«لعب دور محايد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط»، وذلك في وقت قالت فيه رام الله إن «القيادة الفلسطينية تدرس المطالبة بعقد قمة عربية طارئة وعاجلة إذا ما اعترفت الولايات المتحدة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو قررت نقل سفارتها إليها».
أما السعودية، فقالت إن القرار «سيكون له تداعيات بالغة الخطورة واستفزاز لمشاعر المسلمين كافة»، فيما اتصل الملك سلمان بترامب، مبلغاً إياه أن نقل السفارة «خطوة خطيرة ستؤجّج مشاعر المسلمين»، ومضيفاً أن ذلك «يسبق الوصول إلى تسوية نهائية وسيضر بمفاوضات السلام».

من المقرر أن تتم
أهم مراحل المصالحة في
10 كانون الأول


وصدرت بيانات استنكار واسعة من كل من الأزهر في مصر، وتركيا والكويت والمغرب (اتصل ملكها بترامب) ودول أخرى، فيما هاجم مسؤولون إسرائيليون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بسبب تلويحه بـ«قطع العلاقات مع إسرائيل» في حال تمت هذه الخطوة. كذلك تسلّم أمير قطر تميم بن حمد رسالة من عباس في الشأن نفسه. في غضون ذلك، أعلنت الفصائل والقوى الفلسطينية كافة أنها ستنظم «أيام غضب شعبي» احتجاجاً على القرار الأميركي أيام الأربعاء والخميس والجمعة «في كل أنحاء الوطن... والتجمع في كل مراكز المدن والاعتصام أمام السفارات والقنصليات الأميركية».

الحمدالله إلى غزة مجدداً

على صعيد سياسي آخر، التقت قيادة «حركة المقاومة الإسلامية ــ حماس» في غزة، أمس، بقادة الفصائل الفلسطينية، لبحث ملفّي المصالحة، والتوجهات الأميركية الأخيرة. وترأس الاجتماع رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، كما حضره قائد الحركة في القطاع، يحيى السنوار.
وشاركت في الاجتماع غالبية الفصائل الفلسطينية عدا «فتح»، فيما أكدت «حماس» نيتها «السير قدماً في ملف المصالحة... ولن نتراجع عن تسليم الحكومة (الوفاق الوطني في رام الله) وتمكينها كاملاً». لكنها شددت على أنها تنتظر مقابل ذلك أن تتسلم رام الله مسؤولياتها كافة في العاشر من الشهر الجاري، فيما سيشرف الوفد الأمني المصري، الموجود في القطاع منذ 27 تشرين الثاني الماضي، على «إتمام عملية تسليم الحكومة كامل مؤسساتها ومهامها».
وفي تطور لافت، أعلنت «الوفاق» أمس أنها ستصل بأعضائها كافة إلى غزة اليوم (الأربعاء). وقال المتحدث باسم الحكومة، يوسف المحمود، في تصريح رسمي، إن «رئيس الوزراء رامي الحمدالله، وأعضاء الحكومة كافة، سيتوجهون إلى قطاع غزة».
ووفق المعلومات، من المقرر طبقاً للضمانات المصرية أن تدفع رام الله «سلفة مالية قبل العاشر من الشهر الجاري لموظفي غزة»، بالتزامن مع تسلمها الجباية الداخلية في غزة»، كما عليها أن ترفع «بعض الإجراءات العقابية المتخذة ضد غزة قبل الموعد نفسه».
(الأخبار)





استنفار إسرائيلي... مع «اطمئنان حذر»

أعلن جيش العدو الإسرائيلي حالة «رفع الجاهزية» في كل وحداته في أعقاب الحديث الأميركي عن «إعلان القدس عاصمة إسرائيل». وأوصى بنيامين نتنياهو أعضاء الكنيست بالاستعداد لما بعد هذا الإعلان الذي وصفه بـ«التاريخي». وقال في جلسة «لجنة الأمن والخارجية» أمس إن على جميع الجهات الاسرائيلية الاستعداد لسيناريو التصعيد، لكنه أوضح أنه لدى الأذرع الأمنية «لا توجد معلومات دقيقة تفيد بأن ردّ الفعل سيكون عنيفاً».
وهو الرأي الذي ذهب إليه رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي السابق عاموس يادلين، قائلاً إن الفلسطينيين والعرب والأتراك «يهدّدون بمسدس فارغ»، ومبرراً ذلك بأن «الرأي العام العربي مشغول في قضايا الصراع بين السعودية وإيران في اليمن ولبنان».
مع ذلك، أمرت الولايات المتحدة موظفيها الرسميين، أمس، بتجنّب زيارة القدس القديمة والضفة المحتلة، موجّهة إلى أنه «مع الدعوات الواسعة للخروج في مظاهرات... لا يسمح للموظفين الحكوميين الأميركيين وأفراد عائلاتهم، حتى إشعار آخر، بالسفر شخصياً» إلى هناك.
(الأخبار)