تتوسع ردود الفعل الشعبية، عربياً وعالمياً، ضد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القدس. وساعدت تجمعات صلاة الجمعة، أمس، على تحشيد تجمعات في الدول الإسلامية، تظاهرت في أغلب تلك الدول رفضاً للقرار، فيما تبنت دول مثل تونس حراكاً ديبلوماسياً إلى جانب الشعبي، في التعبير عن موقفها المؤيد لفلسطين. وخلال أمس، الذي أطلق عليه البعض «جمعة غضب»، شهدت العاصمة الأردنية عمّان، تظاهرة وُصفت بـ«غير المسبوقة»، إذ انطلق عشرات الآلاف عقب صلاة الجمعة من أمام المسجد الحسيني.
وتحت اسم «جمعة النفير للقدس» أحرق المتظاهرون الأعلام الأميركية والإسرائيلية، داعين إلى إلغاء معاهدة «وادي عربة». الحال نفسها تكررت في العاصمة المصرية، القاهرة، التي شهدت تظاهرات حاشدة بعدما خرج مئات المصلين من الجامع الأزهر، وفي منطقة الهرم في الجيزة، احتجاجاً على قرار ترامب. وبينما امتلأت باحات الأزهر، منعت قوات الأمن المصرية العشرات من المشاركين، من الوصول إلى ميدان العتبة القريب وأغلقت الطرق. وعممت وزارة الأوقاف والأزهر خطبة الجمعة، لدعم هوية القدس العربية وإدانة قرار ترامب، وتخللها هجوم عنيف على ترامب وقراره. كذلك هاجمت مساجد «الجمعية الشرعية»، البالغ عددها 15 ألف مسجد، في خطبة معممة، قرار ترامب، مؤكدة أنه «هو الإرهاب الحقيقي».
وفي تونس، استدعى الرّئيس الباجي قائد السبسي، السفير الأميركي دانيال روبنشتاين، لإبلاغه موقف بلاده الرافض لقرار الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني. وتواصلت لليوم الثاني التظاهرات والاحتجاجات في مختلف مدن تونس، وعبّر التونسيون في مختلف محافظات البلاد عن غضبهم وتنديدهم، في وقتٍ دعا فيه «الاتحاد العامّ التونسيّ للشغل» إلى تظاهرة مليونية. كذلك دعوا إلى «تجريم التطبيع» و«طرد السفير الأميركي من البلاد». بالتوازي، قالت الخارجية المغربية في بيانٍ أمس، إنها استدعت القائمة بأعمال السفير الأميركي في الرباط، ستيفاني مايلي، لإبلاغها بالموقف الرافض لقرار الرئيس الأميركي. ودعت أحزاب إلى المشاركة في «المسيرة الوطنية للشعب المغربي» غداً، في العاصمة الرباط.
بدوره، أكد الشعب العراقي المضمون نفسه بصورة لافتة، إذ تظاهر مئات الآلاف في عموم المحافظات بما فيها بغداد والبصرة والأنبار والموصل ومدن أخرى تنديداً بالقرار الأميركي. وانطلقت مسيرة حاشدة وموحدة في العاصمة العراقية عقب صلاة الجمعة بمشاركة رجال دين والسفير الفلسطيني لدى بغداد. وبرغم الأوضاع الصعبة التي يعيشها اليمن، خرجت تظاهرات شعبية حاشدة في العاصمة صنعاء، وفي كل من تعز وصعدة وأبين، رفضاً للقرار الأميركي ودعماً للشعب الفلسطيني.
ووصلت التظاهرات المنددة بإعلان ترامب إلى قلب الولايات المتحدة، حيث صلّى العشرات من المسلمين أمام البيت الأبيض، فيما انطلق متظاهرون مناصرون لفلسطين في مسيرة في مدينة شيكاغو دعا إليها «التحالف من أجل العدالة في فلسطين». من جانب ثانٍ، شهدت شوارع تركيا تظاهرات في الميادين العامة، رفعت فيها الأعلام التركية والفلسطينية، فضلاً عن ترديد هتافات منددة بالولايات المتحدة و«إسرائيل». واحتشد الأترك في 81 مدينة وقرية أبرزها ساحات مسجد السلطان محمد الفاتح في إسطنبول عقب صلاة الجمعة. كذلك كانت العاصمة الإيرانية طهران وعدد من مدن البلاد، مسرحاً لتظاهرات غاضبة بعد صلاة الجمعة تنديداً بالخطوة الأميركية. وفي إندونيسيا وماليزيا، خرج آلاف المحتجين في مسيرات لإدانة قرار واشنطن، فيما شددت السلطات الأمن حول سفارتي الولايات المتحدة في البلدين. أما في باكستان، فنظمت «الجماعة الإسلامية» مسيرات في المدن كافة بعد صلاة الجمعة. كذلك طلبت إسلام أباد من واشنطن «إعادة النظر في أي تحرك يغير الوضع القانوني والتاريخي للقدس». وفي بنغلادش، شارك قادة المنظمات الإسلامية ومؤيدوها في تظاهرة احتجاجية أمام المسجد الوطني في دكا. كذلك، تظاهر المئات من المواطنين الأفغان في مدينة مزار شريف، بعد صلاة الجمعة.
وفي المواقف السياسية الدولية، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن القرار الأميركي يتناقض مع كافة الاتفاقيات. وأضاف أن نظيره الأميركي ريكس تيلرسون لمّح إلى أن الولايات المتحدة تأمل اعتماد «صفقة القرن... التي ستحل بضربة واحدة المشكلة الفلسطينية - الإسرائيلية».
وبينما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن الرئيس التشيكي، ميلوش زيمان، قوله إن «بلاده ستتبع» الخطوة الأميركية، نفت سفيرة التشيك لدى مصر، فيرونيكا كوخينيوفا، ما تردد بشأن اتخاذ حكومة بلادها قراراً بنقل سفارتها من تل أبيب. ونقلت وكالة «أنباء الشرق الأوسط»، أمس، عن كوخينيوفا قولها، إن بلادها «ملتزمة نتائج مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذى يعتبر القدس العاصمة المستقبلية لكلتا الدولتين».
وشغل مواقع التواصل الاجتماعي أمس، غياب مدينة القدس والقرار الأميركي عن خطبة الجمعة في المسجدين، الحرام والنبوي، في السعودية. إذ اكتفى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ ماهر بن حمد المعيقلي، بجملة واحدة في بداية خطبته، عن القدس، تناول فيها فقط دور السعودية في «التضامن مع المسلمين وحماية مقدساتهم». وفي المدينة المنورة، تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله البعيجان عن «تعاقب فصول السنة والعبر المستخلصة من تعاقبها»، من دون أن يتطرق أبداً إلى قضية القدس.