يواصل تحالف العدوان على اليمن عمليات التحشيد الميداني على أكثر من جبهة، تمهيداً للخطط التي يعتزم تنفيذها باتجاه الساحل الغربي وصنعاء. تحشيدٌ تحاول السعودية التغطية عليه باتخاذها خطوات ذات طابع إنساني، تحظى بممالأة واضحة من قبل الولايات المتحدة، التي لا يبدو أنها تعارض، إن لم تكن داعمة لمشاريع «الغزو» الجديدة. في المقابل، تتابع «أنصار الله» مساعيها لسدّ الثغرات التي قد تحاول الرياض وأبو ظبي النفاذ من خلالها؛ بناءً على اعتقادهما بأن مقتل الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، أحدث شرخاً يسهل اللعب عليه وزرع بذور الفتنة فيه.
في هذا الإطار، يأتي قرار العفو العام الذي اتخذه، أمس، رئيس المجلس السياسي الأعلى، صالح الصماد، إذ أصدر الأخير قراراً يحمل الرقم 132، ينص على «العفو عن كل مدني شارك في فتنة خيانة ديسمبر 2017»، و«الإفراج عن كل موقوف بسبب تلك الأحداث»، مستثنياً من ذلك «من ثبت ارتكابه جريمة قتل أو الشروع فيها»، و«من ثبت تورطه في التخطيط لتلك الفتنة أو التخابر من أجلها مع تحالف العدوان». وجاء القرار، بناءً على ما ورد في نصه الذي نشرته وكالة «سبأ» الرسمية، «حرصاً على لمّ الشمل وتجاوز الآثار المؤسفة الناتجة من تلك الأحداث المؤلمة... وتأكيداً على مبدأ الشراكة بين أبناء الوطن بمكوناته السياسية، ودحضاً للمزاعم الكاذبة التي ترددها أبواق إعلام العدو الخارجي، والتي تهدف إلى شق الصف...».
وفي الاتجاه نفسه، جاء قرار الصماد، أول من أمس، تعيين قياديَين من حزب «المؤتمر الشعبي العام» في منصبين رسميين. والقياديان هما: حمود عباد، الذي سبق له أن شغل منصب محافظ محافظة ذمار، ووزير الأوقاف، ووزير الشباب والرياضة، قبل أن يعينه الصماد أميناً عاماً لأمانة العاصمة. أما القيادي الآخر، فهو عضو اللجنة الدائمة في حزب «المؤتمر»، محمد حسين المقدشي، الذي عيّنه الصماد محافظاً لمحافظة ذمار. وإلى جانب تلك الخطوات السياسية، تتتابع، على المستوى الميداني، عمليات التحشيد القبلي من ذمار وإب ومناطق محيط صنعاء باتجاه مديرية نهم، حيث تحاول القوات الموالية لـ«التحالف» التقدم إلى أرحب الفاصلة بين نهم وصنعاء.

أعلن «التحالف»
أنه سيبقي ميناء الحديدة مفتوحاً لمدة شهر


على المقلب السعودي، وفي محاولة من الرياض للتغطية على العمليات العدائية الجديدة التي تنوي تصعيدها دونما مبالاة بما ستحصده من أرواح إضافية، أعلنت قيادة «التحالف» أنها ستبقي ميناء الحديدة، المنفذ الرئيسي لدخول الغذاء والمساعدات الإنسانية إلى اليمن، مفتوحاً لمدة شهر، عازية ذلك، في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية، إلى ما ادعت أنه «حرص دول تحالف دعم الشرعية في اليمن على تقديم المساعدات الإنسانية للشعب اليمني الشقيق، وتكثيف الإجراءات المتعلقة بالتفتيش». خطوة سرعان ما بادرت الولايات المتحدة إلى مسايرتها، مبدية، عبر المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، ترحيبها بالقرار السعودي. ولم تفت ساندرز، طبعاً، إعادة التشديد على الرواية السعودية بشأن الصواريخ البالستية اليمنية التي تطال العمق السعودي، إذ حمّلت إيران المسؤولية عن الصاروخ الأخير الذي استهدف قصر اليمامة في الرياض، داعية مجلس الأمن إلى «محاسبة إيران على انتهاكاتها المتكررة والصارخة لقرارات المجلس».
الدعوة نفسها كان قد تم تجديدها، ليل الأربعاء ــ الخميس، خلال مباحثات هاتفية بين الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تناولت سبل «محاسبة النظام الإيراني على أعماله العدوانية، وضلوعه في تزويد الميليشيا الحوثية التابعة له بالصواريخ لتهديد أمن واستقرار المملكة ودول المنطقة»، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعودية. من جهته، أكد البيت الأبيض، في وقت لاحق، حدوث الاتصال، لافتاً إلى أن الجانبين «اتفقا على أهمية تنشيط عملية سياسية لإنهاء الحرب في اليمن»، مضيفاً أن «العاهل السعودي أطلع الرئيس الأميركي على خطة سعودية لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية»، في تصريحات لا يمكن عدّها مؤشرات إيجابية؛ بالنظر إلى التصعيد المتواصل على الأرض بتغطية أميركية، وإلى أن «الخطة الإنسانية السعودية»، وفقاً لما هو ظاهر إلى الآن، لا تعدو كونها محاولة لتمويه ذلك التصعيد.
على خط مواز، وفيما تتباهى السعودية بـ«خطتها الإنسانية»، مُمنّيةً الشعب اليمني بها، تتسارع المؤشرات إلى استمرار التدهور في الأوضاع الغذائية والصحية لليمنيين بفعل استمرار الحصار المفروض على البلاد. وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أمس، ارتفاع عدد الإصابات المحتملة بوباء الكوليرا إلى مليون حالة، فيما يعاني أكثر من 80 في المئة من السكان نقصاً في الغذاء والوقود والمياه النظيفة والرعاية الصحية. وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت، في الثالث من ديسمبر الجاري، من أن تفشّياً جديداً للكوليرا قد يضرب اليمن خلال أشهر، بعد إغلاق «التحالف» المنافذ الجوية والبرية والبحرية، ما أدى إلى انقطاع الوقود عن المستشفيات، وتوقف ضخ المياه، وعدم وصول المساعدات إلى أطفال يتضوّرون جوعاً.
(الأخبار)