بعد حوالى أسبوعَين من اتخاذها قراراً بمنع ركوب التونسيات على متن طائراتها، أعلنت الإمارات، يوم أمس، «عودة الإجراءات المتبعة» في رحلات الطيران مع تونس إلى «ما كانت عليه قبل الظرف الطارئ»، من دون تقديم اعتذار إلى السلطات التونسية التي كانت طالبت بذلك عقب اندلاع الأزمة. وعزت وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان، قرارها الجديد إلى «التواصل الأمني المكثف والمعلومات التي تم الحصول عليها من الجانب التونسي»، واضعة إياه «في إطار العلاقة الثنائية مع الجمهورية التونسية الشقيقة، وحرصاً على سلامة الملاحة الجوية، وكذلك في إطار دفع الأخطار والتهديدات التي يجب دفعها على أوسع مدى».
وثمنت الوزارة «غالياً المعلومات التي أفاد بها الجانب التونسي، وحرصه على تبديد كل دواعي القلق التي كانت لدى الناقلات الوطنية لدولة الإمارات، الأمر الذي يكفل أعلى درجات الأمن والسلامة للرحلات الجوية وركابها». ولم يصدر، على الفور، تعليق من السلطات التونسية على القرار الإماراتي الجديد.
وتأتي خطوة أبو ظبي هذه بعد يوم انتشار وثيقة، قيل إنها مسربة من «إدارة تخطيط السياسات» في وزارة الخارجية الإماراتية، تتضمن توصيات بشأن كيفية التعامل مع الأزمة. وتوصي الوثيقة، الموجهة إلى خمسة مسؤولين إماراتيين من بينهم وزير الخارجية عبد الله بن زايد ووزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، بـ«استبعاد فرضية الاعتذار لتونس؛ كون الاعتذار يسيء لصورة دولة الإمارات؛ لأن الأمر يتعلق بقرار سيادي أمني يجب التمسك به». وتنبه الوثيقة إلى أن «الإضرار بموقف حزب نداء تونس سيصب في مصلحة حركة النهضة؛ لذلك يوصى بعدم إضعاف موقف الرئيس السبسي وحزبه، ومن هنا ضرورة ابتعاد الخطاب السياسي والإعلامي الإماراتي عن أي تهديد مباشر أو غير مباشر لمصالح التونسيين المقيمين في الإمارات الذين يُقدر عددهم بنحو 28 ألفاً». كما توصي الوثيقة بضرورة «تحريك جمعيات ومواقع إعلامية داخل تونس لقلب النقاش ضد النهضة؛ لكونها المسؤولة عن الأعداد الكبيرة من الداعشيات التونسيات اللواتي أصبحن يسئن للمرأة التونسية وصورتها التقدمية في الأذهان».
وفيما لو كانت الوثيقة المذكورة - الصادرة بتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول - صحيحة، فإن القرار الإماراتي الجديد يُعدّ تساوقاً مع ما جاء فيها؛ كونها أوصت أبو ظبي، في إحدى نقاطها، بضرورة «الربط بين قرارها (الأول) وفكرة التدخل الأمني الوقائي والاستباقي، وأن تعتبر أن القرار يدخل ضمن الإجراءات الزمنية الاحترازية المؤقتة، التي قد تُرفع بعد زوال الخطر، فالأمر يتصادف مع حركة تنقل المقاتلين الإرهابيين الأجانب عبر المطارات، كما أنه يتصادف مع المعلومات التي تشير إلى أن تنظيم داعش أصدر أوامره بتوظيف النساء في عملياته الإرهابية، بعد الحصار المضروب على المقاتلين الإرهابيين الذكور»، الأمر الذي يعني أن الإمارات تستطيع تبرير التراجع عن قرارها بدعوى زوال الخطر، وهو ما يلمّح إليه بيان الخارجية الإماراتية في حديثه عن «معلومات تم الحصول عليها من الجانب التونسي».
يُذكر أن قرار الإمارات، في 22 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حظر سفر التونسيات على متن طائراتها أثار سخطاً تونسياً على المستويين الشعبي والرسمي، واستدعى قراراً من السلطات بتعليق رحلات شركة طيران الإمارات من وإلى تونس.
(الأخبار)