يتقدم الجيش السوري بسرعة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، مستفيداً من التعزيزات الكبيرة التي وصلت الجبهة خلال الأسابيع الماضية، والتغطية الجوية النشطة التي تستهدف خطوط إمداد الفصائل المسلحة نحو بلدات ريف إدلب الكبرى وسط وغرب المحافظة.
التحرك الذي يستهدف السيطرة على كامل ريف إدلب الشرقي وامتداده نحو ريفي حلب وإدلب، أتى كخطوة أولى، يفترض أن تتبع لاحقاً بتحرك من جنوب حلب في محيط الحاضر وخناصر، لإكمال السيطرة على منطقة مطار أبو الضهور العسكري وكامل المحيط الشرقي لطريق حلب ــ حماه الدولي. وفي موازاة تحرك الجيش سريعاً نحو الشمال، وسيطرته على بلدتي أم رجم وتل خزنة، تقدم أمس، شرق بلدة أبو دالي، وسيطر على قريتي مشهد ومريقب المشهد. وسيتيح التوسع شرقاً على هذا المحور، تكثيف الضغط على الفصائل المسلحة في الجيب الممتد شرقاً نحو الرهجان، وإذا ما استكمل الجيش تحركه، فقد تضطر حينها إلى الانسحاب نحو غرب خناصر. ويضيف وجود «داعش» في تلك المنطقة تحدياً إضافياً للعمليات هناك، ولا سيما أن التنظيم يهاجم «هيئة تحرير الشام» هناك، ويتقدم في منطقة الحوايس، التي تقع قرب الحدود الإدارية بين محافظتي حماه وإدلب.
وعلى المحور الشمالي انطلاقاً من بلدة أبو دالي، وصل الجيش إلى قرية الشيخ بركة، التي تقع على المدخل الجنوبي لبلدة سنجار. ومن المتوقع أن تصل القوات البرية إلى محيط البلدة خلال وقت قصير، بعدما كثّف سلاح الجو من استهدافه لمواقع المسلحين داخلها. وتعد البلدة إحدى أبرز النقاط السكنية، على طريق تقدم الجيش نحو مطار أبو الضهور العسكري، حيث تبعد نحو 16 كيلومتراً عنه فقط. واستخدمت «تحرير الشام» البلدة كنقطة وصل نحو مناطق سيطرتها سابقاً في بادية إدلب الشرقية، وصولاً إلى محيط طريق السلمية ــ أثريا.
ويأتي تقدم الجيش في وقت تشهد فيه الأوساط المعارضة جدلاً واسعاً حول مسؤولية تقدم الجيش السريع في ريف إدلب. إذ يحمّل جزء من الفصائل وزر الخسائر، على «تحرير الشام»، التي «تنسحب من دون قتال» على حد تعبيرهم، بينما يرى آخرون أن غياب الفصائل التي شاركت في محادثات أستانا، عن الجبهات هو ما يسهّل مهمة الجيش السوري. وفي ضوء دعوات من بعض قادة وشرعيي الفصائل لانتشار قوات من الجيش التركي، على الجبهات المشتركة مع القوات الحكومية في محيط إدلب، بدا لافتاً أمس، ما تناقلته أوساط معارضة، عن اجتماع دُعي إليه عدد من مسؤولي الفصائل المسلحة في العاصمة الأميركية واشنطن.

ستستضيف واشنطن
اجتماعاً لمسؤولي
فصائل مُعارِضة
وبينما لم يصدر أي تصريح رسمي بشأن اجتماع كهذا، قال رئيس المكتب السياسي في «لواء المعتصم» (يتركز نشاطه في ريف حلب الشمالي، ضمن فصائل «درع الفرات» المحسوبة على تركيا)، مصطفى سيجري، الذي ورد اسمه كأحد المدعوين إلى الاجتماع، إن «الحضور في واشنطن» سيكون «بداية النهاية للوجود الإيراني» في سوريا، إلى جانب «إفشال مؤتمر الخيانة في سوتشي». ولمّح سيجري في معرض رده على أحد الموالين لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، إلى أن زيارة واشنطن ستكون «سبب إنهاء سيطرة ميليشياتكم الإرهابية على مناطقنا»، في إشارة إلى «قوات سوريا الديموقراطية».
وعلى صعيد آخر، عزز الجيش السوري نقاطه في محيط مبنى محافظة ريف دمشق وفرع الأمن الجنائي في حرستا، خلال عملية تقدمه لفك الحصار عن إدارة المركبات. وشهد أمس نشاطاً واسعاً لسلاح الجو في محيط خط الاشتباكات، التي تركزت بين جامع أبو بكر ومستشفى البشر، وشمالاً باتجاه محيط الفرن الآلي. وبالتوازي مع الاشتباكات في حرستا، ندد عدد من أهالي بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم، مجدداً، بتعطيل عدد من المجموعات المسلحة لاتفاق التسوية الخاص بالمنطقة.
وفي سياق منفصل، وتعقيباً على الهجوم الذي استهدف قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية، نقلت وسائل إعلام روسية عن عدد من الخبراء العسكريين الروس، ما مفاده أن القصف جرى باستخدام أسلحة دخلت عبر الحدود التركية ــ السورية. وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أشارت، بعد محاولة سابقة لاستهداف القاعدة الجوية وإسقاط مقاتلة سورية بصاروخ حراري، إلى أن ذلك يُعَد دليلاً واضحاً على أن خط إمداد المسلحين لم يتوقف، وأن العديد من الدول ما زالت تراهن على الحل العسكري.
(الأخبار)