القاهرة ـ الأخبار | تراهن جماعة «الإخوان المسلمين»، بوضوح، على أن بقاء الرئيس المصري الأسبق والمنتمي إليها، محمد مرسي، في السجن، هو ورقة ضغط محلية ودولية على النظام المصري. وترى أن أي مساس بمرسي سوف يقلب الطاولة على رأس عبد الفتاح السيسي ومن حوله. لعل في ذلك شيئاً من الصواب لو نظرنا إلى ما لهذه الخطوة من تأثيرات، والفارق بين الضغط بالاعتقال أو بالإعدام. لكن إجراءات التقاضي الطويلة في مصر والحسابات السياسية داخلياً وخارجياً تؤكد أن تطبيق حكم إعدام بحق مرسي، أو المرشد العام محمد بديع وأي قادة على مستوى عال، لن يكون قريباً.
تأسيساً على ذلك، ترى «الإخوان» أن النظام قد يسعى إلى «حيلة» أخرى «يصفّي» فيها مرسي ومن معه داخل السجن، عن طريق الانتحار أو السمّ، أو حتى سيناريو «الهرب الثاني» الذي يقضي بإدخال عناصر لتحرير الرئيس الأسبق من السجن، ثم قتلهم جميعاً.
نظريات كثيرة راجت في الأيام الأخيرة، وضجّت بها مواقع إخوانية وأخرى ــ منها صحف ــ محسوبة على النظام. فالأولى، كموقع «إخوان الدهلقية»، ترى أن «فشل محاولة قادة الانقلاب عبر التعجيل في تنفيذ أحكام الإعدام واعتراضات سعودية على هذا السيناريو كسيناريو أول، ألجأ العسكر إلى وسيلة أخرى تبرر لهم تصفية الرئيس عبر صناعة فوضى أو مسرحية هرب من السجن، على غرار خطة حبيب العادلي بفتح السجون إبان ثورة يناير لإثارة الفوضى في البلاد».
بعد «الافتضاح الإعلامي»
جاءت المحاولة الثالثة للتصفية عبر العبث بالملف الطبي

وراح الموقع يستدل بغياب مرسي قبل يومين عن «جلسة المحاكمة في هزلية التخابر مع قطر لأسباب صحية، ما يثير مخاوف على صحة أول رئيس مدني منتخب ديموقراطياً في تاريخ مصر القديم والحديث»، ونقلت أن «محكمة جنايات القاهرة قررت تأجيل المحاكمة المتهم فيها الرئيس و10 من قادة الإخوان إلى 2 آب المقبل بحجة تعذر حضور الرئيس مرسي من محبسه، وزعمت أن الطبيب أوصى بعدم خروج الرئيس لإصابته بانخفاض مستوى السكر، وقدمت مستنداً رسمياً بذلك من الطبيب المختص».
من هنا، انطلقت قناة «مكملين» الإخوانية لتحذر من أن غياب مرسي يعود إلى «إصابته بوعكة صحية لأن المكان المحتجز فيه يشهد قصوراً طبياً شديداً، كما لا توجد استجابات من مصلحة السجون لتقديم رعاية طبية تليق به».
وتظهر في غالبية الروايات أن ثمة رهاناً إخوانياً على «اختلاف في وجهات النظر (من طرف مصر) مع الممول السعودي»، لذا «تم التفكير في موضوع التصفية في إطار تمثيلية الهرب الثاني، وبعدما أخفقت المحاولة بسبب افتضاحها إعلامياً، جاءت المحاولة الثالثة للتصفية عبر العبث بالملف الطبي للرئيس».
أما قصة «الافتضاح الإعلامي»، فهي منسوبة إلى صحيفة «الوطن» المصرية، التي تتهمها الجماعة بأنها مقربة من جهاز «المخابرات العامة». ونقلت تلك المواقع أنه في العدد الصادر في السابع عشر من الشهر الجاري، قالت الصحيفة إن «الإخوان يستعدون لاقتحام السجون وتهريب الرئيس محمد مرسي وقادة جماعة الإخوان». وأضافت عن «الوطن»: «عناصر من التنظيم الدولي للإخوان عقدوا اجتماعاً في أحد فنادق مدينة إسطنبول قبل نحو خمسة أيام بهدف الاتفاق على التحركات خلال المدة المقبلة للإضرار بمصر وباستقرارها، وتم الاتفاق على ما سموه خطة تحرير الأبطال، وهي خطة تم وضعها لاقتحام السجون وتهريب محمد مرسي وعدد من قادة الإخوان، على أن يكون التدريب والتجهيز لذلك بمساعدة أجهزة مخابرات دولية»، ناقلة عنها أنها قدرت عدد المسلحين بنحو ستين، وأن موعد التنفيذ هو منتصف أيلول المقبل. وقد رحب مرسي بذلك، طالباً تنفيذ الخطة قبل «صدور حكم نهائي بإعدامه».
في الوقت نفسه، تداولت المواقع الإخوانية وما حولها تصريحاً منسوباً إلى كاتب يدعى جمال سلطان، قالت إنه رئيس تحرير صحيفة «المصريون»، وكشف فيه عن «عدم رضى أحد أجنحة النظام العسكري عن المخطط الدموي للاقتحام وتصفية المعتقلين»، مضيفاً: «المخطط الذي نسب إلى مصادر مطلعة وهو تقرير أمني بامتياز، تطرق إلى أبعاد أخرى منتظر حدوثها، مثل انفجارات تستهدف سفارات ومناطق سياحية وأخرى حيوية، واغتيالات ستطاول شخصيات سياسية وإعلامية ودينية واقتصادية وغير ذلك».
بذلك، فإن «الإخوان» اعتبرت أن هذا المخطط فضحه إعلام النظام بنفسه، ثم جاء تصريح القيادي في «الإخوان» جمال حشمت، الذي أعلن فيه أن «العسكر والداخلية تعد لفتح السجون مرة أخرى لقتل المعتقلين». وكتب حشمت عبر حسابه الشخصي على «تويتر»: «هم يعدون العدة لتكرارها، لكن لقتل المعتقلين... باختصار، هم يتحملون مسؤولية الحماية».
وقبل أيام، رأت الجماعة أن مقتل ستة أشخاص من معارضي النظام، في جمعة العيد، ليس إلا «رد فعل انتقامي من القَتَلة (في إشارة إلى قوات الأمن المصرية)، على تجذر الإخوان في المجتمع والتفاف الجماهير الغاضبة حولها». وأضاف بيان لـ«الإخوان»، إن الجماعة طالبت «الثوار بالدفاع عن أنفسهم في حال الاعتداء على تظاهراتهم السلمية».
إلى ذلك، قال السفير المصري لدى الجزائر عمر أبو العيش، في نفي هو الثاني من نوعه بعد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، إن سلطات بلاده لم تتلق طلباً جزائرياً بالوساطة بخصوص الحكم بالإعدام الصادر بحق محمد مرسي.