عشية انطلاق «الحوار الاستراتيجي الأميركي - القطري» المرتقب اليوم الثلاثاء في مقرّ وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن، عزّزت قطر محاولات تبييض صفحتها أمام الولايات المتحدة، أملاً في موقف داعم لها في خضم الأزمة الخليجية، التي «يستطيع الرئيس دونالد ترامب حلّها بمكالمة واحدة» على حد تعبير وزير الدفاع القطري، خالد العطية، في كلمة له أمس، بمؤسسة «هيراتيج»، في واشنطن.
وقبيل ساعات من بدء الحوار الذي يشارك فيه، إلى جانب العطية، وزراء الخارجية والاقتصاد والتجارة والطاقة والصناعة والمالية القطريون، ونظراؤهم الأميركيون، أعلن العطية أن بلاده تخطط مع الولايات المتحدة لاستضافة القوات البحرية الأميركية في قاعدة العديد الجوية، إلى جانب القوات الجوية المتواجدة هناك. وقال إن «قطر لن تنسى موقف الولايات المتحدة في 1996 عقب تعرضنا لمحاولة انقلاب من جيراننا، حيث جاءت لمساعدتنا، ونحن فتحنا قلوبنا وأذرعنا لها». وأشار إلى أن «معظم الأنظمة العسكرية الأساسية في قطر أميركية الصنع»، مطمئناً واشنطن إلى أن «علاقتنا العسكرية بالغة العمق، ولن تتأثر بأي صفقة مع طرف ثالث»، في إشارة إلى ما دار الحديث عنه من أن قطر تخطط لشراء منظومة صواريخ «أس 400» من روسيا.

يحضر ملف
«مكافحة الإرهاب» في «الحوار الاستراتيجي»


وتبدو مواقف العطية أشبه ما تكون بمحاولة لخطب ودّ الولايات المتحدة، وإقناعها بعدم الإصغاء إلى الدعوات السعودية والإماراتية لنقل قاعدة العديد من قطر، خصوصاً بعدما ثبت أن ترامب لم يمانع اقتراحاً من هذا النوع، وأبدى استعداده للمضي فيه. محاولة ظهرت أكثر وضوحاً في حديث العطية عن أن «لدينا خطة كبيرة لتوسيع العديد ليكون قاعدة دائمة... نظراؤنا في وزارة الدفاع الأميركية يترددون في استخدام كلمة الدائم، لكننا نعمل من جانبنا لتحقيق ذلك».
هذا الملف الذي سيشكل محوراً رئيساً من محاور «الحوار الاستراتيجي» وفق ما أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، الخميس الماضي، يحضر جنباً إلى جنبه ملف آخر لا يقل عنه هو «مكافحة الإرهاب» الذي ترى فيه الدوحة مادة مناسبة للاستخدام في مغازلة واشنطن ومساعي استمالتها. في ذلك الاتجاه، برز حرص العطية، الذي التقى أمس مجموعة من الضباط الأميركيين المتقاعدين، على تنبيه الولايات المتحدة إلى أن «لا أحد يستفيد مما يجري في منطقة الخليج إلا التنظيمات الإرهابية»، بقوله: «أنا مطلع على العمليات وأشرف عليها، وأعرف كيف أن هذه الفوضى تؤثر على محاربة الإرهاب».
من كل ذلك، أراد العطية الخلوص إلى نتيجة واحدة مفادها بأن على «البيت الأبيض، ممثلاً بالرئيس الأميركي، أن يدعو إلى مفاوضات من أجل حل هذه الأزمة»؛ كونه «الوحيد الذي يستطيع أن يحلها بكلمة واحدة». خلاصة تشي بأن قطر، وعلى الرغم من سلسلة المواقف «الترامبية» التي مالت ضدها منذ بدء الأزمة، لا تزال تعوّل على تبدل أكبر في تموضع واشنطن يتيح لها تقوية موقفها بوجه دول المقاطعة، وأنها لا ترى خلاصاً مما آلت إليه علاقاتها بـ«شقيقاتها» سوى في تثبيت مظلة الحماية الأميركية على رأسها مقابل ثمن تسديه للولايات المتحدة. ذلك أن مبادرتها في تعزيز علاقاتها بخصوم خصومها لا تعدو، بالنسبة إليها، كونها مناورة على هامش العلاقة بواشنطن، لا تلغي حدود الملعب الذي تستطيع الدوحة أداء دورها على أرضيته.
انطلاقاً مما تقدم، تجهد الدوحة منذ اندلاع الأزمة الخليجية في حزيران/ يونيو 2017، في إثبات وفائها للمعايير التي وضعها الأميركيون لأصدقائهم وحلفائهم على غير مستوى، دونما اكتراث إلى أن تلك المعايير - في معظمها - قد لا تعدو كونها مجرد لافتة للتغطية على رغبة واشنطن في استطالة الأزمة. هذه الجهود القطرية تجلت آخر مظاهرها على مستوى أزمة شركات الطيران بين الولايات المتحدة وبين دول الخليج، حيث نقلت وكالة «بلومبرغ» عن مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، أن «الخطوط الجوية القطرية ستعتمد في غضون عام معايير المحاسبة المعترف بها دولياً، وستصدر تقارير سنوية ونتائج أكثر دقة». وأشارت الوكالة إلى أن وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، سيعلن هذا الاتفاق عندما يلتقي نظيره القطري خلال «الحوار الاستراتيجي» (اليوم)، وذلك بعد أسابيع من مفاوضات بين وزارة الخارجية والبيت الأبيض وبين قطر.
(الأخبار)