بعد يوم واحد على استهداف الجيش السوري لدورية استطلاع تركية في ريف حلب الجنوبي، نشّط الجيش السوري عملياته العسكرية في ريف إدلب الشرقي، المتصل بمحيط الحاضر والعيس (من الجهة الجنوبية)، الذي شهد الاحتكاك مع الجيش التركي. تَحرُّك الجيش جاء من محيط مطار أبو الظهور الغربي، وباتجاه الشمال الغربي، نحو بلدة سراقب. وخلال وقت قصير من انطلاق العمليات، سيطر الجيش على أكثر من 10 بلدات وصولاً إلى تل سلطان (شمال غرب) ومحيط كتيبة الدفاع الجوي المهجورة، ومغارة ميرزا على طريق أبو الضهور ــ معرة النعمان.
وبالتوازي تقدم الجيش في ريف حلب الجنوبي، شمال مطار أبو الظهور، وسيطر على قرى الملاحمة وعطشانة شرقية وعطشانة غربية. التقدم الأخير للجيش يضمن طوق أمان واسعاً حول المطار، بما يتيح تحضيره كقاعدة انطلاق لتدعيم خطوط التماس الطويلة الممتدة من غرب بلدة أبو دالي في أقصى جنوب شرق إدلب، وحتى أطراف مدينة حلب الشمالية، وإمداد أية عمليات مرتقبة غرباً نحو محيط طريق دمشق ــ حلب الدولي. وترافق مع استنفار واسع في صفوف المجموعات المسلحة في بلدات شرق إدلب، وخاصة في سراقب، التي باتت خطوط عمليات الجيش الأولى بعيدة عنها أقل من 15 كيلومتراً فقط.
التحرك الأخير للجيش في المنطقة التي تقع بين سكة الحديد وطريق دمشق ــ حلب الدولي، يقرّب القوات السورية أكثر من بلدات وسط محافظة إدلب، وهو ما كانت أنقرة تسعى إلى وقفه عبر محاولتها نشر نقاط لجيشها هناك. وركّز بيان الجيش التركي الذي تحدث عن التفجير الذي أصاب القافلة العسكرية في محيط بلدة الأتارب، على أنها كانت تقوم بنشاطات ضمن إطار اتفاق «خفض التصعيد» المقرّ في أستانا. وحضرت التفاهمات بين تركيا وضامني مسار أستانا الآخرين، أمس في اتصال هاتفي بين الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، إذ أوضح بيان الرئاسة الروسية أن الرئيسين ناقشا ضرورة «المزيد من التنسيق لجهود روسيا وتركيا لضمان عمل مناطق تخفيض التوتر». وبينما اتفق الرئيسان على أهمية ما جرى إقراره في مؤتمر «الحوار الوطني» في سوتشي، أعرب المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا الكسندر لافرينتيف، تعليقاً على حادثة القافلة التركية في ريف حلب، عن «أمله في استقرار الوضع خلال الأيام المقبلة»، مضيفاً أن «من غير المرجح أن يؤثر ذلك على عملية أستانا».

ستعقد جولة «أستانا» المقبلة في أواخر شباط الجاري

وفي السياق نفسه، كشف أن الموعد المقرر الجديد لجولة جديدة من اجتماعات أستانا، هو أواخر شباط الجاري، مضيفاً أن «هناك الكثير بالنسبة إلينا، كممثلين عن الدول الثلاث الضامنة لوقف إطلاق النار، لنقاشه».
وتطرّق الاتصال بين أردوغان وبوتين، إلى العمليات العسكرية التي تشنها أنقرة في منطقة عفرين، من دون أن يُذكر أي تفاصيل ــ بشكل رسمي ــ عن وجهة الحديث. وفي المقابل، وجّهت باريس انتقادات جديدة إلى عملية «غصن الزيتون» التركية، إذ حذّر الرئيس إيمانويل ماكرون، تركيا، من أية محاولة لـ«اجتياح» الشمال السوري. التصريحات جاءت ضمن مقال في صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، وقال ماكرون فيها إنه «إذا اتضح أن هذه العملية ستتخذ منحىً آخر بخلاف التصدي لتهديد إرهابي محتمل على الحدود التركية، وتبين أنها اجتياح، عندها ستكون لدينا مشكلة فعليّة معها». وشهد أمس اتصالاً هاتفياً بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون، بحث فيه الطرفان تطورات الوضع في الشمال السوري، و«مؤتمر سوتشي». وجاء الاتصال في وقت نقلت فيه صحيفة «حرييت» التركية، عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية أدريان رانكين - غالواي، قوله إن وحدات «قوات سوريا الديموقراطية» التي تحركت من مناطق سيطرة «التحالف الدولي» نحو عفرين للمشاركة في القتال ضد الجيش التركي «لم تتحرك بتوجيهات من التحالف... ولا تتلقى دعمه»، مضيفاً أن بلاده «منخرطة تماماً في العمل مع حليفنا التركي لتخفيف حدة التوترات على طول الحدود التركية ــ السورية، وضمان الهزيمة الدائمة لداعش». وحول الوجود والعلاقات الأميركية في منطقة منبج، قال إن «العلاقة الرسمية الوحيدة للتحالف هناك، هي مع مجلس منبج العسكري، وهي قوة ذات أغلبية عربية أنشأت لمحاربة داعش».
وفي موازاة النشاط الديبلوماسي المكثف على خطوط أنقرة، تابع الجيش التركي عملياته في عدد من نواحي عفرين، مع استهدافه المدفعي والجوي لبلدات المنطقة. وأعلن سيطرته على جبل عين بطمان (شمال شرق) وعلى قمة جبل قورنه (شمال)، في وقت وصلت فيه تعزيزات جديدة إلى المنطقة الحدودية. وأشار نائب رئيس الوزراء التركي، بكر بوزداغ، إلى أن حدود عملية «غصن الزيتون» ستقتصر على عفرين «لكنّ العمليات التي ستجري في منبج وشرق نهر الفرات ستكون بمعزل عن هذه العملية». وفي حركة رمزية أمس، احتفلت وسائل الإعلام التركية بتسجيل فيديو، يُظهر استهداف طائرة تركية لنصب كبير للزعيم الكردي عبدالله أوجلان، على أحد الجبال في عفرين.
(الأخبار)