ما هو مرات بتصير القصة إنه مش عارف شو بدك تقول. لما ناجي كان يتضايق كان يرسم، كان يصرخ، كان يسب، كان يجيب سيرة كل ولاد الحرام اللي بيعرفهن واللي ما بيعرفهن. هي هيك هلقد كان حجمها القصة، كان ناجي عارف ع مين بده يسب، ولمين بده يرسم. بوصلة ناجي دايماً كانت فلسطين، فلسطين اللي عنده ما بتختصرها حكاية إمارة بغزة، ولا دكانة برام الله، يمكن عشان ناجي كان غير، وإيامه كانت غير، يمكن عشان هيك الصهيوني قرر يقتله، هلق ما تصدقوا إنه ناجي مات لإنه بس الصهيوني ما بده ياه، كمان في كتير عرب وفلسطينية حتى ما بدهم ياه عايش.
هلق قبل ما حدا يبلش بده يكفرني ويقطعني ومش عارف شو، أه ناجي قبل بأسبوع من اغتياله اتصل بأحد أصدقائه القراب، اللي كانوا معه ببيروت لما كان ببيروت، وقاله بالحرف الواحد: يا سمير، أنا عارف إنهم بدهم يقتلوني، اتصلوا في على البيت شي عشر مرات خلال يومين، قالولي إنهم بيعرفوا كيف بروح على الجريدة، وقالولي كيف طريق الولاد على المدرسة، وقالولي إنهم رح يموتوني حسرة على ولادي. يا زلمة مش عارف شو بدي أقول، يموتوني بس ما يدقوا بالولاد، مش فارقة معي أموت، بس يا أخوي والله حسرة يصير شي لولادي قبلي، والله بفقع، بفقع".
هذا كان الإتصال الأخير بين ناجي وصديقه ذاك. هاي الاتصالات ما أخدتها الشرطة الانكليزية بالاعتبار أبداً لما فتحت تحقيق عشان موت ناجي، عادي، اللي قتلوه ما عملوا اتصالات هيك قالوا البريطانيين، كانوا هاي الإتصالات كانت لعبة ولاد. انفتح التحقيق وبعد عشر أيام سكروه، كأنه ما كان. يا أخي ما احنا مش مهمين عند شعبنا، كيف بدنا نكون مهمين يعني عند البريطاني؟ هلق أنا زعلان يعني عشان البريطانية ما عرفوا مين اللي قتله لناجي؟ ايه ليش ما فتحت المنظمة تحقيق مثلاً؟ أو أي جهة فلسطينية تانية، ما احنا عنا على أساس "جهاز مخابرات" و"سلطة" ومش عارف شو، ليش هيدول ما اشتغلوا وقتها؟ مش مهم، مش مهم.
ناجي كان مزعج للجميع، "كان بيضيق الخلق" زي ما قال مرة أحد "زعماء" التنظيمات بسهرة من السهرات "الوسخة" تبعيتهم. كان ناجي أد ما مزعج أول شخص اتفقوا عليه كلهم، كلهم توحدوا إنه لازم "يغيب"، كيف يغيب مش مهم. قبل ما يطلع من بيروت، وكتار فكروا إنه ناجي طلع عشان الصهيوني احتل العاصمة، لأ معلمي، ناجي طلع عشان كتير من أصدقاءه خبروه، إنه اذا بقيت، كتير من "السفلة" رح يسلموك، ولا بالكويت؟ بالكويت أكم مرة اجاه تهديدات من ناس قراب؟ كم مرة قالوله فلان مسؤول الجهة الفلانية عم يهددك؟ وكم مرة قالوله إنه فلان مش طايقك وآخر شي؟ اشتكوه عند أمير الكويت، اللي قال لجريدة القبس اللي كان يكتب فيها ناجي، إنه "يطيروه" بس القبس كانت وقتها جريدة بتحترم نفسها وكبيرة، فنقلته على فرعها بلندن، القبس الدولية، وما قبلت تطرده: يا زلمة حدا بيطرد ناجي العلي؟؟؟
كان ناجي غير، والله كان غير، يمكن ما حدا بيشبهه إلا غسان كنفاني، كانوا من طينة غير، ما بعرف ليش بتحس إنهم كانوا مش "ولاد معيشة" بتحس إنه غلبط الزمن معهن وخلاهم يكبروا، أحلى شي بناجي كان شعره اللي صار لونه أبيض لما كان أصلا بعد بالمدرسة، كتير ناس كانوا يفكروه كبير بالسن، كانوا يفكروه عمره شي 40 لما كان بالعشرين، ليش؟ يمكن لانه بيعطي ملامح أكبر، بس اكيد عشانه أبيض الشعر. شي تاني عند ناجي مش كتير ناس بيعرفوه، ناجي كان بيحكي زي ما بيرسم، يعني كان زنخ لما لازم يكون "زنخ"، مش منيح يمكن أقول هيك عن ناجي العلي، بس هو فعلا كان هيك. يمكن مش زنخ، يمكن كان "حقاني" بس مع شوية "زيادة". يعني لما "تبول" على شجرات البردقان اللي كان جايبهن أحد الزعماء الفلسطينية وزارعهن بالطابق الحادي عشر ببيته على الروشة ببيروت. المشكلة إنه هاي المزحة اللي عملها ناجي، كلفته قعدة بالمستشىفى شي اسبوع، بس ناجي كان مبسوط إنه خربله ياها للحفلة.
ناجي كان مش بس رسام، حرام نحشره بإنه كان رسّام بس، ناجي كان مناضل، مقاوم، كان سلاحه ريشته ورسمته، كان سابق عصره بالرسم، شو الرسام هو بس شخص بيرسم اشيا حلوة، الرسام هو شخص بيقول إشيا حلوة بس بالرسم. هادا اللي كان مخلي ناجي غير، وروحه غير. وحتى لما استشهد ناجي دفع تمن الاشيا اللي بيآمن فيها وضل يقولها كل حياته، بعدين بيقدر الواحد ينسى كلامه لناجي لما قال: أنا بعرف فلسطين كاملة، لا نصها ولا ربعها، وابن الحرام اللي بيقولي نصها أو ربعها بدي أخلعله نيعه. هادا ناجي اللي احنا بنعرفه، هادا ناجي اللي النا.
الله يرحمك أخوي.