الجزائر | انطلقت عملية حشد التأييد لاستمرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في منصب الرئاسة، وذلك من قبل أنصاره وداعميه في حزب «جبهة التحرير الوطني». وفي هذا الصدد، كان قد أُعلن قبل نحو شهر تشكيل «التنسيقية الوطنية لمساندة العهدة الخامسة»، وهو كيان سياسي أطلقه النائب المثير للجدل بهاء الدين طليبة، الذي كان وراء نفس المبادرة خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، إذ كان أول من رشح الرئيس بوتفليقة عام 2013، على الرغم من تشكيك الكثيرين وقتها في مواصلته الحكم بسبب ظروفه الصحية الصعبة.
وفي آخر التطورات، ذكر النائب طليبة، مساء أول من أمس، وهو من كبار رجال الأعمال الذين ظهروا في عهود الرئيس الحالي، أنّ هذه التنسيقية تضم أسماء ثقيلة سبق لها العمل في حكومات الرئيس بوتفليقة، مثل الوزير الأول (رئيس الحكومة) السابق عبد المالك سلال، ووزير الطاقة السابق شكيب خليل، والأمين العام السابق لحزب «جبهة التحرير» عمار سعداني، ورئيس المجلس الشعبي الوطني الحالي (الغرفة الأولى للبرلمان) السعيد بوحجة، إضافة إلى الوزير الأول السابق عبد العزيز بلخادم. علماً أنّ كلّ هذه الأسماء لم تُعلن بنفسها حتى اليوم موقفاً صريحاً من ترشيح الرئيس لولاية خامسة، وهو ما يطرح شكوكاً جديّة في كونها فعلاً التحقت بهذه التنسيقية.

تضمّ التنسيقية
أسماء ثقيلة سبق
لها العمل في حكومات بوتفليقة

واللافت أن إعلان هذه التنسيقية جاء في الوقت الذي وجّه فيه جمال ولد عباس، وهو الأمين العام الحالي لحزب «جبهة التحرير»، تعليمات لقياديي حزبه تمنعهم من الخوض في موضوع الولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة، والإبقاء فقط على إظهار دعمهم اللامشروط للرئيس والعمل على تنفيذ برنامجه. وكان ولد عباس المعروف عنه ارتباطه الشديد بالرئيس بوتفليقة، أوّل من دعا الرئيس إلى الترشح لولاية خامسة، إلا أنه أصبح منذ فترة يكتفي بالقول إنّ الرئيس المقبل سيكون من «جبهة التحرير»، بما يشير إلى تلقيه تعليمات من محيط الرئيس تطلب منه التريّث في الخوض في هذه المسألة.
وتَظهر عدة قراءات في تفسير الدعوة إلى ترشيح الرئيس، من بينها أنّ ما يحدث هو مجرد اجتهاد لشخصيات سياسية مرتبطة به أو أنها بالونات اختبار موجهة من محيط الرئيس لقياس نبض الشارع ومدى تقبله لهذه الفكرة التي تواجهها المعارضة بتخوف شديد. إلا أنّ الثابت حالياً هو عدم وجود أي مؤشر رسمي على رغبة الرئيس بوتفليقة في الاستمرار. وكانت رئاسة الجمهورية، قد نفت تماماً منذ فترة أخباراً أطلقها المحامي والحقوقي، فاروق قسنطيني، بشأن رغبة الرئيس في الترشح لولاية رئاسية خامسة بعدما ذكر أنّه التقاه في إقامته الرئاسية. كذلك تؤكد لويزة حنون، وهي الأمينة العامة لـ«حزب العمال»، وهي أيضاً من الذين يتواصلون مع محيط الرئاسة، أنّ مسألة الولاية الخامسة غير واردة على الإطلاق.
ويعاني الرئيس بوتفليقة من متاعب صحية كبيرة، بعدما أصيب في نيسان/أبريل 2013، بجلطة دماغية نُقل على إثرها إلى باريس للعلاج، ومكث هناك 80 يوماً. ولم يظهر بوتفليقة علناً خلال هذه المدة إلا عندما ذهب للتصويت في الانتخابات الرئاسية 2014، وقد كان هو أحد مرشحيها رغم غيابه التام عن الحملة الانتخابية. وتُشكك أوساط في المعارضة اليوم في قدرة الرئيس على قيادة البلاد، وتتحدث عن شغور في المنصب، ويُطالب بعضها بتطبيق المادة الدستورية التي تثبت عليه المانع الطبي المؤدي إلى عزله.
وكان الرئيس بوتفليقة قد أجرى تعديلاً دستورياً في نيسان/أبريل سنة 2016، يحدد الولايات الرئاسية باثنتين فقط، إلا أنه سيكون مستثنى من هذا التعديل لأن فترة رئاسته الحالية تُعدُّ في نظر الدستور الجديد الولاية الأولى له وبالتالي يحق له الترشح من جديد وفق مختصين في القانون الدستوري. غير أن ترشحه من جديد، سيناقض وفق سياسيين في المعارضة، الغاية من التعديل الذي أجراه على الدستور، خاصة بعدما كان وراء إزالة تقييد الولايات الرئاسية سنة 2008 من أجل الترشح لولاية ثالثة، ثم عاد لتقييدها سنة 2016.