الحديث عن بدء انسحاب قوات «التحالف الدولي» من العراق، وخفض عديدها فيه، لا يزال في إطار «الأخذ والرد». ما من جوابٍ شافٍ صادرٍ عن بغداد أو واشنطن يحسم النقاش الدائر حول العدد الفعلي لهذه القوات، والجدول الزمني لخروجها، مع «انتهاء» مهمتها إثر إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي «القضاء على داعش» في «بلاد الرافدين».
إعلان العبادي أمس «مشروعاً لخفض عديد قوات التحالف تدريجاً منذ سنةٍ تقريباً»، كان متلبساً، إذ أشار في مؤتمره الصحافي الأسبوعي إلى «الحاجة لغطاء جويٍّ هائل»، عازياً ذلك إلى «الخطر الحقيقي داخل الأراضي السورية، بالرغم من سيطرتنا على الحدود». وقال: «نحتاج إلى غطاء جويٍّ هائل لمراقبة الصحراء، ومراقبة أيٍّ تحرّكٍ إرهابي»، مؤكّداً أن بغداد «بحاجة إلى جهدٍ دولي، ولا نريد أن نقوم بعمل غير منجز نهائياً، بل نريده أن ينجز بشكلٍ كامل».
اللافت في حديث العبادي، إعلان أن عديد قوات «التحالف» أقل من عشرة آلاف جندي، في وقتٍ يبلغ فيه عديد القوات الأميركية العاملة في البلاد نحو ستة آلاف جندي آخر، فيما تذهب مصادر المقاومة العراقية بالقول إن العدد الإجمالي لتلك القوات قد وصل إلى حدّ العشرين ألفاً، أما مصادر الحكومة الاتحادية فترى في حديثها إلى «الأخبار» أن «الرقم الذي أعلنه العبادي يضم قوات التحالف، والقوات الأميركية العاملة في البلاد». وأضاف العبادي في حديثه: «لقد كانت هناك إرادة عراقية عندما طُلب من التحالف الدولي مساعدة العراق، وطلبت رسمياً من الجانب الأميركي الوقوف معنا، وقد توسّع هذا التحالف ليكون تحالفاً دولياً واسعاً» إذ ضمّت واشنطن لحظة تشكيلها ذاك «التحالف» 50 دولة، أما اليوم فبات يضم 74.

«كتائب حزب الله»: الولايات المتحدة
تخطط لإعادة احتلال العراق رسمياً


وفيما تسعى الحكومة الاتحادية إلى وضع إطارٍ عملي لعمل تلك القوات على أراضيها في المرحلة المقبلة، بحيث تنتقل إلى التركيز أكثر على «أعمال الشرطة، ومراقبة الحدود، وبناء القدرات العسكرية، والمحافظة على قوّة الدفع الناجحة، وتعزيز قدرات قوات الأمن في ملاحقة داعش» وفق بيان قيادة «التحالف»، فإن مصادر المقاومة العراقية ترى أن ما جرى على مدار اليومين الماضيين، «ليس إلا إضاعةً للوقت» فالقوات الأجنبية العاملة في العراق هي «قوات احتلال، ومقاومتها حقٌّ مشروع لنا». ولا يقف الحديث عند هذا الحدّ، وخصوصاً أن فصائل المقاومة (تحديداً «كتائب حزب الله») اعتبرت أن «الولايات المتحدة تخطط لإعادة احتلال العراق رسمياً، وقد وقع المتحدث باسم رئاسة الوزراء في فخ واشنطن، بتعمدها تسريب أنباء عن بدء انسحاب قواتها من العراق أو خفض أعدادها»، فيما ترى بعض المصادر المناوئة لإيران في «بلاد الرافدين» أن العبادي أراد تسجيل «مكسب انتخابي» بإعلان بدء انسحاب تلك القوات في توقيتٍ انتخابي، وعلى أبواب إجراء الانتخابات التشريعية (12 أيّار المقبل)، لـ«يسحب بعض الحجج من الميليشيات التابعة لإيران، التي ترفع شعار مقاومة الاحتلال في العراق من جهة، ومستثمراً في شارع تلك الفصائل من جهةٍ أخرى، باعتماد خطابٍ يحاكي مشاعرها».
وبين الأخذ والرّد، لم يقدّم العبادي أمس جواباً شافياً عن السؤال المستجد: «هل من جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية؟ أم أنها باقية في المرحلة المقبلة؟»، بل اكتفى بعرض مناخ التصريحات المعلنة، الأمر الذي يقود إلى سؤال آخر: «هل سيكون هذا الإعلان (انسحاب القوات الأجنبية) مقدّمةً لجملةٍ من المواضيع الخلافية سيثيرها مقربو العبادي في المرحلة المقبلة، لحرف النظر عن بعض المسائل التي يريد التهرّب منها؟».
(الأخبار)