بعد تطورات لافتة ميدانية وسياسية في المشهد السوري، تشير المعطيات التي رشحت عن أنقرة وموسكو، إلى قرب انعقاد لقاء ثلاثي بين زعماء الدول الراعية لمساري أستانا وسوتشي، روسيا وإيران وتركيا. الحديث عن احتمالية عقد هذا اللقاء «قريباً» ترافق مع نشاط ديبلوماسي لافت بين مسؤولي البلدان الثلاثة، تضمّنت نقاشاته تطورات الميدان الأخيرة، ولا سيما في إدلب وعفرين. وكما أتاح التعاون السابق فرض معادلات جديدة على مسار «التسوية السورية»، يبدو هذا الاجتماع «التقييمي» (وفق الوصف التركي) فرصة لتعزيز هامش المناورة المرحلي لأطرافه، في تعارضات كل منها مع الأجندة الأميركية (الغربية).
أمام هذا المشهد، برز حدث مفاجئ في وقت متأخر من مساء أمس، تمثّل بإعلان «التحالف» الذي تقوده واشنطن تنفيذ ضربات جوية ضدّ «قوات موالية للنظام السوري» لقيامها بـ«عمل عدواني» وغير مبرر على مقر قيادة «قوات سوريا الديموقراطية». وقال «التحالف» إنّ قواته كانت متمركزة مع «قسد» خلال هجوم وقع على مسافة ثمانية كيلومترات شرقي «الخط الفاصل» لمنطقة خفض التصعيد عند نهر الفرات.
وبالعودة إلى «الاجتماع» المرتقب، تبدو أنقرة المعنيّة مباشرةً بمحاوره، فهي الفاعلة حالياً في عفرين وإدلب بتوافق مع شركائها «الضامنين»، في ما يبدو أنه حصّتها من التفاهمات. الانخراط التركي يحمل بعداً مختلفاً، لكونه يجري بالتوازي مع محادثات شاقة بين أنقرة وواشنطن، حول الشمال السوري. فبينما تستعد أنقرة لاستقبال مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية الأميركي تباعاً، حلّ وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، ضيفاً على طهران لبحث جملة من القضايا الخاصة بالملف السوري وسواه. الضيف التركي التقى نظيره الإيراني والرئيس حسن روحاني، وأصرّ خلال تصريحاته هناك، على حرص بلاده على وحدة سوريا، وهو ما لقي تجاوباً من روحاني نفسه بالقول إن «من المؤسف أن البعض بصدد تغيير الحدود الجغرافية في المنطقة، وبعد الفشل في شمال العراق بدأوا في تنفيذ مؤامرتهم في شمال سوريا». التوافق الإيراني ــ التركي حول هذه النقطة، لا يبدو موجّهاً ضد القوى الكردية التي تسيطر على الشمال السوري، بقدر ما يجيّر نحو الولايات المتحدة الأميركية. ووردت الصيغة الأوضح حول هذه الرؤية (بإخراج إيراني) من رئيس مركز التحقيقات الاستراتيجية في مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني علي أكبر ولايتي، الذي قال أمس: «ننصح أميركا باحترام الحدود الدّولية.

تحالف واشنطن: كانت
قواتنا متمركزة مع قسد
خلال «العدوان»

الحكومة السّورية وحلفاؤها سيطردون أميركا من شرق الفرات». وبدا لافتاً في السياق نفسه ما أشار إليه جاويش أوغلو خلال حديث على قناة «TGRT» التركية، أول من أمس، حول علاقة حكومته مع نظيرتها السورية في ما يخص قضايا الشمال السوري، بالقول: «أعتقد أننا لا نفكر بشكل مختلف في ما يتعلق بوحدات حماية الشعب الكردية. يعني أن النظام يشاطرنا الفكر ذاته في ما يتعلق بالتنظيم الذي يسعى إلى تقسيم سوريا»، مذكّراً في تفصيل غير مرتبط بالحديث مباشرة، بتوافق مواقف أنقرة ودمشق «حول مسألة القدس». ولفت الوزير التركي إلى أن موسكو اقترحت عقد الاجتماع المقبل في أستانا على مستوى وزاري، وأن بلاده أعربت عن موافقتها على ذلك. وأضاف عن زيارة نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، الأسبوع المقبل، أنهم سيشاركون معه «ما تنتظره أنقرة من واشنطن بشكل واضح»، لافتاً إلى أن «فترة المراوغة انتهت».
وتلاقت «الحدة» التركية والإيرانية تجاه الجانب الأميركي، مع اتهامات ساقها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى واشنطن، بتخطيطها لتقسيم سوريا، والتخلي عن الالتزامات التي قطعتها لبلاده بخصوص وجود قواتها لمحاربة «داعش». وجاء ذلك في وقت أكدت فيه وزارة الدفاع الروسي أنها تعمل على تعزيز دفاعات مواقعها وقواتها العسكرية في سوريا، مشيرة إلى أن تنظيم «جبهة النصرة» حصل على أنظمة صواريخ محمولة مضادة للطائرات، وأنها تعمل على «تقصّي قنوات إيصالها». وفي موازاة هذه المواقف الثلاثية المتوافقة، خرج وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، ليتهم تركيا وإيران بانتهاك القانون الدولي بما تتخذانه من إجراءات في سوريا، مطالباً خلال حديثه مع قناة «بي إف إم» بأن تغادر كل الجماعات التي تدعمها إيران، بما فيها حزب الله. وجاء الإدراج الفرنسي لتركيا بعد سلسلة من التصريحات المتشنجة بين البلدين على خلفية العدوان التركي على عفرين، الذي دخل يومه العشرين باشتباكات مستمرة بين القوات التركية و«الوحدات» الكردية، خاصة في شمال منطقة عفرين. وفي الميدان، شهد أمس عودة للتوتر على جبهات ريف إدلب الشرقي، بعد محاولة الفصائل المسلحة التقدم على حساب الجيش السوري عبر هجوم مدعوم بعربات مفخخة. وذلك في وقت يقترب فيه الجيش أكثر من السيطرة على كامل الجيب المحاصر، في أرياف حماه وحلب وإدلب، مع سيطرته أمس على عشرات القرى والمزارع على حساب تنظيم «داعش».
(الأخبار)




وفد قيادي في «التحالف الدولي» يزور منبج

زار وفد من «التحالف الدولي» برفقة عدد من الإعلاميين مدينة منبج، والتقى عدداً من المسؤولين في «مجلس منبج العسكري» التابع لـ«قوات سوريا الديموقراطية». وضمّ الوفد كلاً من القائد العام لعمليات «التحالف» الجنرال بول فانك، والمتحدث باسم «التحالف» ريان ديلون، وقائد «العمليات الخاصة (الأميركية) في سوريا والعراق» الجنرال جيمس جارارد، مع عدد من مراسلي وسائل إعلام غربية. وقال «مجلس منبج العسكري» في بيان رسمي، إن الوفد زار خطوط الجبهة المشتركة مع القوات التركية وفصائل «درع الفرات»، ولفت إلى أن الجنرال فانك تحدث عن بقاء القوات الأميركية في منبج، رغم مطالب أنقرة بانسحابها.