لا تزال عملية دمج الموظفين في قطاع غزة تراوح مكانها في ظل تعثر «اللجنة القانونية والإدارية» المكلفة بدراسة قضيتهم وتقديم حلول لها، وذلك بعد انتهاء المهلة النهائية لذلك (مطلع شباط الجاري)، وعقب عرقلة التوقيع على المذكرة النهائية للاتفاق بسبب تلاعب وتغيير في الصيغ النهائية تتهم به غزة حكومة «الوفاق الوطني» في رام الله.
مصادر مقرّبة من عمل اللجنة قالت إن «الاتفاق تفجّر في الجلسة الثالثة والأخيرة، أثناء عملية التوقيع على المذكرة النهائية بين نائب رئيس الوزراء ورئيس اللجنة زياد أبو عمرو، ورئيس ديوان الموظفين في غزة محمد الرقب»، والأخير هو الممثل الوحيد لحركة «حماس» في اللجنة. وبيّنت المصادر أن الاتفاق رُفض في لحظاته الأخيرة، بعدما «شعر الرقب بوجود تلاعب من أبو عمرو، إذ قُدّمت أوراق ومحاضر اجتماع غير تلك التي اتفق عليها في الاجتماعات للتوقيع عليها». لكن أبو عمرو برّر الخطأ بأنه وقع من مقرّر المحضر، وهي مديرة في مجلس الوزراء في رام الله، الأمر الذي لم يقنع الرقب، ودفعه إلى رفض التوقيع.

الأطراف المستعدة لتمويل رواتب غزة هي قطر وتركيا وسويسرا والدنمارك وفرنسا


تضيف تلك المصادر أن صيغة الاتفاق المعلقة كانت تنصّ على «استيعاب 20 ألف وظيفة (مدنية) في قطاع غزة بما يشمل جميع الموظفين الذين عيّنتهم حماس وعددهم قرابة 18 ألفاً (بناءً على التغير في الزيادة السكانية للغزيين وحاجة الوظائف)، فيما يكون الألفان شواغر تُطرح بشأنها إعلانات توظيف لاحقة، لكن المحضر الأخير تم تغييره لينص على استيعاب الموظفين وفق الشواغر التي تحتاج إليها الحكومة في غزة، أي إن الحديث عن قرابة 8 آلاف فقط».
فور هذه الحادثة، غادر أبو عمرو القطاع بناءً على تعليمات من رئيس السلطة محمود عباس، كما أخفقت الفصائل الفلسطينية في التوصل إلى حل للأزمة حتى الآن. تكمل المصادر أن رئيس الحكومة رامي الحمد الله وبّخ أبو عمرو لتوصله إلى اتفاق يستوعب جميع الموظفين الذين عيّنتهم «حماس»، الأمر الذي قابله الأخير بطلب اعتذار عن مواصلة العمل في اللجنة، وهو ما قوبل بالرفض. إثر هذا الوضع، قررت الحكومة «مبدئياً» في جلستها الأخيرة (الثلاثاء الماضي) إدراج 20 ألف موظف في غزة على بند موازناتها لعام 2018، وأرجأت تطبيق ذلك إلى حين تنفيذ بنود اتفاق المصالحة الموقّع في القاهرة.
وكانت حركة «فتح» قد رفضت دمج أيّ من عناصر محسوبة على «حماس» في «اللجنة الإدارية»، لكنّ ضغوطاً مصرية خلال مباحثات القاهرة دفعت الوفد الفتحاوي إلى قبول إضافة رئيس ديوان الموظفين السابق في غزة، الرقب، كممثل عن «حماس». وتضم اللجنة إلى جانب الأخير وأبو عمرو، وزير المالية شكري بشارة، ورئيس ديوان رام الله موسى أبو زيد. وهذه اللجنة لم تناقش قضية الموظفين العسكريين الذين عيّنتهم «حماس»، إذ اختصت بمناقشة مسألة المدنيين فقط، فيما نص اتفاق المصالحة على تشكيل لجنة أخرى تضم الجانب المصري لحل قضية الأمن والعسكريين.
أما الموظفون المدنيون الذين يتقاضون رواتب من السلطة لكنهم واصلوا عملهم مع «حماس»، ويبلغ عددهم قرابة 2000، فلا تزال قضيتهم عالقة ولم تناقشها اللجنة بسبب وجود نص في اتفاق سابق للمصالحة وُقّع عام 2011 يقضي بإعادة اعتمادهم المالي فوراً و«سحب وإلغاء كل قرارات الفصل وقطع الرواتب عن الموظفين الذين واصلوا عملهم بعد أحداث 2007 خلافاً للمرسوم الرئاسي»، وغالبية هؤلاء مدرّسون وأطباء وممرضون.
ضمن المسوّدة التي اطّلعت عليها «الأخبار» بشأن اتفاق «اللجنة الإدارية»، كان مقرراً تشكيل لجنة فنية تعدّ لملء الشواغر واستيعاب الموظفين وتصنيفهم في الوزارات المختلفة، مع مراعاة المراكز القانونية وتاريخ التعيين طبقاً لقاعدة البيانات الخاصة بهم، على أن تكون العملية تدريجية حتى لا نثقل كاهل الجهاز الإداري في السلطة. مع ذلك، ترفض الحكومة حتى الآن صرف سلف مالية لموظفي غزة بذريعة عدم تمكينها بالكامل في القطاع، وذلك بخلاف ما أقرّ في اتفاق القاهرة الأخير، إذ تدور دائرة مغلقة تبدأ بانتظار «الوفاق» تسلّم الإيرادات الداخلية من وزارة المالية في غزة كافة، في حين ترفض «حماس» تسليم الإيرادات كلها ما لم تلتزم رام الله بصرف دفعات لموظفيها السابقين.
رغم ما سبق، تؤكد المصادر أن كلا الطرفين، «فتح» و«حماس»، لم يعلن إخفاق الاتفاق، بل بعد جهود فصائلية اتُّفق على تأجيل التوقيع إلى حين تسلم الرئاسة تقريراً من مفوّض المصالحة في «فتح»، عزام الأحمد، عن نتائج لقاءاته بمسؤولين دوليين في الدنمارك والنرويج وسويسرا حول دعم هذه الأطراف دفع رواتب موظفي غزة. وتكشف المصادر أيضاً عن وجود أطراف دولية عدة وافقت على المشاركة في دعم رواتب موظفي «حماس»، من بينها تركيا وفرنسا، فيما ستلعب سويسرا دور الوسيط في جلب الأموال وتحويلها إلى غزة، كما أشارت إلى وجود اتصالات مع قطر لتغيير رأيها وضمّها إلى الجهات التي ستدعم الصندوق.
أما عن الدور المصري، فقالت المصادر إن القاهرة كانت قد قررت عقد لقاء بين الحركتين في نهاية الشهر الجاري، لكن الظروف الحالية قد تؤدي إلى تأجيل اللقاء حتى آذار المقبل، وسط دعوات فصائلية لعقد لقاء موسع يشمل القوى كافة بعد لقاء الحركتين، في حال توصلت الأخيرتان إلى اتفاق شامل.




فتح «فجائي» لمعبر رفح

أعلنت السفارة الفلسطينية في القاهرة، بصورة مفاجئة، قرار السلطات المصرية فتح معبر رفح البري استثنائياً في الاتجاهين لثلاثة أيام، بدءاً من أمس حتى الجمعة. وقالت السفارة في بيان مقتضب، عبر صفحتها على «فايسبوك»، إن «السلطات المصرية قررت فتح معبر رفح... لسفر وعودة المواطنين في الاتجاهين»، شاكرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «حرصه الدائم على تخفيف المعاناة على أبناء الشعب الفلسطيني، والأجهزة الأمنية المصرية التي لا تتوانى في تقديم كل المساعدة المستطاعة». وهذه هي المرة الأولى التي يفتح فيها المعبر عام 2018، إذ أُغلق منذ بداية العام الجاري 38 يوماً، رغم وعود مسؤولين كبار في السلطة و«فتح» بفتحه حال تم تسليم المعابر لرام الله.
(الأخبار)