يشهد خصوم رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أن أحداث الأشهر المقبلة ستكون صعبة عليه، وخاصة مع اقتراب موعد حدثَين مفصليين لا يهددان هوية مدينة القدس المحتلة فحسب، بل أساس وجود «القضية الفلسطينية» وهما تداعيات إعلان تفاصيل «صفقة القرن» التي يسعى إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس في ذكرى النكبة في أيار المقبل.
يتصرف «أبو مازن»، على أساس أنه لن يكون موجوداً لإدارة الصراع مع واشنطن أو تل أبيب في المرحلة المقبلة، لذلك حرص خلال اجتماع أعضاء «المجلس الثوري» لحركة «فتح» (وهو ثاني أهم جسم في الحركة بعد «اللجنة المركزية» ومهمته مراقبتها) الخميس الماضي، على رسم الخطوط العريضة التي يجب السير عليها من بعده، والتأكيد على أعضاء المجلس تعيين نائبه محمود العالول لرئاسة «فتح» إلى حين انتخاب رئيس جديد للحركة.
من جهتها، لطالما اعتبرت إسرائيل العالول من «العصبة» المرشحة لخلافة عباس، إذ كتب المراسل العسكري لصحيفة «معاريف» ألون بن دافيد الشهر الماضي، أن «هذه العصبة التي تتصارع لخلافة عباس، وتضم كلاً من: رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، نائب رئيس حركة فتح محمود العالول، رئيس الحكومة رامي الحمدالله، وعضوَي اللجنة المركزية لفتح حسين الشيخ وجبريل الرجوب وكبير المفاوضين صائب عريقات، تعارض الإرهاب (المقاومة المسلحة)، لكنها تؤيد المقاومة الشعبية».
وبالعودة إلى جلسة «المجلس الثوري»، وما نُشر من كلام عباس خلال الاجتماع، فقد قال: «قد تكون هذه آخر جلسة لي معكم وما فيه حدا منا ضامن عمره». وتعليقاً على اقتراب موعد إعلان «صفقة القرن» (منتصف الشهر الحالي): «بدهم يعلنوا عن الصفقة يعلنوا عنها وقتما شاؤوا، وكيفما شاؤوا، ولكن غير اللي بدنا اياه مش رح يصير».

رسالة من «حماس» إلى رئيس السلطة «لتوحيد الجهود في مواجهة صفقة القرن»

وأكد على توجهه لمواجهة طرح ترامب قائلاً: «ما حدا بكل هالكون ممكن يفرض علينا شي نحنا ما بدنا إياه، يعني يخلوا قرونهم لإلهم». وشدد عباس، الذي بدأ في الفترات الماضية الحديث عن عدم وجوده في المرحلة المقبلة، بالقول: «قلتها قبل هيك وبْعِيدها لن أنهي حياتي بخيانة... مش إبن فتح اللى ممكن يتنازل ويفرط ويبيع، والثوابت ثوابت وما فيها لعب». وأضاف «غير دولة فلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 67، مش رح نقبل وما حدا بموت من الجوع»، في إشارة إلى التهديد الأميركي بقطع المساعدات المالية عن السلطة.
بعد الكلمة، دارت نقاشات حول طرق مواجهة «صفقة القرن»، فقدم أحد أعضاء المجلس ورقة قال فيها إنه «رداً على إعلان القدس عاصمة لإسرائيل من طرف واحد، على رئيس السلطة إعلان دولة فلسطين من طرف واحد عاصمتها القدس الشرقية، على أن يعلن أن أراضي الدولة في الضفة الغربية تخضع للاحتلال». وبحسب الورقة، فإنه «بعد هذه الخطوة يتوجه عباس إلى غزة، القطر المحرر من فلسطين ويعلن بدء الكفاح المسلح من هناك». وبحسب المصادر، فإن «أبو مازن» طلب من صاحب الورقة المقدمة سحبها، معتبراً أنها للمزايدة عليه.
وعن العلاقة مع «حماس»، قال عباس: «ما تركنا عاصمة ولا دولة إلا ورحنا لإلها علشان المصالحة، ولكن حماس لا تزال تعتقد بأن المصالحة مجرد مال وراتب، أتعبوني وحيّروني».
أضاف «بتابع وبسمع وبشوف، مش نحنا اللى بنحاصر غزة وبنقتل أهلها، لكن أنا عاوز دولة ونظام وقانون وحكومة تطبق القانون. مش عاوز عصابات وزعرنة وبطلجة وسرقات وسلاح في إيد كل من هبّ ودبّ، اليوم انت مبسوط مني وراضي عني (حماس)، بكرة بدّوس على صوري وبتحرقها بالشوارع. هذا حدث سابقاً، وكلكم عارفين وعشتم هالوضع المنيّل».
وقال «مش عارفين بدها مصالحة ولّا بدّها إيران؟ بدها تكون جزء من المنظمة (التحرير الفلسطينية) ولّا بدها رأس المنظمة؟ بدها مصالحة ولّا بدها نكون صراف آلي لإلها؟».
وعلّق عباس «بنبعت لغزة كل شي وجماعة (هي لله) (حماس)، بيسرقوه عينك عينك وبيطلعلك واحد بقولّك الرئيس يحاصر غزة ويجوّع أبناءها». أما في ما يتعلق بالسجال الإعلامي الذي دار بين الحركتين، قال «أنا قلت لجماعتنا ما تحكوا بموضوع المصالحة. يعني ما تصرحوا للإعلام غير الناس اللّي بالتفاوض في هادا الملف وهددت كل من يتطاول، لكن البعض بيطلعلنا يا أخي بس ليحرق دمنا، مش مجالك يا أخي».
من جهتها، وبرغم من هجوم «أبو مازن» عليها، أرسلت «حماس»، رسالة الى رئيس السلطة الفلسطينية، لتوحيد الجهود في مواجهة «صفقة القرن» ونقل السفارة الأميركية إلى القدس. وبحسب أحد قادة الحركة، فإن «الرسالة التي وجهت إلى عباس مفادها أنه إذا وقف في وجه الصفقة، فإننا سندعمه بشكل كبير على الأرض، ونحن لا نزال بانتظار الرد علينا».