بالتوازي مع إعلان استقبال الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، أول من أمس، في مقرّ إقامته في الرياض، السفير الصيني لدى اليمن جين خوي، تحدثت وسائل الإعلام المحسوبة على «الشرعية» عن أن هادي عَرَض على خوي توقيع عقد مع الصين لتشغيل ميناء عدن وإدارته، وعن أن السفير الصيني رحّب بالعرض ووعَد بتقديمه إلى حكومة بلاده. حديث يأتي في وقت يحتدم فيه الصراع بين الأطراف المحلية الموالية لـ«التحالف»، متّخذاً منحىً خطيراً، تجلّى أخيراً في ازدياد وتيرة عمليات التصفية الجسدية على خلفيات سياسية، فضلاً عن اتساع رقعة الانفلات الأمني في المحافظات الجنوبية. يرجّح مطّلعون أن يكون الحديث عن العرض المُقدّم للصين تسريباً متعمّداً من قبل حكومة هادي، بهدف استطلاع ردّ فعل الإمارات على الاقتراب من أهمّ نقطة ارتكاز في استراتيجيتها في جنوب اليمن، والتي كانت موضع اهتمامها منذ ما قبل الحرب، من خلال استئجارها الميناء المذكور، وتعطيله، وسحب رافعاته وبقية معداته، لأهمية موقعه الحيوي والاستراتيجي المؤهِّل لقيامه بدور صلة الوصل (ترانزيت) بين البحر الأحمر والمحيط الهندي. وتخشى أبو ظبي إمكانية استحواذ ميناء عدن في المستقبل على النشاط التجاري والاقتصادي بالقرب من أهم الممرات البحرية في العالم (باب المندب)، ما يعني عملياً ضرب ميناء جبل علي في دبي.
من المتوقع، طبعاً، أن ترفض الإمارات تسليم ميناء عدن للجانب الصيني، أو حتى مجرد التلويح بالأمر؛ ذلك أنها تعتبر سيطرتها على الموانئ استحقاقاً لها مقابل تحمّلها كلفة عالية في عمليات «التحالف» في اليمن. يضاف إلى ذلك أنه ليس بإمكان الرئيس المنتهية ولايته الإقدام على خطوة كهذه من دون رضا الجانب الأميركي، الذي لن يروقه حتماً استقدام أهم منافس تجاري له في العالم، أي الصين، والسماح بمنحه موطئ قدم في اليمن، بعدما سمحت جيبوتي لبكين باستئجار قاعدة عسكرية على أراضيها. في الخلاصة، يقلّل مراقبون من أهمية عرض هادي، معتبرين إياه غير جدي، ومرجّحين بقاءه في الإطار النظري، وعدم سلوكه سبيل التنفيذ، بالنظر إلى مقتضيات الواقعية السياسية ومعطيات الخارطة الجيو ــ سياسية للمنطقة.
يعيش ميناء عدن الدولي حالة «احتضار» منذ أشهر


ولم تؤدِّ السيطرة الإماراتية على ميناء عدن إلى انتعاش نشاطه وازدهاره، بل على العكس من ذلك، إذ لا يزال الميناء رهن المشاكل التي كانت تعتريه سابقاً، مع تفاقم إضافي فيها، أدى إلى ما سمّاه رئيس النقابة العمالية لميناء عدن للحاويات، سعيد عبود المعاري، «احتضار ميناء عدن الدولي جراء الخطوات غير المبررة التي تتخذها قوات التحالف العربي في منع السفن والبواخر من الدخول إلى رصيف الميناء»، منبهاً من أن تلك الخطوات «تهدد استمرار النشاط الملاحي في ميناء عدن». واستشهد المعاري على تعمّد القوات الإماراتية وضع عراقيل أمام رسوّ البواخر في ميناء عدن بالباخرة «MERCURY» التي وصلت إلى غاطس ميناء عدن، قادمة من ميناء جدة، في 26 شباط/ فبراير 2018، إلا أنها لا تزال حتى اليوم في الغاطس، بعدما لم يُسمح لها بالدخول لتفريغ شحنتها، على الرغم من حصولها على تصريح دخول من الرياض.
وليست «MERCURY» الباخرة الأولى التي تتم عرقلة إفراغ حمولتها، بل هي نموذج من حالات تتكرر باستمرار. ففي 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تعرّضت سفينة قادمة من ميناء جدة السعودي، بموجب ترخيص من خلية «التحالف» في الرياض، للأمر نفسه، إذ وبعد قيام عمال الميناء بإنزال 17 حاوية من مجموع 1297 حاوية على متن السفينة، فوجئوا بانتشار قوة عسكرية يقودها ضابط إماراتي، وجّه العمال بعدم إنزال الحاويات وبطرد السفينة من الميناء، من دون إبداء أسباب.
وفي الشهر الماضي، اتهمت مذكّرة صادرة عن مؤسسة موانئ عدن «التحالف» بعرقلة وصول السفن إلى الميناء، متحدثة عن إجراءات مقصودة لمنع دخول سفن المساعدات الإنسانية. وحذرت المذكرة المرفوعة إلى وزير النقل في حكومة هادي من الآثار السلبية لتلك الإجراءات على «الاقتصاد الوطني وسمعة الميناء»؛ إذ إن المنظمات العالمية تعتبر تكدّس السفن مظهراً من مظاهر عجز الميناء، وعدم قدرته على استيعاب النشاط المُحوّل من ميناء الحديدة إلى عدن. وأكدت المذكرة أن «التحالف» يمنع 13 سفينة ترسو في منطقة الانتظار من الدخول.