بغداد | يشهد تحالف «الفتح» الانتخابي، الذي يضمّ فصائل «الحشد الشعبي» والذي يتزعمه أمين عام منظمة «بدر» هادي العامري، تباينات على خلفية الموقف من «الهجمة» السعودية المستجدة على العراق. وفيما تحاول بعض وجوه التحالف الاستفادة من الأجواء «التصالحية» مع الرياض لحسابات سياسية تتصل بما بعد الانتخابات، ترفض وجوه أخرى أي تقارب من هذا النوع، مؤكدة «مبدئية» موقفها من سياسات المملكة.قبل أيام، وبالتوازي مع زيارة الوفد الإعلامي السعودي إلى العراق، ظهر وزير الداخلية، والقيادي في منظمة «بدر»، قاسم الأعرجي، الذي سبق له أن وصف السعودية بأنها «داعمة للإرهاب»، واضعاً يده بيده السفير السعودي، عبد العزيز الشمري، والابتسامة تعلو وجهيهما، وهما يتجولان في أروقة أحد الأسواق التجارية في العاصمة بغداد. مشهد لا يبدو معزولاً من تحركات من خلف الكواليس، تقوم بها شخصيات داخل تحالف «الفتح» بهدف كسب الود السعودي، الذي تعتقد أنه سيكون مقرراً في هوية مَن سيخلف رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.
مصادر مطلعة كشفت، لـ«الأخبار»، انفتاح قنوات «غير علنية أو قد ترتقي إلى السرية» بين شخصيات في «الفتح» وبين السعودية، موضحة أن هذه القنوات تستهدف «تغيير الصورة المُشكَّلة عربياً وخليجياً عن الحشد». وأشارت المصادر، التي رفضت الإفصاح عن أسماء تلك الشخصيات أو هوياتها، إلى أنه تم إيصال رسالة إلى الرياض مفادها بأن «الحشد لن يكون في يوم من الأيام مهدداً لدول الجوار». ولدى سؤالها عن تاريخ بدء تلك الاتصالات، اكتفت بالقول إنها «انطلقت في غمرة الحراك السعودي - العراقي، وتبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين».
بدوره، أكد المرشح ضمن تحالف «الفتح»، جاسم البياتي، في حديث إلى «الأخبار»، وجود اتصالات على هذا الخط، معتبراً أن الرسالة المراد إيصالها إلى دول الخليج هي أن «الحشد مؤسسة حكومية... اليوم مرتبطة بحكومة العبادي وغداً بغيرها»، و«(أننا) الوحيدون الذين وقفنا بوجه داعش، فلا تطلبوا منا أموراً أكثر من إمكانياتنا... كل شيء قد يتغير بعد داعش»، بمعنى أن «حشد البرلمان هو غير حشد الميدان».
لا يخفي حلفاء «الفتح» من خارج «الحشد» علاقتهم بالسعودية


هذه التحركات المفترضة أثارت، بحسب المصادر التي تحدثت إليها «الأخبار»، «انزعاج» العبادي، الذي لم يدم تحالفه مع «الفتح» أكثر من 24 ساعة. انزعاج ترجعه المصادر إلى «خشية رئيس الوزراء من ظهور منافس له في ملف الانفتاح السعودي - العراقي، إذ إنه يعدّ نفسه مهندس التطبيع بين البلدين، والذي يعتبره اليوم إحدى أبرز الأوراق التي يمتلكها في إعادة شقّ طريقه إلى رئاسة الحكومة». ولدى السؤال عن الموقف الإيراني مما يدور، تجيب المصادر: «هل هناك موقف إيراني رسمي واحد يعارض التقارب العراقي - السعودي، وتحسن علاقات العراق مع محيطه العربي؟».
من جهتهم، لا يجد حلفاء «الفتح» من خارج «الحشد» حرجاً في الجهر بـ«علاقتهم الطيبة» مع الرياض، مبدين في الوقت نفسه حرصهم على عدم ربطها بـ«الحشد». «علاقتنا كتجمع مع السعودية والخليج طيبة وودية. علاقة تقوم على عدم التدخل والتقاطع». بهذا يحدد رئيس «تجمع العدالة والوحدة» المنضوي ضمن تحالف «الفتح»، النائب عامر الفايز، طبيعة علاقته بالسعودية. ويقول الفايز، الذي يشغل أيضاً عضوية لجنة الصداقة العراقية - الخليجية في البرلمان، لـ«الأخبار»، إنه زار الرياض أخيراً ضمن وفد نيابي عراقي، مؤكداً وجود زيارة مرتقبة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى بغداد، «بناءً على دعوة عراقية».
في المقابل، تظلّ قوى رئيسة في «الفتح» على موقفها من السعودية طالما أن الأخيرة لم تبدّل سياساتها. حركة «عصائب أهل الحق» رفضت الزيارة المنتظرة لابن سلمان إلى العراق، واصفة الرجل بـ«الإرهابي». ورأى رئيس كتلة «صادقون» النيابية، التابعة للحركة، حسن سالم، خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان ظهر أمس، في مبادرة السعودية إلى بناء ملعب للعراقيين «محاولة لغسل أدمغة البعض»، داعياً إياها إلى «بناء مستشفى لمعالجة الجرحى الذين أصيبوا على يد إرهابييها... ودفع دية لكل عراقي استشهد بسببها».