بعد أيام من استقبالها وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، الذي شكّل الملف اليمني أحد موضوعات مباحثاته في السلطنة، وفي وقت تتزايد فيه وتيرة التصعيد الأميركي ضد إيران في ظل توقعات بأن يطيح الرئيس دونالد ترامب الاتفاق النووي، أرسلت عُمان عميد دبلوماسيتها إلى «الجمهورية الإسلامية» في زيارة رسمية التقى خلالها كبار المسؤولين. زيارة حملت رسالتين رئيستين: أولاهما أن الدولة الخليجية التي احتضنت مفاوضات «الخطة المشتركة الشاملة» تقف بوضوح في صفّ المناهضين لخطاب تقويض الاتفاق، وثانيتهما، وهي التي تصدرت التصريحات العمانية، أن السلطنة تعارض، من دون لبس، الحرب الدائرة في اليمن، ولا ترى فيها أي فائدة أو مصلحة، ما ينافي السردية السعودية التي تشدّد على «شرعية» الحرب في هذا البلد.والتقى وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، أمس، الرئيس الإيراني، حسن روحاني. وبدا لافتاً، خلال اللقاء، انتقاء ابن علوي مفردات ومصطلحات تناقض الخطاب السعودي. إذ شدد، بحسب ما نقلت وكالات إيرانية عنه، على ضرورة «العمل على وقف قتل الشعب في اليمن، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى هذا البلد بسرعة»، في إشارة مبطنة إلى وجود حرب وحصار مفروضَين فرضاً على اليمنيين. وعلى عكس ما تلحّ عليه المملكة من أن حربها «استنقذت الشعب اليمني من الانقلاب»، و«أوقفت التمدد الإيراني باتجاه الخليج»، رأى الوزير العماني أن «الصراع في اليمن لم يجلب للمنطقة سوى الفوضى»، مشيداً بما سماه «اهتمام إيران وجديتها في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة»، بعدما كان ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قد اعتبر أنها «تريد خلق مشروعها الخاص في الشرق الأوسط بدرجة تشبه كثيراً هتلر في ذلك الوقت». من جهته، وصف روحاني الوضع في اليمن بـ«المتأزم والمقلق جداً»، داعياً إلى «السعي لإيقاف المجازر التي يتعرض لها الشعب اليمني، وإرسال المساعدات الغذائية والدوائية إليه». وأعرب الرئيس الإيراني عن أمله بأن «يؤدي التعاون المتبادل بين إيران وعمان إلى إرساء السلام والاستقرار في اليمن».
أكد الوزير العماني دعم بلاده لاستئناف مفاوضات السلام


نتيجة يتطلب الوصول إليها «اتخاذ قرار دولي» بحسب رئيس مجلس الشورى العماني، خالد بن هلال المعولي، الذي أبدى، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني، استعداد بلاده لـ«بذل الجهود من أجل جمع الأطراف اليمنية بهدف التوصل إلى حل سلمي». وفي رفض ضمني للتصعيد العسكري المتواصل في اليمن، أكد المعولي «دعم الحكومة العمانية التام لإجراء مفاوضات السلام التي بإمكانها إعادة الهدوء» إلى هذا البلد، مشدداً على أنه «عبر التفاوض يمكن التوصل إلى حل منطقي»، ما يعني بالنتيجة منافاةَ استمرار «التحالف» في خوض الحرب بعد مضي ثلاث سنوات من عمرها للمنطق والعقلانية. وفي الوقائع التي تدعم ذلك التوصيف، أشار المسؤول العماني، الذي رافق وزير الخارجية في زيارته، إلى «المشاكل الكثيرة التي يواجهها الشعب اليمني حالياً في حياته العادية»، محذراً من «وقوع مأساة إنسانية في اليمن»، واصفاً الأوضاع هناك بـ«السيئة للغاية». وبشأن العلاقات مع إيران، التي وصفها بـ«الجيدة»، لفت المعولي إلى أنها «ترتكز على عدم التدخل في شؤون الآخر، والاحترام المتبادل»، بعد أيام من التصريحات التي أدلى بها ابن سلمان، والتي وقفت فيها السعودية موقف «المناكِف» لطهران.
وكان ابن علوي قد التقى، أول من أمس، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، حيث استهلّ انتقاداته المضمرة للحرب في اليمن، بقوله إن «استغلال الأدوات العسكرية لفرض الإرادة السياسية تصرف غير مقبول»، في حين أكد شمخاني أن لإيران وعمان وجهة نظر «مشتركة» حيال الأزمة اليمنية قائمة على «وقف الحرب، وفك الحصار، والشروع في حوار يمني ــ يمني من أجل تشكيل نظام سياسي جديد». وفي اتجاه مناوئ للتصعيد الأميركي ــ السعودي ضد إيران، والدعوة إلى تضييق الخناق عليها، أبدى الوزير العماني استعداد بلاده لـ«التحرك من أجل تقريب المسافات بين إيران وعمان»، سواء على مستوى «العلاقات السياسية أو التعاون الاقتصادي».