مع دخول الحرب عامها الرابع، بدأ المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، مارتن غريفيث، مهماته في إحياء المشاورات المتعثرة منذ أكثر من عام ونصف عام، في ظل خريطة عسكرية وسياسية مختلفة عما كانت عليه في جولات المفاوضات الثلاث الماضية.وبعيداً عن الحراك السياسي، أعلنت القوة الصاروخية اليمنية «تنفيذ ضربات باليستية واسعة» سُمع صداها الأقوى في الرياض، حيث استهدف مطار الملك خالد الدولي في العاصمة، ومطار أبها الإقليمي، ومطاري نجران وجيزان وأهداف أخرى في المدينتين.
هذا الاستهداف الواسع الذي جاء «وفاءً لوعد القائد (السيد عبد الملك الحوثي)» ورداً على «العام الرابع من العدوان»، خفّف من وجه تحركات الموفد الأممي الجديد.
إذ بين الرياض وعمان وصنعاء، عقد غريفيث خلال الأسبوع الماضي لقاءات مع هادي ومسؤولين في حكومته، في زيارة استمرت 3 أيام، ثم عاد إلى العاصمة الأردنية عمّان، حيث مكتبه الرئيسي، قبل أن يصل إلى صنعاء، أول من أمس، للتباحث مع مسؤولين في «أنصار الله»، وقيادات من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، في سبيل استئناف عملية السلام، مغيراً الوجهة، بعدما كان من المقرر أن يبدأ زيارته لليمن، من عدن.
وحيث تتم الاستعدادات لإحياء الذكرى الثالثة لبدء الحرب في صنعاء، بدأ غريفيث مهمة «الإصغاء والاستماع»، كما عبّر قبيل وصوله إلى العاصمة اليمنية، مؤكداً أنه «لن نبدأ من الصفر، لأنه جرى الكثير من الحوارات والنقاشات». والتقى أمس، كلاً من وزير الخارجية في حكومة «الإنقاذ»، هشام شرف عبدالله، الذي أكد له أن «المفاوضات السياسية هي الحل الناجح»، ورئيس «المؤتمر الشعبي العام»، صادق أمين أبوراس، الذي استعرض أمامه التطورات التي حدثت في صنعاء، منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي (مقتل الرئيس علي عبدالله صالح)، ورؤية الحزب لإحلال السلام في اليمن. ونقل موقع «المؤتمر نت» عن غريفيث قوله، إن «المؤتمر الشعبي سيظل طرفاً رئيساً في أي مشاورات مقبلة».

«نيات» تبحث عن طريق
ما هو حاصل عملياً، نقاشات ومباحثات واستعراض وجهات نظر لكل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، من دون وجود معالم واضحة بشأن الخطة السياسية التي على ضوئها سيتم استئناف المفاوضات، لكن مد صنعاء يد «السلام» للمبعوث الأممي الجديد يؤكد كسر العزلة الدبلوماسية الدولية، التي فرضت عليها منذ مغادرة السفارات الأوروبية مع بداية الحرب.
يتمسك «التحالف» وحكومة هادي حتى الآن، بـ«حل سياسي» يقوم على المرجعيات الثلاث، (المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216)، لكنه وصل إلى اقتناع كامل بأن الحسم العسكري لم يعد وارداً.
في المقابل، ليس من الواضح ما إذا كان المبعوث الأممي سيتمكن من تقريب وجهات النظر بشأن النقطة المتعلقة بتسليم «أنصار الله» السلاح والانسحاب من المدن، وهي نقطة الخلاف التي نسفت كل الجهود السابقة.
أسباب فشل المفاوضات السابقة لا تزال حاضرة، سواء في استمرار «التحالف» بشن الغارات والتصعيد العسكري، وانعدام الثقة التامة بين كل الأطراف، وعدم سد فجوات الخطة السابقة، التي تفتقر إلى ضمانات بتنفيذ الشق السياسي من الحل، وهو ما اعتبرته «أنصار الله» و«المؤتمر» عملية «استسلام» واضحة، وخصوصاً أن الخطة لا تتضمن انسحاب بقية الأطراف وتسليم أسلحتهم، ومن بينهم مقاتلو حزب «الإصلاح»، (الإخوان المسلمين)، الذين يسيطرون على أجزاء من محافظات مأرب والجوف وتعز، وأيضاً فصائل كثيرة من الحراك الجنوبي، التي تسيطر على محافظات الجنوب اليمني، ويطالبون بفك الارتباط والانفصال عن الشمال.
وفيما ترفض «أنصار الله» تسليم السلاح لحكومة هادي ووفق بنود المفاوضات السابقة، وتشترط تشكيل حكومة جديدة يسلم إليها السلاح، تبدو حكومة هادي في المقابل، في موقف لا تُحسد عليه في الرياض، إذ بات أمر خضوعها لـ«الإقامة الجبرية» في العاصمة السعودية، مؤكداً على لسان وزراء كالوزيرين صلاح الصيادي، وعبد العزيز جباري.