تُعدّ مفاوضات الكويت المقررة في الثامن عشر من الشهر الجاري اختباراً لمدى جدية الجانب السعودي في التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، وفسح المجال أمام الأطراف اليمنية لإيجاد حل سياسي والتوافق على صيغة حكم تمثّل الجميع.
وعلمت «الأخبار» بأنه خلال الحوارات التي شهدتها الحدود بين اليمن والسعودية في الآونة الأخيرة، طرح المفاوض السعودي مسألة تقاسم السلطة بين المكونات اليمنية، إلا أن الطرح المذكور يصعب قبوله لدى الطرف اليمني لأنه لا يعكس أحجام القوى الرئيسية في البلد. ثم إن «أنصار الله» ترى أن شكل الحكم وتقاسم السلطة، قضايا يفترض أن يجري التفاوض عليها بين المكوّنات اليمنية في إطار حوار داخلي.
وفي المقابل، شعر المفاوض اليمني للمرة الأولى بجدّية المفاوض السعودي، إذ تمكن من التوصل معه إلى تفاهمات لوقف شامل للحرب، وحل بعض متطلبات الوضع الإنساني مثل ملفات الأسرى والمفقودين والجثامين. وصحيح أن التفاهمات شكلية من حيث المبدأ، لكنها ذات أبعاد رمزية تكمن أهميتها في انتقال السعودية من مرحلة عدم الاعتراف بـ«أنصار الله» كمكون أساسي في اليمن ووصف أعضائها ومناصريها بـ«المتمردين» واتهامهم بالتبعية لـ«محور المقاومة» والعمل على عزلهم وتصفيتهم، إلى مرحلة الاعتراف بهم والتفاوض معهم من موقع ندّي.
من جهة أخرى، اغتنم المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ الفرصة، مدفوعاً برغبة دولية في وقف العدوان، ليؤسس على مفاوضات الحدود في محاولة لردم الهوة بين الطرفين. وجال ولد الشيخ على صنعاء والرياض، واستطاع الاستحصال على تنازلات مسهّلة من صنعاء. ومن هذه التنازلات التي تُعدّ شكلية، قبول الكويت مكاناً للمفاوضات والموافقة على الذهاب للمفاوضات في ظل إعلان الهدنة قبل المفاوضات بأسبوع، بعدما كان يُفترض ألا تذهب القوى في صنعاء إلى طاولة الحوار قبل وقف نهائي لإطلاق النار.
ولئن اتسمت مفاوضات الحدود بالجدّية وأفضت إلى بعض النتائج الإنسانية، لا يزال يُخشى من قراءة سعودية خاطئة لبعض تنازلات صنعاء، ما يمكن أن يمثّل لها إغراءً لها بالتزمت في المطالب، على أمل تحقيق مكاسب لا تقوى «أنصار الله» على تقديمها. وهذا ما فسره المراقبون مع إقالة نائب الرئيس ورئيس الوزراء السابق خالد بحاح المقبول من أكثر من جهة محلية وإقليمية ودولية واستبداله باللواء علي محسن الأحمر نائباً للرئيس وبأحمد بن دغر رئيساً للوزراء، على أنه محاولة لتعقيد المفاوضات وقطع الطريق أمام فرص النجاح والقبول بالتسويات.
في سياق متصل، علمت «الأخبار» أن السعودية تعمل على ترتيب الوضع في جنوب اليمن على خطين متوازيين، الأول مع القادة الجنوبيين السياسيين التقليديين التي ترى الدوائر السعودية أنهم عاجزون وغير قادرين على تحقيق أجندتها. لذا، فإنها تعمل على الخط الآخر من خلال الإعداد لمؤتمر جنوبي من قادة الصف الثاني وتحاول استرضاء قادة في «الحراك الجنوبي» للانضمام للمؤتمر الذي سيعمل على التمهيد للمرحلة المقبلة مع اعتراف بعدالة قضية الجنوب من دون التطرق إلى المزيد من التفاصيل.
كذلك، علمت «الأخبار» أن السعودية تعمل على ترتيب الوضع الداخلي لدول «التحالف» عبر إعادة استرضاء الإمارات بعدما وجهت لها ضربة موجعة بتعيين علي محسن الاحمر نائباً لهادي. وتبذل الرياض مساعي لعدم قيام الإمارات برد فعل ضد هذا التعيين مع وعود بألا يتمثل حزب «الإصلاح» ذراع «الإخوان المسلمين» في أي تركيبة مقبلة للحكم في اليمن كجهة سياسية أو فكرية، وأن أقصى ما سيقدم لهذا الحزب هو تقديم شخصياته كقيادات سياسية مستقلة.