اسطنبول | اعترض عناصر الاستخبارات التركية المرافقون لشاحنة كبيرة كانت في طريقها إلى سوريا، وتردد أنها تنقل اسلحة للمقاتلين، على محاولة الشرطة تفتيشها بحجة أن محتوياتها «من أسرار الدولة» التركية. هذا ما قاله وكيل النيابة العامة التركية في تقريره الرسمي بعدما منعه عناصر الاستخبارات، هو أيضاً، من تفتيش الشاحنة التابعة لهيئة الإغاثة الإنسانية، بعدما توافرت معلومات للشرطة بأن الشاحنة تحمل معدات عسكرية خطيرة في طريقها إلى سوريا عبر معبر باب السلامة الحدودي مقابل مدينة كيليس التركية. ونشرت وسائل الاعلام صورة التقرير الرسمي لوكيل النيابة، وجاء فيه انه حاول اعتقال السائق ومن معه من السوريين والأتراك وعناصر الاستخبارات الذين كانوا يحمون الشاحنة.
وأكد ان والي انطاكيا منعه من ذلك بكتاب رسمي، كما منع تفتيش الشاحنة. فيما قال وزير الداخلية أفكان أعلى، في رده على أسئلة الصحافيين: «هذا ليس من شأنكم، فهناك أشقاؤنا التركمان وعلينا مساعدتهم والشاحنة كانت في طريقها اليهم».
في حين ذكر كتاب المحافظ ان «المعدات سرية»، مهدداً بمعاقبة كل الذين حاولوا تفتيش الشاحنة وعرقلة حركتها.
وفيما لم يعرف مصير الشاحنة التي تابعت طريقها بحماية 15 من عناصر الاستخبارات التركية، قالت مصادر إعلامية محلية انها كانت تنقل معدات عسكرية للمقاتلين في سوريا تحت غطاء مساعدات إنسانية لهيئة الإغاثة الإنسانية، وهي الهيئة المتهمة بالمسؤولية عن جمع المتطوعين الأتراك ونقلهم إلى سوريا بحسب عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري رفيق أريلماز.
واشار أريلماز إلى ان الشاحنة كانت تنقل معدات خطيرة جدا إلى «جبهة النصرة» المقربة من «القاعدة» او «الجبهة الاسلامية» التي سيطرت الشهر الماضي على معبر باب السلامة، واستولت على مستودعات أسلحة ضخمة تابعة لـ«الجيش الحر». واعتبر أريلماز قضية الشاحنة خطيرة جداً وأنه «يجب محاكمة» رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان في المحاكم الدولية لأن الشاحنة كانت في طريقها إلى «جبهة النصرة» أو «القاعدة» وهي جماعات ارهابية وفق التصنيف الأميركي والأوروبي.
وأشار إلى استمرار تدفق الإرهابيين إلى مطار انطاكيا لينتقلوا منه عبر الحدود المشتركة إلى سوريا.
وأوضح ان الاطلاع على أرشيف كاميرات المراقبة في المطار سيكون كافيا للكشف عن أعداد وهويات الإرهابيين الأجانب الذين جاؤوا إلى المدينة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ووصل عددهم الى عشرات الآلاف.
من جهته، ناشد نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري أونور أويمان الحكومة الكشف عن حقيقة الشاحنة، ورأى ان أردوغان معرض للملاحقة والمحاكمة الدولية بسبب دعمه للإرهاب في سوريا. وقال: «أردوغان مسؤول مباشرة عن جرائم الإرهابيين في هذا البلد الجار».
وتهربت الحكومة من التعليق على حادثة الشاحنة على رغم الاهتمام الإعلامي بهذه القضية.
وكانت سلطات الأمن التركية قد صادرت العام الماضي العديد من الشاحنات التي كانت تنقل معدات عسكرية وأسلحة ومواد تستخدم في صنع السلاح الكيميائي ولكن من دون الكشف عن نتائج التحقيق مع المسؤولين من الأتراك والسوريين عن عمليات التهريب. وكانت المحاكم قد أخلت سبيلهم جميعا.
وأصدرت «هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية التركية» بيانا أول من امس قالت فيه إن قيادة قوات الدرك في المحافظة المذكورة أبلغت محامي الهيئة أنها لم توقف أي شاحنة تابعة لها تتضمن أموراً غير مشروعة. واتهمت الهيئة صحيفة «راديكال» بـ«زج اسمها الهيئة في هذه القضية» التي قالت إنها «من نسج الخيال ولا أساس لها في الواقع»، مشيرة إلى أن «هذا يأتي في إطار الحملة التي تشن ضد المؤسسة التركية لتشويه سمعتها بعد الـ 17 من الشهر الماضي الذي تم فيه الإعلان عن قضايا فساد في البلاد».
واعلنت الهيئة عن تقديمها شكوى قضائية بحق صحيفتي «راديكال» و«حرييت» بتهمة الإساءة لسمعتها ونشر أخبار كاذبة عنها.
وكانت صحيفتا «راديكال» و«توديز زمان» قد نشرتا يوم الثلاثاء الماضي خبراً عن ضبط الشاحنة التابعة لهيئة الإغاثة.