غزة | في خطوة فسّرها فلسطينيون على أنها محاولة لامتصاص الموقف المتصاعد على حدود قطاع غزة، قررت السلطات المصرية فتح معبر رفح لثلاثة أيام، وذلك في وقت لم يتجه فيه أي وفد من «حماس» إلى القاهرة، علماً بأنه في المرة الأخيرة لم يخرج وفد آخر كانت مقررة له زيارة أيضاً، فيما سار العمل على المعبر أمس بوتيرة بطيئة، كما تفيد مصادر محلية. وعلمت «الأخبار» أن «حماس» قدمت اعتذاراً إلى السلطات المصرية عن عدم إمكانية خروج وفد قيادي رفيع المستوى منها حالياً، وخاصة في ظل الضغوط المصرية المتواصلة على الحركة لوقف «مسيرات العودة».في هذا الوقت، توجه وفد من «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» إلى مصر للقاء وفد «اللجنة المركزية لحركة فتح»، وذلك للتباحث في عقد «المجلس الوطني» والمصالحة الفلسطينية، وهو ما أكده القيادي جميل مزهر الذي قال إن «الجبهة ستحاول الضغط على فتح لعقد المجلس في الخارج أو تأجيله إلى وقت آخر، بخلاف ما أقر بشأن إقامته في الشهر الجاري في رام الله، لكي يتسنى لجميع الفصائل المشاركة فيه، وفق ما أقرته اللجنة التحضيرية في بيروت سابقاً»، فيما تشي المؤشرات بأن «حماس» و«الجهاد الإسلامي» لا تزالان على موقف الرفض لعقد «الوطني» بهذه الطريقة.
ووفق المعلومات، يحمل وفد «الشعبية» معلومات تفصيلية من «حماس» التي كانت قد أرسلت مطلع الشهر الجاري رسائل تفصيلية إلى الفصائل كافة، ومنها «القيادة العامة» في سوريا، بشأن التطورات الأخيرة وموقف الحركة منها.
وبجانب العناوين السابقة، كالعقوبات المتواصلة على غزة وأزمة موظفي حكومة «حماس» السابقة، زاد عنوان آخر هو بدء السلطة تهديد تنفيذها بشأن الموظفين التابعين لها في القطاع، في ما يخص قطع الرواتب عنهم، إذ لم تصرف لهم رواتب آذار الماضي أسوة بموظفي الضفة المحتلة. وعلمت «الأخبار» أن أطرافاً عربية وأوروبية عدة مارست ضغوطاً على السلطة لصرف رواتب موظفي غزة على الأقل لثلاثة أشهر مقبلة، وذلك لمنع تدهور الأوضاع في القطاع، وخاصة أن هذه الضغوط تزيد أعداد تفاعل الفلسطينيين مع «مسيرات العودة»، وفق التقويمات الغربية ومصادر مطلعة. هذه المصادر نقلت أن حكومة رامي الحمدالله ستدفع رواتب غزة عن الشهر الماضي والجاري في أوقات متأخرة عن موعدها حتى لا تظهر بصورة أنها ألغت العقوبات، وذلك على أن تتوقف عن الدفع في الشهر الذي يلي ذروة «مسيرات العودة»، أي من منتصف أيار المقبل.
جراء ذلك، احتج العشرات من موظفي السلطة في غزة أمس أمام فروع البنوك وأغلقوا أبواب عدد منها، رغم توضيح وزارة المال في رام الله أن السبب يعود إلى «مشكلات فنية فقط»، وذلك في وقت وُجّهت فيه دعوات إلى المنتمين إلى حركة «فتح» للتظاهر أمام بيت مسؤول الحركة في غزة أحمد حلس «احتجاجاً على سياسة قطع الأرزاق».
وكانت «الجبهة الشعبية» قد استنكرت في بيان قطع الرواتب، قائلة إنها «خطوة تعمق حالة القهر والمعاناة لدى أبناء القطاع... ومحاولة لقطع الطريق على انتفاضة العودة»، داعيةً القيادة الفلسطينية إلى «الارتقاء إلى مستوى تضحيات الشعب الفلسطيني، وألا تتخذ مزيداً من الإجراءات والسياسات التي من شأنها تأزيم الحالة الاقتصادية بما ينعكس على مجمل أوجه الحياة الأخرى في القطاع المحاصر». في غضون ذلك، التقى الحمدالله، أمس، المنسق الخاص للأمم المتحدة لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وذلك «لبحث آخر التطورات السياسية والمصالحة الوطنية»، مجدداً له تأكيده «رسالة الرئيس محمود عباس بأن على حماس تسليم قطاع غزة دفعة واحدة».
ميدانياً، يواصل جيش العدو الإسرائيلي إجراءاته لتسخين الجبهة الحدودية في غزة، وذلك استباقاً للجمعة الثالثة من «مسيرات العودة الكبرى» ذات الطابع السلمي، في وقت أعلنت فيه «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، أمس، استشهاد أحد عناصرها «خلال تصديه ومجموعة من مقاتليها لطائرات الاحتلال المغيرة على القطاع شرق حي الشجاعية فجر الخميس». ووفق مصدر من المقاومة، تحدث إلى «الأخبار»، فإن «وحدات الدفاع الجوي التابعة للقسام فتحت نيران أسلحتها الثقيلة على طائرة استطلاع إسرائيلية محملة بالصواريخ كانت تحلق على مستويات منخفضة شرق حي الشجاعية، ما أدى إلى انسحابها من دون إصابتها، فيما ردت الطائرات الإسرائيلية بإطلاق صاروخ على المجموعات التي تصدت للطائرة، ما أدى إلى استشهاد محمد أحمد حجيلة (31 عاماً) وإصابة عنصر آخر بجراح خطيرة».
يأتي ذلك بعد وقت قصير على شن طائرات حربية سلسلة غارات على أكثر من منطقة في القطاع، بادعاء الرد على تفجير عبوة ناسفة استهدفت جرافة عسكرية قرب السياج الشائك مساء أول من أمس، فيما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن طائرة حربية تعرّضت لإطلاق نيران رشاشة عقب تنفيذها الهجوم، «لكن ذلك لم يتسبب في تضررها أو وقوع إصابات». وأدى إطلاق النار الثقيل على الطائرة أمس إلى تشغيل صفارات الإنذار في منطقة «غلاف غزة»، لكن من دون أن تطلق أي صواريخ من «القبة الحديدية» كما حدث سابقاً في مناورة «القسام» منتصف الشهر الماضي. مع ذلك، قال المصدر إن «لدى المقاومة وعياً بمحاولات الاحتلال تسخين جبهة غزة عسكرياً... المقاومة تحاول المحافظة على قواعد الاشتباك مع استعدادها لإمكانية حدوث تصعيد كبير».
وسط ما سبق، يستعد الآلاف من الفلسطينيين للمشاركة في الجمعة الثالثة من «مسيرات العودة» تحت عنوان «جمعة رفع العلم الفلسطيني». وأفادت وزارة الصحة مساء أمس عن استشهاد عبد الله محمد الشحري من خان يونس (جنوب) برصاص قناصة الاحتلال أثناء وجوده بالقرب من «مخيم العودة» شرق خان يونس، وبذلك يرتفع عدد الشهداء منذ بدء فعاليات «مسيرات العودة» إلى 32، بالإضافة إلى نحو 3 آلاف جريح.
إلى ذلك، أعلنت محطة توليد الكهرباء في غزة عصر أمس توقفها عن العمل «بسبب شح الأموال والوقود اللازم لتشغيل المحطة»، الأمر الذي سينعكس على عدد ساعات وصل الكهرباء للغزيين لتتقلص إلى ثلاث ساعات يومياً، وذلك في ظل تعطل خطوط الكهرباء المصرية منذ مدة من دون إصلاحها.