يريدها المحور السعودي قمة ضد إيران وتركيا وقطر، وتتطلع بعض الدول غير المقررة إلى انتزاع موقف بشأن القدس، لكن القمة العربية الـ29 التي ستعقد غداً في السعودية ستكون «قمة يمنية» بامتياز. واقعٌ فرضه اختيار الظهران، جنوبي مدينة الدمام الواقعة في المنطقة الشرقية للمملكة، بدلاً من العاصمة الرياض أو مدينة جدة، كموقع نائٍ لا تطاله الصواريخ اليمنية المنهمرة بغزارة هذه الأيام، وفق ما أشارت إليه وكالة «أسوشييتد برس» في موازاة تسريبات أخرى.حركة «النزوح» العربية من الرياض إلى الظهران، ومعها بيان وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الممهِّد للقمة، إضافة إلى تفاقم الشقاق بين «الأشقاء العرب»، عواملُ تجتمع لتحسم عدم الحاجة إلى انتظار البيان الختامي لمعرفة مصير قمة لن تغاير سابقاتها فشلاً وعجزاً. تستفيد الرياض من استضافة القمة لتكريس «محوريتها» عربياً، وسط غياب دول كسوريا وقطر، وضعف أخرى، وانهماك بعضها في الحروب والصراعات، وتهديد «أشقاء» بعضهم البعض بالعدوان والتآمر. وهو واقعٌ خَبِرته القمم العربية منذ العام 2013 على الأقل. وهذا ما حاولت الرياض، وحلفها الرباعي، تكريسه عشية القمة، بجملة تصريحات صوّبت النار على سوريا وقطر، واستحضرت كلاً من إيران وتركيا إلى جدول الأعمال.
تصريحات، لولاها، ولولا حرص سعودي استثنائي على أعلى تمثيل للدول العربية، لمرّ خبر القمة في ذيل الاهتمامات السياسية والإعلامية، في غمرة الأحداث الساخنة التي تعيشها المنطقة. يغيب أي جهد في الكواليس الدبلوماسية للإعداد لجدول الأعمال أو البيان الختامي، أو على الأقل مناقشة مبادرات بشأن القضايا الساخنة في سوريا والأراضي المحتلة وليبيا واليمن، سوى للرباعي المقاطع للدوحة. يخلو المسرح للسعودي مرة أخرى، كمؤدٍ وحيد في المنظّمة المحتضرة. ويخبو وهج قمة جامعة الدول العربية حتى مِن ما كان تبقى لها على صعيد الإثارة الإعلامية وصخب الكلمات والمشادات بين الزعماء العرب، ربما لحساب القمم الثنائية في البيت الأبيض.

لا مكان لقطر
وبعد «التفاؤل» بظهور الأعلام القطرية شرقي السعودية، إلى جانب أعلام الدول العربية الأخرى، في التحضيرات، أفصح انخفاض التمثيل القطري في الاجتماعات التمهيدية عن غياب الفرص لاختراق ولو شكلي للأزمة الخليجية. إذ غاب وزير خارجية قطر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب. كذلك، لم يحضر وزير المالية اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري، علماً أن الوزيرَين يرافقان أمير البلاد، تميم بن حمد (في زيارته إلى الولايات المتحدة)، الذي بدوره لن يحضر القمة وفق المناخ الذي ساد في الساعات الأخيرة، وسط تكتّم كل من قطر والسعودية على طبيعة التمثيل القطري في القمة، ووجوده من عدمه.
بدا بيان الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية هزيلاً ومكروراً


بحسب وزير الخارجية السعودية، عادل الجبير، فإن ملف الأزمة الخليجية مكانه ليس في القمة، إنما «داخل مجلس التعاون الخليجي». أما وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، فرفض أمس أي تمثيل قطري في. وفي تغريدة له عشية القمة، هاجم آل خليفة الدوحة قائلاً: «الهجمة الإعلامية القطرية على قمة الظهران، وإساءاتهم المتواصلة إلى اليوم لخادم الحرمين الشريفين، تؤكد أن قطر لا مكان ولا دور لها في القمة»، عادّاً تمثيلها «بأي شكل» لا يخدم «الأمن القومي العربي». الموقف التصعيدي من الوزير البحريني سيتوقف عنده القطريون كرسالة من كل أطراف دول المقاطعة، خصوصاً أنه أتى عقب اجتماع مغلق لوزراء خارجية الأخيرة على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب، أكدوا فيه «تنسيق مواقفهم» كما أوردت وكالة الأنباء السعودية.

فلسطين وسوريا وتركيا
بدا بيان الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية العرب، هزيلاً ومكروراً، وإن جاء في شقّه السوري أقرب إلى موقف كل من مصر والكويت منه إلى الموقف السعودي المستعد للانخراط في عمل عسكري تقوده واشنطن ضد دمشق. موقف عبّر عنه وزيرا خارجية البلدين، المصري سامح شكري والكويتي صباح خالد الحمد، في لقائهما الثنائي على هامش الاجتماع، والذي شدد على «الحل السلمي في سوريا»، في حين أضاف بيان وزراء الخارجية إدانة لـ«التصعيد العسكري في غوطة دمشق الشرقية». وكرر الوزراء العرب اعتبار «القدس الشرقية» عاصمة لدولة فلسطين، داعين إلى دعم الفلسطينيين عبر إرسال 100 مليون دولار شهرياً إلى السلطة الفلسطينية، مكتفين بالإعراب عن رفضهم لقرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نقل سفارة بلاده إلى القدس. وكان لافتاً في مشاريع القرارت التي أعدها وزراء الخارجية للقمة، رفض العملية العسكرية التركية في عفرين السورية باعتبارها «تقوض المساعي الجارية للتوصل لحلول سياسية للأزمة السورية». وفي حين حضر ملف قطر بقوة في كواليس التحضيرات، تصدّر الهجوم على إيران الاهتمام والمساحة الأوسع في مواقف السعودية وحلفائها، والتي جاء أبرزها في كلمة الجبير، وموقف أمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط. ورأى الوزير السعودي أن «لا سلام ولا استقرار ما دامت إيران تتدخل في الدول العربية»، معتبراً أن «طهران والإرهاب حليفان بدعمها لميليشيات الحوثي بالصواريخ البالسيتية». وبرز التركيز على تحشيد القمة ضد طهران في اجتماع الرباعي العربي الذي انضم إليه أبو الغيط. وقرر المجتمعون طرح مشروع قرار في القمة ضد إيران «يناقش أبعاد التدخل الإيراني وتداعياته».