الواضح حتى الآن، أن لا صيغة نهائية لاتفاق الاطار الذي يسعى اليه وزير الخارجية الأميركية جون كيري، مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وأن جولاته المكوكية الجديدة تهدف إلى اجراء المزيد من المشاورات تمهيداً لبلورة صيغة كهذه. في هذه الاجواء استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصول كيري إلى إسرائيل، كي يوجه اتهامه إلى السلطة الفلسطينية والتشكيك بجديتها في التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، خاصة وأن المفاوضات بلغت مرحلة مفصلية اما باتجاه تفجير المفاوضات او التوصل إلى اتفاق اطار جديد يمنح تل أبيب المزيد من المناورة والوقت من اجل فرض المزيد من الوقائع على الارض. وأسهب نتنياهو، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع كيري، في التشكيك باستعداد القيادة الفلسطينية للتوصل إلى اتفاق سلام، مشيراً «في ضوء اعمال وتصريحات القيادة الفلسطينية، يوجد لدينا في إسرائيل شكوك بأنهم ملتزمون بالسلام، وبدلاً من اعداد شعبهم للسلام، تمارس هذه القيادة عملية التحريض ضد إسرائيل». وشدد نتنياهو على أن «السلام يعني الاعتراف بإسرائيل كوطن الشعب اليهودي». وزعم نتنياهو أنهم في إسرائيل «مستعدون لاتخاذ قرارات تاريخية لكننا نحتاج إلى شريك في عملية السلام»، وأكد أنه يأمل في ألا يفوت الجانب الفلسطيني مرة أخرى الفرصة لتحقيق مستقبل افضل في المنطقة.

في المقابل، شكر كيري نتنياهو على ما وصفه بالقرار الصعب الذي اتخذه دون أن يوضح طبيعة القرار الذي قصده مشدداً على أنه «اقترب الوقت الذي يتعين فيه على القادة اتخاذ القرارات الصعبة».
واعرب كيري عن التزامه المبدأ الذي يوجه القيادة الإسرائيلية في المفاوضات بالحديث عن أن نتيجة أي اتفاق سلام سيشعر الإسرائيليون بأنهم اكثر امناً وليس أقل من ذلك»، موضحاً أنه سيحاول على مدى الايام الثلاثة القادمة تقليص الفجوات بين مواقف الطرفين. وأضاف أن اتفاق الإطار سيتبلور بناءً على الأفكار والمواقف التي طرحها الطرفان خلال جولات المفاوضات العشرين. وأوضح كيري أيضاً «أن مهمتي ليست فرض الأفكار الأميركية بل استخدام أفكار الطرفين ونحن داخل العملية التفاوضية منذ خمسة أشهر وهذه مسيرة طويلة ومعقدة لكنها ليست بالمهمة المستحيلة». وحدد كيري بأن «اتفاق الاطار سيتناول كافة القضايا الجوهرية، بحيث يعرف كل طرف إلى أين يتجه وماذا يمكن أن تكون النتيجة في قضايا اللاجئين، القدس، الضفة الغربية ونهاية النزاع».
ولجهة جدول اعمال كيري، تحدثت العديد من التقارير الإسرائيلية عن أن وزير الخارجية الاميركي سيكرس الايام الثلاثة المقبلة للقيام بجولات مكوكية مكثفة بين مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية وبين المقاطعة في رام الله لبلورة اتفاق مبادئ ينوي عرضه بعد عدة اسابيع.
لكن في ما يتعلق بالنتائج التي يمكن أن يحققها، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم أنه بالرغم من المحادثات المكثفة التي يخطط لها كيري، من غير المتوقع أن يحصل تقدم، ومن غير المتوقع أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق إطار، مشيرةً إلى أنه من المتوقع أن يأتي كيري إلى المنطقة مرة أخرى الأسبوع المقبل.
اما لجهة خلفية الاصرار الاميركي على التوصل إلى اتفاق اطار في هذه المرحلة، أوضحت تقارير إسرائيلية أنه إلى جانب محاولة التوصل إلى اتفاق دائم، تهدف الادارة الاميركية إلى محاولة منع انفجار المحادثات وتمديدها إلى ما بعد التسعة اشهر المقررة للجولات الحالية، وبالتالي استمرار الجولات المكوكية. وهو امر يهتم لتحقيقه نتنياهو، الذي اعلن الاسبوع الماضي امام جلسة الليكود، بأن المصلحة الحقيقية لاسرائيل تكمن في استمرار المسار وليس الاتفاق. ومن اجل ذلك يسعى نتنياهو إلى تمديد فترة المحادثات، لكن في ما يخص مضمون المخطط الاميركي الجديد، اتفاق الاطار المفترض، ينبغي أن يضم القضايا الهامة بالنسبة للطرفين، دولة فلسطينية وامن إسرائيل. إلى ذلك، ذكرت صحيفة «معاريف» أن نتنياهو يدرس امكانية طرح مقترح يشمل تنازلات اقليمية على كيري مما قد يكشف عن قائمة المستوطنات التي تتواجد حسب اعتقاده خارج الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة والتي من الممكن أن تخلى في ظل اي اتفاق مع السلطة. وقالت الصحيفة ان من بين المقترحات التي طرحت خلال المداولات المغلقة التي اجراها نتنياهو خلال الايام الاخيرة فكرة وقف اجراءات التخطيط لاعمال البناء في المستوطنات الواقعة خارج الكتل الاستيطانية لفترة طويلة من الزمن بهدف تمديد فترة المفاوضات مع الفلسطينيين إلى ما بعد فترة الاشهر التسعة التي اتفق عليها في بداية المسيرة.