بينما تحرص «حماس» على إبقاء علاقاتها قوية مع السلطات المصرية في هذه المرحلة أملاً في تحقيق الوعود بتخفيف المأساة الإنسانية والاقتصادية في غزة وفتح معبر رفح، وهي قضايا لم يحلّ أيّ منها، تتجنب الحركة الحديث الإعلامي في انتهاكات خطيرة تمارس ضد عدد من الغزيين وحتى من أبنائها، وتتمثل بزيادة عدد المفقودين والمختطفين في الأراضي المصرية أثناء خروجهم من القطاع أو العودة إليه.فمنذ 19 آب 2015، تاريخ اختطاف أربعة شبان من غزة ينتمون إلى «كتائب القسام»، بلغ عدد المختطفين والمفقودين أكثر من 15 شخصاً، من بينهم امرأة، وهذا العدد يشمل الأربعة المذكورين (ياسر زنون، حسين الزبدة، عبد الله أبو الجبين وعبد الدايم أبو لبدة).
آنذاك، نظمت احتجاجات وتصدرت «حماس» قضيتهم، الأمر الذي لم يتكرر مع عمليات الخطف الأخيرة، بعدما باتت السلطات المصرية تنتهج سياسة الإخفاء القسري بحق فلسطينيين يعبرون أراضيها، ويعتقد أن لهم علاقة بالمقاومة. ورغم إبعاد الموضوع عن الإعلام، وإقناع عائلات المفقودين بأن الحديث فيه سيضر أبناءهم أكثر مما يفيدهم، أخفقت الحوارات الخاصة التي أجراها عدد من الفصائل الفلسطينية مع السلطات المصرية للإفراج عن المختطفين أو تقديم معلومات عنهم.
تدقيق كبير في سجلات العائدين إلى غزة من كل من قطر وماليزيا وتركيا وسوريا ولبنان


ولم تحقق «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، اللتان ناقشتا قضية المخطوفين مرات عدة خلال زيارات عديدة للقاهرة العام الماضي والجاري، إلا في الإفراج عن عدد قليل. تشرح مصادر أمنية فلسطينية أن هناك تدقيقاً كبيراً في سجلات الفلسطينيين العائدين إلى غزة من كل من قطر وماليزيا وتركيا، وأيضاً سوريا ولبنان، لكن الضغط يكون أكثر على العائدين من الدوحة، إذ اختفى منهم ثلاثة أشخاص وامرأة بعد التحقيق معهم في مطار القاهرة، فيما اختطف عدد أقل من أماكن سكنهم داخل مصر. وطبقاً للمصادر، فإن أغلب المفقودين تتهمهم السلطات المصرية بعلاقتهم بالمقاومة، وخاصة «حماس».
لكنّ ما أعاد القضية إلى الواجهة هو اختطاف ثلاثة فلسطينيين في الثاني عشر من الشهر الجاري، عندما قررت القاهرة فتح معبر رفح. وفي ذلك اليوم، اختلفت الطريقة عن سابقاتها، بعدما أكد شهود عيان أن مواطناً غزياً استدعاه اثنان من رجال الأمن بينما كان داخل الصالة المصرية، ثم انقطعت الأخبار عنه حتى اليوم. أما السفارة الفلسطينية التي تتابع شؤون سفر الغزيين، فتردّ بأنها سألت الجهات المصرية عن مصير الشاب، لكن لا يوجد رد أو معلومات حول قضيتهم. واعتصمت ظهر أمس ثلاث عائلات فلسطينية (أبو وطفة، أبو ثريا ومليحة) فقدت أبناءها أخيراً أثناء سفرهم من غزة عبر معبر رفح، وذلك للضغط على الوفود الفلسطينية الموجودة في القاهرة حالياً، من أجل الكشف عن مصير أبنائهم. مع ذلك، امتنعت عائلات أخرى عن الاعتصام أو وصف أبنائهم بالمختطفين كي لا تعادي السلطات المصرية، مفضّلة حل قضية أبنائها بعيداً عن الإعلام.
وقالت إحدى العائلات، وهي أسرة المفقود أيمن فايز مليحة، إن الاتصال به قُطع أثناء عودته إلى غزة قبل 8 شهور، وكان ذلك في 16 آب 2017 وهو في مطار العاصمة الماليزية كوالالمبور قبل ركوب الطائرة متجهاً إلى القاهرة. ومليحة الحاصل على درجة الدكتوراه في هندسة الاتصالات والتحكم، هو من سكان حي الشيخ رضوان غرب غزة ويعمل محاضراً في الجامعة الإسلامية.