في الوقت الذي فرضت فيه الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» سيطرتها على مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار، غرب العراق، تستعد القوات العراقية لشن «هجوم كبير» لاستعادة المدينة التي خسرتها أول من أمس، أعربت طهران وواشنطن عن استعدادهما لدعم بغداد في حربها ضد تنظيم «القاعدة». وقال نائب رئيس الأركان الإيراني الجنرال محمد حجازي «إذا طلب العراقيون ذلك فسوف نزوّدهم بالعتاد والمشورة، لكنهم ليسوا بحاجة إلى جنود»، مضيفاً إن الجانب العراقي لم يقدم «طلباً لإجراء عمليات مشتركة ضد الإرهابيين التكفيريين».
بدورها، أعربت الولايات المتحدة عن «ثقتها» بما سمته مقدرة الحكومة العراقية والعشائر على هزيمة تنظيم «القاعدة». وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن «الحكومة العراقية والعشائر ستنجح في معركتها ضد تنظيم القاعدة، وإن واشنطن لا تفكر في إرسال قوات إلى العراق ثانية»، مضيفاً إن «هذه معركة خاصة بالعراقيين، ونحن لا نفكر في العودة، بل سنساعدهم في قتالهم». واستدرك بالقول إن «هذه معركتهم في النهاية وإن عليهم تحقيق النصر فيها، وأنا واثق من أنهم سيتمكنون من ذلك».
وكان مسؤولون في الإدارة الأميركية قد كشفوا في تصريحات صحافية أن الولايات المتحدة سلمت الحكومة العراقية صواريخ جو _ أرض المسماة «هيل فاير»، إضافة إلى طائرات من دون طيار لمساعدتها على محاربة تنظيم «القاعدة».
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعربت عن قلقها حيال محاولات تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، المعروف اختصاراً بتنظيم «داعش»، لفرض ما سمته سيطرته على سوريا والعراق، حيث اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف أول من أمس، أن «العالم أجمع بوسعه أن يرى وحشية ما يقومون به ضد المدنيين في الرمادي والفلوجة»، مشيرةً إلى أن «بعض زعماء العشائر العراقيين تمردوا علناً ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام».
وشهدت الفلوجة خلال اليومين الماضيين اشتباكات متقطعة على أطرافها بين مقاتلي «داعش» وقوات الجيش العراقي معززة بالعشائر المناهضة للتنظيم الإرهابي. وكان المئات من المسلحين الملثمين قد حاصروا ساحة الصلاة عقب الانتهاء من خطبة الجمعة وسط الفلوجة، وقاموا بإطفاء الكاميرات وصعد عدد منهم حاملين رايات «القاعدة» على منبر الخطيب حيث قال أحدهم: «نعلن الفلوجة ولاية إسلامية، وندعوكم للوقوف إلى جانبنا، ونحن هنا للدفاع عنكم ضد جيش المالكي الإيراني الصفوي، وندعو كل الموظفين للعودة إلى أعمالهم حتى الشرطة، شرط أن يكونوا تحت حكم دولتنا».
في المقابل، تحدثت قيادة شرطة الأنبار عن سقوط العشرات من تنظيم «داعش» بين قتيل وجريح خلال اشتباكهم مع أبناء العشائر والقوات الأمنية شرقي الرمادي يوم أمس، مشيرة إلى أن «قوات الشرطة وأبناء العشائر يحققون تقدماً ملحوظاً على داعش».
وأصدر مجلس محافظة الأنبار أمراً بإقالة قائد الشرطة فيها اللواء هادي كسار رزيج وتعيين اللواء إسماعيل المحلاوي بدلاً منه، في قرار أتى على خلفية تداعيات التراجع الأمني الذي شهدته محافظة الأنبار أخيراً.
من جهتها، أعلنت وزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان أمس، عن عدم توجه قواتها إلى الأنبار أو أي منطقة أخرى خارج أراضي الإقليم. وفيما أبدت استعدادها للمشاركة في محاربة التنظيمات المتشددة، بيّنت أن تحركها إلى أي منطقة مرهون بأوامر مباشرة من قبل رئيس الإقليم مسعود البرزاني. من جهته، حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي السبت من المساس بالعملية السياسية في البلاد. وقال إن هناك من يحاول إسقاطها، داعياً «الشركاء السياسيين إلى أن يتحملوا المسؤولية».
وحث المالكي الزعماء السياسيين وزعماء العشائر «الذين يدعمون عن غير قصد» الجماعات المسلحة في محافظة الأنبار غرب العراق، بما فيها تنظيم «القاعدة»، على «إعادة النظر في أفعالهم»، في الوقت الذي تصاعدت فيه العمليات العسكرية في مدينتي الفلوجة والرمادي بالمحافظة، مجدداً اتهامه لدولة خليجية من دون أن يسميها بالتدخل لدعم تنظيم «القاعدة»، حيث كشف «أن أحد المعتقلين من عناصر داعش قال لو انتظرتم 3 أسابيع كنا سنعلن الدولة المستقلة في الأنبار، وإحدى الدول الخليجية ستعترف بنا».
في السياق، دعا رئيس ائتلاف الوطنية إياد علاوي، أمس، وزراء الحكومة من «غير دولة القانون» إلى الانسحاب من الحكومة كونها لا تستطيع تحقيق الأمن والاستقرار للعراقيين، فيما أطلق ائتلافه مبادرة؛ أبرز نقاطها سحب الجيش والقوات المسلحة من المدن والقصبات.
ودعا علاوي، في بيان أمس، الجيش العراقي والقوات الأمنية الأخرى إلى «التفريق بين الإرهابيين والمتظاهرين في التعامل مع الأحداث الجارية في الأنبار وكل مناطق العراق»، مؤكداً «نحن ضد الإرهاب ونقف صفاً واحداً مع قواتنا المسلحة في محاربته، وفي الوقت نفسه نطالب الحكومة بتلبية مطالب المتظاهرين وحسب ما نص عليه الدستور».
من جانبه، طرح النائب عن ائتلاف الوطنية حسن شويرد، في بيان، مبادرة الائتلاف «كلنا ضد الإرهاب»، مبيّناً أن «المبادرة تضمنت سحب الجيش والقوات المسلحة من المدن والقصبات، بموازاة توقف أبناء العشائر وعموم المواطنين فيهما عن العمليات والمظاهر المسلحة، وإحلال قوات الشرطة والأمن لحفظ الأمن الداخلي، وبما رسمه الدستور». وأضاف إن «النقطة الأخرى ضمن المبادرة تنفيذ المطالب المشروعة للمتظاهرين والمعتصمين السلميين، وإطلاق سراح جميع المعتقلين الأبرياء، فضلاً عن وقف التصعيد الإعلامي والتصريحات المستفزة، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس، بالإضافة إلى تعويض المتضررين من المدنيين وأبناء العشائر الكريمة وشهداء وجرحى القوات المسلحة».
(الأخبار، أ ف ب)