أجمل وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلاصة لقاءاته المكوكية مع كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بالإعلان عن تقدم في أمور معينة يمكن أن تؤدي إلى حصول تقدم في أمور أخرى، مقراً في الوقت نفسه بعدم التوصل إلى اتفاق في هذه المرحلة. ووعد كيري بخطة «عادلة ومتوازنة» للسلام قبل أن يغادر القدس المحتلة إلى عمان، التي انتقل بعدها إلى الرياض لإطلاع المملكتين الحليفتين على نتائج جولته العاشرة من المحادثات.
في هذه الأجواء، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن عدداً من أمناء سر نتنياهو حذروه من رفض اتفاق الإطار الذي يقترحه كيري، على أمل أن يرفضه الفلسطينيون. وعرض هؤلاء المستشارون أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي «سيناريو رعب» يتمثل بعزل إسرائيل دولياً، إلى جانب سيناريو آخر على الصعيد الداخلي يؤدي إلى تفكك ائتلافه الحكومي. بينما يعتقد كيري وطاقمه بأن عباس يواجه بصلابة الانتقادات الداخلية»، وبأن هناك احتمالاً جيداً في أن يوافق عباس على «تسويات تاريخية» كالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ويوافق على «اتفاق الإطار».
وحددت «هآرتس» بأن منبع التفاؤل الأميركي يعود إلى الاعتقاد بأن نتنياهو وعباس ليس لديهما خيارات أفضل». ونقلت عن كيري قوله أمام مجموعة طلاب يهود أميركيين في القدس «كلا الزعيمين مدركان للتداعيات التي ينطوي عليها الفشل»، ونقلت الصحيفة أيضاً عن مسؤول في طاقم كيري قوله إن «رفض أبو مازن لمبادرة كيري من شأنها أن تسبب أضراراً غير قابلة للإصلاح للمشروع الوطني الفلسطيني، وبالمقابل فإن رفض نتنياهو سيسبب أضراراً بالغة لمكانة إسرائيل الدولية واقتصادها».
وكان كيري قد قدم أمام نتنياهو وعباس ورقة موقف مُفصّلة حول مبادئ استمرار المفاوضات حول القضايا الجوهرية، ليس لها مفعول قانوني، ومن غير المطلوب التوقيع عليها من قبل الأطراف، لكنها تشكل إطاراً لاستمرار المحادثات لعدة أشهر، كما تطمح الولايات المتحدة، بعد انتهاء فترة الأشهر التسعة للجولات الحالية في 29 نيسان المقبل.
وبحسب صحيفة «معاريف»، يفترض أن تفصل هذه الورقة المبادئ الهامة لإسرائيل مثل الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، وعدم عودة اللاجئين إلى إسرائيل ونهاية النزاع، وحجم الحضور العسكري الإسرائيلي على طول نهر الأردن، إضافة إلى مبادئ هامة أخرى للفلسطينيين، مثل إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 (مع تبادل مناطق)، عاصمتها شرق القدس.
ورفضت إسرائيل مقترحات الولايات المتحدة حول ضمان أمن وادي الأردن.
وقال وزير العلاقات الدولية الإسرائيلي يوفال ستينيتز إن «الأمن يجب أن يبقى بأيدينا»، معتبراً أن «كل الذين يقترحون حلاً يقضي بنشر قوة دولية أو شرطيين فلسطينيين أو وسائل تقنية لا يفقهون شيئاً في الشرق الأوسط».
وفي ما يتعلق بمعارضة كل من الطرفين، لبعض المواد الإشكالية، نقلت «هآرتس» عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن بلاده مستعدة لتمكين الطرفين من تقديم تحفظاتهما، لكن على أن تكون جزءاً من صياغة الوثيقة وليست في ملحق منفصل يتعارض واقعياً مع صيغة الاتفاق. وأضاف «في حال كان اتفاق الإطار يتضمن مادة تتحدث عن مفاوضات على أساس 67 مع تبادل مناطق، لن نوافق على أن تكون التحفظات التي يقدمها أي من الطرفين تتعارض مع ذلك». وبناءً على ذلك، يمكن القول إن أي تحفظ تقدمه السلطة الفلسطينية على مسألة يهودية الدولة، ينبغي أيضاً ألا تتعارض معها عملياً؟!
من جهة أخرى، ورداً على مواقف كيري التفاؤلية، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون أن إسرائيل لا يمكنها أن تنسحب من منطقة غور الأردن ولن تقبل التخلي عن حرية تحريك قوات الجيش في مدن الضفة الغربية، لأن من شأن ذلك أن يعزز وجود قوى معادية، موضحاً أن سيناريو الانسحاب من غزة سيتكرر في الضفة، ومن شأنه أن يتيح المجال لحركة حماس بأن تثبّت أقدامها وتطيح سلطة أبو مازن.
من جهته، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أنه لن يؤيد اتفاقاً لا يتضمن تبادل أراض وسكان. وحول موقفه من مبادرة كيري، رأى ليبرمان أن أي طرح بديل يمكن أن تتقدم به المجموعة الدولية «سيكون أسوأ»، مشيداً بالجهود التي يبذلها كيري وحرصه على الترتيبات الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية وموقفه المطالب بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.
في المقابل، دعا رئيس الموساد السابق مئير دغان، إلى نهج جديد تماماً لتسوية الصراع، معتبراً أن الطريق الصحيح لحل المشكلة مع الفلسطينيين لا يكون باتّفاق مع الفلسطينيين»، موضحاً: «علينا أن نصل إلى ترتيب ما بحيث نتحادث فيه مع الجامعة العربية، وأن نجعل ذلك وكأنما هو اقتراح من العرب أنفسهم»، وأضاف دغان إن احتمال أن يكون أبو مازن مستعداً للتراجع عن المواقف الأساسية التي تم تحديدها في تراث عرفات في ظل هذه الظروف هي فرصة ضئيلة جداً».