بوضع البوليساريو وإيران في السلة نفسها، يبحث المغرب عن جعل الاستقلاليّين الصحراويين مُنفّرين في أعين واشنطن وتسليط سخط إدارة دونالد ترامب عليهم. وبالنسبة إلى هذه الإدارة الأميركيّة التي يقودها سياسيّ يحمل نظرة بدائيّة ومانويّة للعالم (تؤمن بتصارع الأضداد)، فإنّ صديق عدوّي هو بالضرورة عدوّي. يعني ذلك أنّه إذا ساند العدوّ الإيرانيّ البوليساريو، فإنّ الأخيرة عدوّة بالضرورة للأميركيّين. هذا محض هراء، جبهة البوليساريو ليست صديقة الإيرانيّين، ولا هي عدوّة للأميركيّين. ولا يوجد أيّ دليل على تورّط إيران أو حزب الله في صراع الصحراء الغربيّة.كان المغرب دائماً منحازاً إلى المواقف السعوديّة، ما عدا بعض الاستثناءات، ولم تحصل قطّ أزمات دبلوماسيّة ذات اعتبار. عام 2009، عندما نادى البدو السعوديّون، المغاربة، أجابوا مباشرة بقطع علاقاتهم الدبلوماسيّة مع إيران، على الرغم من أننا نبعد آلاف الكيلومترات عن الخليج الفارسيّ، وليس لنا أيّ خصام مع «بلد الملالي».
تحتاج السعوديّة للمغرب في حربها المحدودة ضدّ إيران وفي حملتها الإجراميّة في اليمن، ويحتاج المغرب إلى حلفاء في صراعه ضدّ جبهة البوليساريو. الأنظمة الاستبداديّة العربيّة، من ضمنها قطر، تساند بعضها في وجه المخاطر التي تواجهها. اليوم، بدفع من فرنسا والولايات المتحدة، يريد مجلس الأمن دفع المتقاتلين أو «الطرفين» كما يطلق عليهما، إلى التفاوض، وإلا فإنّ بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، ستتحمل كما أعلنت سابقاً «مسؤولياتها» في حال الفشل، ويعني ذلك أنّها تفضّل حلاً يلائم المغاربة. ربما وجب البحث هنا عن سبب قطع العلاقات الدبلوماسيّة مع إيران، إنّها إيماءة من محمد السادس تجيب على إيماءة ترامب في الأمم المتحدة.
من لا يعرف سبب نشاط الدبلوماسيّة المغربيّة المكثّف حول صراع الصحراء الغربيّة الوحيد، يجب أن يعرف أنّها مسألة حيويّة بالنسبة إلى الملكيّة المغربيّة. فبعد محاولتين انقلابيّتين كادتا أن تكلفاه عرشه وحياته في الستينيات، بحث الراحل الحسن الثاني عن قضيّة توحّد البلد حول شخصه، وتمثّلت تلك القضيّة في الصحراء الغربيّة، فربط بها عرشه. وقد وصل به الأمر حتى إلى القول لصحافيّ فرنسيّ إنّه من دون الصحراء الغربيّة سيهتزّ عرشه، وقد ورث محمد السادس تلك المعادلة. ويعتقد هذا الأخير، وكذلك الكثير من المحيطين به، أنّ المغاربة الذين شحنوا على مدى عقود بخطاب وطنيّ متطرّف، لن يقبلوا بخسارة ذلك الإقليم بعد كلّ التضحيات المبذولة في سبيل الإبقاء عليه. المشكلة أنّه في وجود حاكم مثل محمد السادس، الذي يحمل رؤية مستقبليّة محدودة ويفكّر في مشاريعه وثرواته أكثر مما يفكّر في مصالح البلد، لن نجد حلاً لهذا الصراع الذي يأكلنا.

*دبلوماسي مغربي سابق وصحافي محكوم عليه من قبل النظام المغربي بعدم ممارسة مهنته لعشرة أعوام