تونس | دفع قانون الضرائب الجديد في تونس آلاف التونسيين أمس الى الشوارع والساحات وأمام مقارّ دفع الضرائب (القباضة المالية)، احتجاجاً على فرض ضرائب عالية على السيارات والشاحنات والجرارات. وقد تزامنت هذه الاحتجاجات مع إضراب الأطباء وطلبة وأساتذة كليات الطب والقضاة، الذين دخلوا في إضراب مفتوح. في الوقت نفسه، فشل المجلس الوطني التأسيسي في الاتفاق على تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إذ ازداد الوضع غموضاً بعد رفض رئيس الحكومة علي العريض، تقديم استقالته المفترض ان يجري اليوم الأربعاء، كما تنص على ذلك خارطة الطريق.
فالوضع في تونس يشبه الى حد كبير الأيام التي سبقت سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، اذ يخيم مناخ من الغضب والاحتقان على الشارع التونسي، عشية الذكرى الثالثة للثورة، بعدما تبين ان كل الأحلام التي حملها التونسيون في الأيام الاولى لسقوط النظام السابق قد اهترأت بسبب فشل الترويكا الحاكمة في تحقيق المطالب الشعبية في العمل والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وهو ما يفسر الى حد بعيد نتائج الاستطلاع الذي أنجزه مجمع الدراسات العالمي، الذي كشف أن ٣٥ % من التونسيين ندموا على سقوط بن علي.
أما الغليان الشعبي الذي تعيشه تونس الآن، فيُتوقع أن يرتفع نسقه بسبب الضرائب المُجحفة وارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية والمحروقات، حيث حذرت الأحزاب والمنظمات، وخاصة الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد الوطني للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة رجال الأعمال)، من مخاطر قانون المالية الجديد، الذي صنّفه خبراء المالية والضرائب بأنه أسوأ قانون مالية منذ استقلال البلاد في ١٩٥٦.
وما يزيد الوضع احتقاناً واتجاهاً نحو التصعيد، فشل الحل السياسي، اذ إن رفض العريض تقديم استقالة حكومته، بحسب ما اتُّفق عليه في جلسات الحوار الوطني، وكذلك الفشل في التوافق حول الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، سيعيدان الوضع الى النقطة الصفر، بما يهدد التوافق الهش للأفرقاء السياسيين، مع كل ما قد يترتب عليه من انفجار للعنف في ظل أزمة اقتصادية تهدد البلاد بالإفلاس.
يأتي ذلك بعدما رفضت المنظمات المالية العالمية منح تونس قروضاً جديدة يمكن ان تنقذها مؤقتاً من هاوية الإفلاس.
وكانت خارطة الطريق قد مثلت أملاً كبيراً للتونسيين، وأنعشت نسبياً البورصة التونسية، لكن رفض العريض الاستقالة، وانفجار الغضب، الذي شمل كل المدن والقرى من الشمال والجنوب، الى الساحل وغرب البلاد، قد يخلقان وضعاً تصعب السيطرة عليه.
فالحكومة أمام أزمة الآن بسبب قانون المالية يصعب السيطرة عليها، اذ إن الذين انتفضوا احتجاجاً على هذا القانون هم من صغار الفلاحين وأصحاب الشاحنات والجرارات الفلاحية والموظفين من أصحاب السيارات الذين أُغرقوا بضرائب غير مسبوقة، على ما يُعرف بضريبة الجولان، وهو أداء ضريبي يدفعه كل من يملك سيارة او شاحنة او جرار الى الدولة.
ولا تواجه الترويكا الحاكمة مشاكل الاحتجاجات الشعبية فقط، بل تواجه أزمة الشرعية أيضاً، إذ ان معظم التونسيين يرون أن المجلس التأسيسي مصدر السلطات المؤقتة قد استنفد شرعيته منذ ٢٣ تشرين اول ٢٠١٢، وفقد أي صدقية بعد اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد في شهر شباط ٢٠١٣ والقيادي الناصري محمد البراهمي في ٢٥ تموز ٢٠١٣.
ولم يعد بإمكان الترويكا الحاكمة أن تحتج بشرعية منتهية الصلاحية، فضلا عن فشلها في إدارة البلاد، وتعكر الوضع الأمني وتغلغل الفساد والتهريب والإرهاب وتضاعف معدلات البطالة والفقر.
ومع اقتراب الذكرى الثالثة لسقوط النظام السابق يشعر معظم التونسيين، حسب استطلاعات الرأي أن «الثورة» لم تحقق لهم شيئاً ومنهم ٨٣ % لم يشاركوا في اي اجتماع سياسي بعد ١٤ كانون الثاني ٢٠١١، و٩٤ % من التونسيين لا ينتمون الى اي حزب، وهو ما جعل عدداً من المحللين والمتابعين للشأن التونسي يتوقع اندلاع ثورة جديدة قد تكون هذه المرة أشد عنفاً.



دخل قضاة تونسيون منذ يوم أمس في إضراب عام من المقرر أن يستمر 3 أيام احتجاجاً على ما يرونه «تدخّلاً من السلطة التنفيذية في الشأن القضائي».
وكان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين، قد دعا القضاة في سائر المحاكم والمؤسسات القضائية والإدارة المركزية، إلى تنفيذ إضراب عام حضوري، احتجاجاً على «رفض رئاسة الحكومة الموافقة على قرارات هيئة القضاء العدلي المتعلّقة بالحركة القضائية».
(الأناضول)