لكن، على الرغم من ردود الفعل الرافضة تلك، بدا البرلمان متمسّكاً بقراره، إلى حدّ التلويح بالذهاب إلى أبعد مما قرّرته الجلسة الاستثنائية أول من أمس. إذ حذّرت اللجنة القانونية في مجلس النواب من أن «المفوضية ستتحمل المسؤولية إذا لم تلتزم تنفيذ القرار»، مشيراً إلى أن «هناك إجراءات قانونية سيتخذها المجلس بحقها». إجراءات يمكن أن تتضمن بحسب النائب محمد العبد ربه «إحالة مفوضية الانتخابات على محكمة جزائية، باعتبارها مرتبطة رقابياً بمجلس النواب»، لكون «رفضها استقبال لجنة تقصي الحقائق النيابية يؤكد وجود عمليات تزوير». هذا التصعيد عادت «المفوضية» وقابلته بنوع من المرونة، عبر إعلانها عزمها على عقد جلسة «مهمة» الخميس المقبل بهدف التباحث في قرار البرلمان. ووفقاً للعضو في «المفوضية»، حازم الرديني، في ضوء ذلك الاجتماع «ستُتَّخَذ الإجراءات المناسبة، ويُعرَف مدى تطبيق القرار من عدمه»، في تلميح إلى إمكانية تنفيذه.
الصدر: نأمل من إيران عدم التدخل في الشأن العراقي
إلا أن تلك المرونة لم تنسحب على مواقف الكتل السياسية التي تصدرت نتائج الانتخابات، وفي مقدمها تحالف «سائرون» والحزبان الكرديان الرئيسان، وهو ما يشي بأن الاشتباك السياسي والقانوني يتجه نحو مزيد من الاحتدام. وأعلن المتحدث باسم زعيم «التيار الصدري»، جعفر الموسوي، أمس، رفض «الصدريين» قرار البرلمان، واضعاً إياه في إطار «الإجراءات والقرارات الخاطئة، ومخالفة الدستور، وتخطي الصلاحيات الدستورية»، متسائلاً: «هل مفهوم رقابة مجلس النواب يخوّله أن يقوم مقام الجهة التي تخضع لرقابته». ووصف النائب عن «كتلة الأحرار» التابعة لـ«التيار الصدري»، رياض غالي، بدوره، المجتمعين في جلسة الاثنين الاستثنائية بأنهم «ائتلاف الخاسرين»، داعياً «مفوضية الانتخابات» إلى «الصمود وعدم الخضوع أمام هذه الضغوط، وأن تعمل وفق الإجراءات القانونية». وعلى المقلب الكردي، رأى «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود برزاني أنه «لا يحق للبرلمان التدخل في شؤون المفوضية»، مضيفاً أن «ما حصل هو أن عدداً من النواب لم يحصلوا على أصوات كافية ويحاولون خلق مشاكل»، لافتاً إلى أن «النصاب القانوني للجلسة الاستثنائية لم يكن مكتملاً». ورأى «الاتحاد الوطني الكردستاني»، من جهته، أن «البرلمان أنهى دورته التشريعية بأخطر انتهاك للدستور»، محملاً «رئاسة البرلمان مسؤولية هذا الخطأ الكبير الذي قد ينجم عنه ما لا تُحمد عقباه»، معلناً «أننا سنقوم بالطعن في جلسة البرلمان وقراره لدى المحكمة الاتحادية».
إعلان ينبئ، إذا ما جرت ترجمته فعلاً، بأن الأزمة ستصل إلى أروقة أعلى هيئة قضائية في البلاد، وهو ما يجعلها مفتوحة على احتمالات شتّى، يخشى أوائل الفائزين من أن يكون إبطال نتيجة الانتخابات واحداً منها. ما دون ذلك، يتحسّس هؤلاء أيضاً من تأثير الجدل والتأخير على مفاوضات تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر التي لا ينقصها أصلاً مزيد من التعقيد، خصوصاً بالنسبة إلى تحالف «سائرون» الذي تواجهه عقبات عديدة وضغوطات مضادة في طريقه إلى استقطاب القوى والشخصيات الفائزة. وفي انتظار ما ستسفر عنه مشاورات «الأب الروحي» لـ«التحالف»، مقتدى الصدر، يبدو الأخير حريصاً أكثر من أي وقت مضى على التموضع في موقع وسطي يجنّبه «زلّات» قد تحرمه التقرير في هوية رئيس الوزراء المقبل. في هذا الإطار، يأتي رفض الصدر، في إجابته عن سؤال أحد أنصاره أمس، «التدخل الإيراني والأميركي» على السواء، قائلاً إن «إيران دولة جارة تخاف على مصالحها، نأمل منها عدم التدخل بالشأن العراقي كما نرفض أن يتدخل أحد بشؤونها»، مضيفاً أن «أميركا هي دولة محتلة، لا نسمح لها بالتدخل على الإطلاق».