رفضت إسرائيل أمس الكشف عن أسماء الغالبية الساحقة من الدول التي تصدر إليها أسلحة، بذريعة أن ذلك يؤدي إلى الحاق الضرر بمصالحها الأمنية والإستراتيجية.وعلى رغم أن أمر الكشف عن زبائن إسرائيل في مجال التصدير الأمني، صادر عن محكمة إسرائيلية، إلا أن الكشف اقتصر على قائمة تتناول عمليات التصدير خلال عامي 2011 -2012، وضم خمس دول فقط، هي الولايات المتحدة وبريطانيا واسبانيا وكوريا الجنوبية وكينيا، رغم وجود معطيات مكشوفة امام الجميع تتعلق بصفقات من هذا النوع في نشرات الأمم المتحدة. كما أن صحيفة «هآرتس» اكدت أن إسرائيل صدرت السلاح إلى 29 دولة على الأقل خلال العقد الاخير.

وكانت النيابة العامة بررت، قبل اكثر من ستة اشهر، رفض الكشف عن رخص التسويق والتصدير، بالقول إنه سيؤدي إلى الكشف عن دول «غير معنية بنشر علاقاتها الأمنية بإسرائيل بسبب وضعها الدولي الحساس». وأضافت أن هذا الامر «قد يؤدي إلى قطع علاقات أمنية إستراتيجية بين إسرائيل وهذه الدول، ويؤدي إلى استخدام ضغوط على دول اخرى لقطع علاقاتها بتل أبيب». لكن بعد المداولات التي تمت في أعقاب الاستئناف امام محكمة الشؤون الادارية في تل أبيب، تم امر النيابة العامة بإعادة فحص هذا الامر، حول وجود معطيات تتصل بقائمة المصدرين والدول التي باعتها إسرائيل سلاحاً ويمكن نشرها. بعد ذلك بأسبوع، عقدت وزارة الدفاع الإسرائيلية، مؤتمراً صحافياً عرضت فيه معطيات لم يتم الكشف عنها حتى الآن عن التصدير الأمني، وتضمن قيمة الصفقات التي وقعت عليها إسرائيل مع دول مختلفة، بحسب القارات الموجودة فيها.
وكمثال على ذلك، وقعت إسرائيل عام 2012 على صفقات بلغت قيمتها 3.83 مليار دولار مع دول آسيا والمحيط الهادئ؛ وصفقات بقيمة 1.73 مليار دولار مع دول أوروبية؛ وصفقات بـ 1.1 مليار دولار مع الولايات المتحدة وكندا، أما دول اميركا اللاتينية وافريقيا فوقّعت معها على صفقات بقيمة 604 ملايين دولار و107 ملايين دولار على التوالي، ومع ذلك لم يتم ايراد أي إشارة إلى أسماء الدول التي شاركت في تلك الصفقات. وبعد نحو ستة اشهر، وتحديداً أول من أمس، أعلنت الدولة أنها أجرت «فحصاً آخر يتعلق بإمكانية نشر أسماء دول أو مناطق هدف التصدير الامني»، ونشرت المعطيات التالية: عام 2011 صدرت إسرائيل أسلحة إلى اسبانيا والولايات المتحدة وكينيا، وفي عام 2012 تم التوقيع على صفقات مع اسبانيا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وبريطانيا. وبقيت اسماء سائر الدول مستورة رغم أن تقارير وزارة الدفاع في المؤتمر الصحافي الذي عقد في تموز الماضي لم تدع مكاناً للشك في أن الحديث يدور عن أكثر من خمس دول.
في المقابل، وصفت «هآرتس» ما أسمته التقرير الجزئي الصادر عن النيابة العامة، بأنه غير عادي لجهة الشفافية الإسرائيلية، وأنه جاء في أعقاب قرار المحكمة الذي صدر بناء على التماس طلب الكشف عن أسماء وأشخاص وشركات مسجلة في سجل الصادرات الأمنية الإسرائيلية ورخص تسويق والتصدير الأمني التي منحتها دائرة الرقابة على التصدير الامني، في وزارة الدفاع الإسرائيلية، بالتزامن مع احتجاج اعضاء كنيست اعربوا عن غضبهم كونهم لا يعلمون وجهة الأسلحة الإسرائيلية المصدرة. وكشف الفحص الذي قامت به الصحيفة نفسها عن وجود صفقات أخرى غير قليلة، رفعت فيها الدول المشاركة تقارير عنها إلى أجهزة رقابة الامم المتحدة، لكن رغم ذلك لم تجد طريقها إلى تقارير قسم الرقابة على التصدير الأمني.
ومن الأمثلة على صفقات الأسلحة التقليدية التي تم توثيقها في الأمم المتحدة، ولم ترد في التقرير الإسرائيلي صفقة مع تشيلي عام 2012 ضمت عدداً غير معلوم من صواريخ «سبايك» المضادة للدبابات، من إنتاج سلطة تطوير وسائل القتال. وصفقة أخرى مع المكسيك في السنة نفسها تم خلالها بيع 47 مسدساً من عيار 9 ملم وأكثر من 5700 بندقية من انتاج شركة «آي.دبليو.آي» الإسرائيلية. وفي السنة نفسها أيضاً، تم التوقيع على صفقتي بيع صغيرتين مع هولندا ورومانيا. وفي عام 2011 تم بيع الدانمارك 20 منظومة اطلاق راجمات صواريخ من عيار 120 ملم.
وتعليقاً على التقرير الإسرائيلي عن أن الصناعات العسكرية تصدر إلى اكثر من 29 دولة، فيما ترفض إسرائيل الكشف عن اسماء جميع الدول باستثناء خمس منها، اعتبر رئيس مشروع التوازن العسكري في الشرق الاوسط، التابع لمعهد «ابحاث الأمن القومي»، يفتاح شابيرا أن «هناك أشياء لا يسعدنا أنه يتم بيعها، ويوجد زبائن لا يسعدنا أنهم مشترون، فيما توجد امور كان يجب أن نمتنع عنها» مضيفاً إن إسرائيل كانت لها علاقات تجارية لسنوات مع نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا. وأقرّ شابيرا بأن عدداً من دول العالم يستخدم السلاح الإسرائيلي في عمليات القمع والجرائم.