القاهرة | يبدو أن شيئاً لم يتغير في أسلوب تنظيم الانتخابات ومراقبتها في مصر رغم كل ما جرى ويجري، إذ لا تزال علامات الاستفهام تدور حول الآلية التي تمنح من خلالها اللجنة العليا اللانتخابات تصاريح المراقبة على حسن سير هذه العملية الديموقراطية.
وفي تكرار للأخطاء نفسها التي حدثت خلال الاستفتاء والانتخابات البرلمانية والرئاسية السابقة، حصلت 67 منظمة مدنية مصرية على 83647 تصريحاً لمراقبة الاستفتاء على الدستور المعدل وفق آلية أثارت استهجان عدد من القانونيين وخبراء حقوق الإنسان الذين تخوفوا من تبعات ذلك على المستقبل الذي ينشده المصريون.
وفي تصريح لـ «الأخبار»، استهجنت أستاذة القانون في الجامعة الأميركية في القاهرة هناء الأنصاري «إعطاء منظمات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين تصاريح لمراقبة الاستفتاء على الجمهور في حين تصنف الدولة هذه الجماعة على أنها إرهابية». وأوضحت أن «هناك ازدواجية في إعلان السلطات حظر جميع أنشطة الإخوان واعتبارها إرهابية، وفي الوقت نفسه إعطاء منظمات تابعة لها نحو 30 ألف تصريح لمراقبة الإستفتاء»!.
ورأت «أن ذلك يثير تساؤلات حول آلية التنسيق بين أجهزة الدولة»، لافتةً إلى أنه «إذ افترضنا جدلاً أن الإخوان جماعة إرهابية فإنها قادرة وبكل بساطة على تدمير عملية الإستفتاء من خلال مراقبيها، وإذا كانت مجرد طرف في الصراع السياسي الحاصل فإنها قادرة على أن تعطي تقارير منحازة لمصلحة الجماعة لا لمصلحة الشارع، وهو ما يخرج عملية المراقبة من مضمونها ويضعها في قالب سياسي يضعف من قيمتها».
من جهته، قال الباحث الأمني هاني الأعصر إنه «ليس من الصعب على اللجنة العليا للإنتخابات أن تكتشف أنها تسلمت 5000 تصريح من جمعية يخضع مديرها للمحاكمة ويتقلد منصباً في جماعة الإخوان، ولن يكون من المستحيل معرفة أن إحدى الجمعيات في الاسكندرية حصلت على تصاريح مراقبة تدار بواسطة المكتب الإداري للجماعة هناك، أو أن هناك إئتلافاً من 30 منظمة تدار بواسطة الجماعة حصل على تصاريح لكافة تلك المنظمات، وبالتالي كيف تمنح اللجنة العليا تلك التصاريح لمنظمات تعلم جيداً أنها لن تحقق المنشود من عملية المراقبة، ولكن الأقرب أن يتم إستغلال تلك التصاريح لتحقيق مصالح حزبية ضيقة تخدم الصراع السياسي القائم؟». واستغرب «كيف لم يحصل العديد من المنظمات الحقوقية ذات الخبرة في مجالات مراقبة الإنتخابات على تصاريح مراقبة، في وقت حصل عليها عدد من المنظمات غير المعروفة والتي لا تملك أي خبرة في هذا المجال».
وفي السياق، تساءل المراقب الدولي في «مركز نون للحقوق السياسية والاجتماعية» نبيل أمين عن المعايير التي انتهجتها اللجنة العليا في إعطاء التصاريح قائلاً إن «3 منظمات من أصل 67 حصلت على 40 في المئة من إجمالي التصاريح بواقع 32000 تصريح. علماً أن إحدى المنظمات حصلت على 12000 تصريح وهي لا تملك موقعاً الكترونياً يحدد ماهيتها أو وسائل الإتصال بها»، مضيفاً أن هناك «13 ألف صندوق يتوزع عليها 83467 مراقباً، ما يعني وجود حوالي 7 مراقبين على كل صندوق إنتخابي». الباحث الاجتماعي في جامعة القاهرة هشام متولي أوضح أن بعض هذه المنظمات مرتبط مباشرة بأحزاب سياسية في النظام الحالي وهو ما يثير مخاوف من تأثير تلك الإنتماءات والمصالح على حيادية ما ستصدره هذه المنظمات من تقارير.
بدورها، رأت أستاذة القانون في جامعة الاسكندرية هدى رؤوف أن عدداً من المنظمات التي حصلت على تصاريح ليست لديها خبرة وقدرة على تنفيذ عملية المراقبة بشكل حقوقي محترف، وفي الوقت نفسه أهملت اللجنة العليا للإنتخابات إعطاء التصاريح أو أخطأت بشكل يكاد أن يتحول الى كارثة خلال الإستفتاء.