في حين ترفض الولايات المتحدة العملية العسكرية في الحديدة، تؤكد الإمارات أنّها لن تخوض المعركة من دون دعم أميركي مباشر. موقفان لا ثالث لهما من «التحالف» أو «الشرعية»، يؤكدان أن «المعركة أميركية بامتياز»، كما سبق وأكد قائد حركة «أنصار الله»، عبدالملك الحوثي، الشهر الماضي، فضلاً عن كون واشنطن، الحليف الرئيسي لـ«التحالف»، الذي يزوده بالطائرات المقاتلة والوقود والأسلحة، والدعم الاستخباري.تبدو الحديدة، مدينة أكبر من أن تحسم عسكرياً. ثمة جانب إنساني وآخر سياسي تخشى الولايات المتحدة تحمّل وزره في الحديدة، الممتدة على طول ساحل الضفة الشرقية للبحر الأحمر، حيث الميناء القريب من خطوط الملاحة الدولية، والذي تدخل عبره أغلب واردات اليمن من الغذاء والنفط والمساعدات الإنسانية.
تتلطى الولايات المتحدة خلف الجهود الأممية، للانطلاق من معركة الحديدة وتداعيتها، إلى طاولة مفاوضات برعاية الأمم المتحدة، كما أكد الرئيس دونالد ترامب ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاثنين الماضي، بأن الحل لن يكون إلا سياسياً، في ظل انعدام الثقة، بقيادة الإمارات لثلاث قوى غير متجانسة، ضمن ما تسمى بـ«المقاومة اليمنية»، في العملية العسكرية على الأرض، من دون وقوع خسائر سياسية (إنسانية) من جانب آخر، كما قال مسؤول أميركي لصحيفة «وول ستريت جورنال» الاثنين، بقوله: «لسنا متأكدين مئة في المئة من أن التحالف العربي عند الهجوم، سيكون قادراً على إنهائه في شكل نظيف من دون وقوع أي حادث كارثي».
جددت واشنطن أمس، رفضها العمليات العسكرية في المدينة، وخصّت الإمارات هذه المرة، على لسان متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، بالقول، إن «واشنطن تعارض أي جهود من جانب الإمارات والقوات اليمنية التي تساندها للسيطرة على المدينة»، مؤكداً أن «واشنطن لن تدعم أي أعمال ستؤدي إلى التدمير أو لمزيد من التدهور في الوضع الإنساني في المدينة».
الموقف الأميركي كان قد نقله وزير الخارجية، مايك بومبيو، إلى نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، لدى لقائهما في الـ14 من أيار/ مايو الفائت. وردّ ابن زايد في حينها بأن بلاده «لن تمضي قدماً (في شن عملية عسكرية في الحديدة) من دون موافقة الولايات المتحدة». وعلى رغم ذلك، تمضي الإمارات في حشد ألوية جنوبية موالية لها، حول الحديدة، ووحدات من قوات طارق صالح، وقوات سودانية، وبإسناد جوي كثيف.
موقف البيت الأبيض، جاء بمثابة رد على طلب السعودية والإمارات تقديم مساعدة عسكرية مباشرة في الحديدة، بحسب ما أكدت تسريبات لوسائل إعلام أميركية. ووفقاً صحيفة «وول ستريت جورنال»، بررت أبو ظبي والرياض هذا الطلب، بأن إمدادات هذا الميناء مرتبطة بها حياة 29 مليون يمني بشكل مباشر، إلا أن البلدان أكدا أنهما من دون دعم أميركي مباشر، لن يجازفا بتنفيذ عملية لـ«تحرير الحديدة»، الأمر الذي عكس تراجعاً عسكرياً لها، إذ تمكنت القوات الموالية لحكومة «الإنقاذ الوطني» في صنعاء، وقوات «أنصار الله»، في الأيام الأخيرة، من قلب موازين المعركة، فيما أرجع «التحالف» بطء وتيرة المعارك، إلى تأمين خطوطها الخلفية، وكثافة الألغام، والدفع بتعزيزات كبيرة تمهيداً لمعركة كبرى في المدينة.