«في ما يبدو مؤشراً على حملة قمع أوسع للمعارضة في قطر»، حُكم الشهر الماضي على الشيخ فهد بن عبدالله آل ثاني، إبن عم أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بالسجن 7 سنوات، بتهمة اقتحامه مركزاً للشرطة وإطلاقه النار على ثلاثة من عناصرها، في محاولة منه لتحرير اثنين من أبنائه.
لكن رواية عدد من أفراد عائلة الشيخ فهد وغيرهم من الشهود العيان تتناقض مع رواية الحكومة القطرية، يقول الصحافي محمد فهمي، المدير السابق لمكتب قناة «الجزيرة» الإنكليزية في مصر، في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أول من أمس. ينقل عن الأخيرين أن قوات مؤللة (تستقل عربات مدرعة) من «أمن الدولة» اقتحمت قصر الشيخ في العاصمة القطرية، الدوحة، الشهر الماضي، وأشبعته واثنين من أبنائه ضرباً، قبل اعتقالهم «اعتباطياً»، وفقاً للمحامي ووزير العدل السابق، نجيب النعيمي، الذي بات من أبرز منتقدي الحكومة، كما يقول فهمي، شارحاً أن لفهد تاريخا طويلا من الخلاف مع الحكومة القطرية التي صادرت بعضاً من أراضيه التي ورثها، مضيفاً أن نشطاء قطريين معارضين يعتقدون أن الاعتقال جاء رداً على نشاط الشيخ السياسي.
وفقاً لفهمي، يمثل النعيمي «عشرات القطريين الذين عانوا قمع الملكية المطلقة للأصوات المعارضة»، مشيراً إلى أن أحد موكلي النعيمي، الشاعر محمد العجمي، يمضي حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً، «بعد محاكمة سرية في عام 2012، بتهمة انتقاد الأمير» في قصيدة امتدح فيها «الربيع العربي». ويريد الناشطون «المؤيدون للديمقراطية» في قطر إنهاء الحظر المفروض على الأحزاب السياسية والنقابات العمالية، من ضمن قائمة من المطالب الواردة في عريضة سُلّمت للأمير، حمد بن خليفة، عام 2011، ذُيلت بتوقيع 19 مواطناً قطرياً، من ضمنهم الشيخ فهد، يقول فهمي.
وفي العريضة بند ينتقد الأمير «لإنفاقه ملايين الدولارات على مشاريع خارجية، فيما يهمل مصالح أو رفاه مواطنيه»، وفق فهمي الذي يشير إلى إنفاق الدوحة «مئات ملايين الدولارات، على سبيل المثال، لدفع رواتب موظفي حماس المدنيين في قطاع غزة»، مضيفاً أن تمويل قطر ودعمها السياسي لحكم «الإخوان المسلمين» في مصر، منذ عام 2012، بلغ نحو 8 مليارات دولار، قبل إطاحة الرئيس الإخواني، محمد مرسي، في العام التالي.
وفي إشارة لافتة، يقول فهمي إن مكوثه في السجون المصرية لـ438 يوماً جاء نتيجة «سياسة قطر في استعمال النسخة العربية من شبكة «الجزيرة» لدعم الإخوان المسلمين ضد حكام مصر، ما جعل مني ومن زملائي بيادق في لعبة الدوحة الجيوسياسية»، ذاكراً أنه يعد دعوى قضائية ضد القناة المذكورة، «بسبب سلوكها». ويتابع فهمي قائلاً إن دعم قطر للمجموعات الإسلامية المتمردة في سوريا، «ارتد (على الإمارة) بشكل محرج»، مستشهداً بدبلوماسي غربي قال لصحيفة «دايلي تيليغراف» إن «12 شخصية بارزة في قطر تجمع ملايين الجنيهات (الاسترلينية) دعماً للجهاديين»، يذهب جزء كبير منها إلى «جبهة النصرة»، فرع «القاعدة» الذي «منعت الجزيرة مراسليها العام الماضي من تناولها بهذه الصفة».