تترقّب إسرائيل سيطرة الجيش السوري في جنوب البلاد، وصولاً إلى كامل الحدود في الجولان المحتل. يرافق الترقب إشارات دالة ومعلنة، عن تسليم واضح لمآل لم تعد تل أبيب قادرة على الحؤول دونه: خسارة الجماعات المسلحة وخدماتها، وعودة الجيش السوري إلى حدودها.مؤشرات التسليم الإسرائيلي لم تعد خافية، ولا تجد إسرائيل حرجاً في إعلانها. مصدر رفيع المستوى في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، أشار في حديث لصحيفة «إسرائيل اليوم»، إلى «الشروط» الإسرائيلية في حال تحققت الخشية وأنهى الجيش السوري مهمة السيطرة على المناطق الحدودية الجنوبية، من درعا وصولاً إلى القنيطرة والحدود في الجولان. بحسب المصدر الرفيع، تحتفظ إسرائيل لنفسها بكل الخيارات، إذا أدى هجوم الجيش السوري إلى إلحاق الأضرار بنظام وقف إطلاق النار الذي كان سائداً في الجولان، لغاية «الحرب الأهلية» في سوريا عام 2011.
كلام المصدر واضح في دلالاته، وإن كان يحمل في الشكل تعبيرات تهديد تؤكد التسليم بالعودة إلى ما كان سائداً في الماضي قبل الحرب على الدولة السورية. وهو يتقاطع مع إعادة تسريب مضمون لقاء وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، خلال زيارته الأخيرة لموسكو في الشهر الماضي، وتأكيداته أمام المسؤولين الروس أن «إسرائيل لن تتحمل خرقاً لاتفاق فصل القوات في الجولان (لعام 1974)، وستعمد إلى الرد بقوة على أي خرق». وشدد ليبرمان أمام مضيفيه على ضرورة عودة مراقبي الأمم المتحدة، الاندوف إلى مواقعهم في الجولان السوري، باعتباره أحد الشروط الإسرائيلية، لمرحلة ما بعد إنهاء الحرب.
إذاً، إسرائيل ليست مرجحة وحسب، إلى حد التأكيد في تقديراتها، حول مآل المعركة الحالية في الجنوب السوري، بل تتطلع إلى مرحلة ما بعد السيطرة المرجحة للدولة السورية، وصولاً إلى الحدود معها. أما شروطها ومساعيها طوال السنوات الماضية، فباتت في الخلف، مع خسارة كل ما كانت تراهن عليه. ليس للجنوب السوري وحسب، بل حيال الدولة السورية نفسها ومحاولة موضعتها في خانة واصطفاف حلفائها من دول «الاعتدال» العربي. أما الآن، بعد خسارة الحرب على سوريا، فتأمل إسرائيل لمرحلة ما بعد عودة الجيش السوري إلى الحدود، إعادة العمل باتفاق فصل القوات لعام 1974 من دون أي تغيير يذكر.
التقديرات السائدة في الجيش الإسرائيلي، كما ترد من ضباط رفيعي المستوى في قيادة المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي، تشير كما سرّب الإعلام العبري أمس، إلى استعداد خاص لدى الجانب الإسرائيلي، عملاً بمنطق التحوط، إزاء التداعيات المتوقعة جراء دخول قوات برية سورية كبيرة إلى قرب الحدود في الجولان. وبحسب مصادر عسكرية إسرائيلية «يقدّرون في إسرائيل أنه في نهاية المطاف، جيش (الرئيس السوري بشار) الأسد سيسيطر على كل الجولان السوري. السؤال هو: هل يتحقق ذلك عبر عملية عسكرية واسعة النطاق بلا تنسيق وتفاهمات مسبقة، أم يتحقق عبر التوافق مع الأميركيين والمتمردين، وبالتنسيق مع إسرائيل والأردن».
وعلى خلفية هذا التقدير، تستعد إسرائيل لما سمّته موجات نازحين قد تصل إلى الحدود، على خلفية المعارك وتقدّم الجيش السوري على حساب المسلحين. انشغال إسرائيل في هذا المسألة، يتعلق بالتشديد على أنها لن تسمح لأي نازح باجتياز الحدود، الأمر الذي دفعها إلى تحضيرات احتياطية توجه النازحين في حال تدفقهم للبقاء على الحدود دون اجتيازه، عبر ترتيبات لوجستية خاصة، سمّتها أمس «مساعدات إنسانية»، تشمل توزيع مئات الخيام والمواد الغذائية على أربع نقاط، موزعة على طول الحدود مع سوريا، في الجانب السوري من الحدود.
بناءً عليه، أكد وزير الطاقة الإسرائيلي، عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، يوفال شتاينتس، أن «إسرائيل ملزمة بمنع دخول اللاجئين الهاربين من سوريا إليها، وهو الأمر الذي منعناه في السابق، وسنمنعه الآن»، فيما أكد وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، بدوره، منع اجتياز النازحين للحدود، وقال في تغريدة: «سنحرص على المحافظة على المصالح الأمنية الإسرائيلية، كما والحال دائماً، نحن على استعداد لتقديم أي مساعدة إنسانية للمدنيين والنساء والأطفال، لكننا لن نستقبل أي لاجئ سوري في أراضينا».