تبدأ اليوم عملية العد والفرز اليدويّين لأصوات المقترعين في الانتخابات التشريعية العراقية، بعد طول أخذ ورد حول نتائج لازمتها دعاوى التزوير. أمس، أعلنت «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» استكمال الإجراءات اللازمة للبدء بعملية التدقيق في أصوات المقترعين، في المراكز والمحطات التي طَعَن المرشحون في نتائجها. وقال الناطق باسم «المفوضية»، ليث جبر حمزة، إن «مجلس المفوضين استكمل كافة إجراءاته المتعلقة بالعد والفرز اليدويين، وأصدر النظام المتضمن الإجراءات الواجب اتباعها أثناء العملية في المراكز والمحطات الانتخابية»، على أن يتولى 9 قضاة إدارة العملية، بدلاً من مسؤولي «المفوضية» الذين جُمّد عملهم، جرّاء اتهامهم بـ«الفشل في إدارة عملية الاقتراع، والتواطؤ في ارتكاب المخالفات». ورغم الدعوات المتكررة من مختلف القوى السياسية، والمشددة على ضرورة «الحسم السريع للنتائج»، إلا أن القوى نفسها لم تربط دعواتها بسقف زمني لعملية باتت الحياة السياسية مرهونة بانتهائها، وتقود نتائجها إلى ملء الفراغ التشريعي الذي دخلته البلاد الأسبوع الماضي، لأول مرة من نيسان 2003. ولئن كانت القوى نفسها مقتنعة بأن العد والفرز اليدويّين «لن يغيرا من نتائج الانتخابات كثيراً» سوى في عدد محدود من المقاعد، فإن قبولها المضي فيه قدماً ينبئ بفشلها إلى الآن في تأسيس أرضية لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر، وبالتالي احتياجها إلى وقت إضافي قد يفيد إعادة العد والفرز في تعبئته. ومن هنا، ينظر البعض إلى عملية الإعادة على أنها تستهدف «شراء الوقت»، بانتظار نضوج تفاهم ذي طابع إقليمي على تشكيلة الفريق الحاكم مستقبلاً. وفي هذا الإطار، ترى مصادر سياسية، في حديث إلى «الأخبار»، أن رئيس الوزراء المقبل سيكون «محل تقاطع رؤى بين الإيرانيين والأميركيين، وسيحفظ قواعد الاشتباك الحالية بين الطرفين في العراق».
ستتولى «المفوضية» مهمة فصل النزاعات بين المرشحين للانتخابات النيابية


وحتى المصادقة على النتائج النهائية، يظلّ حيدر العبادي في منصبه رئيساً لحكومة «تصريف الأعمال»، ومُسيِّراً لشؤون البلاد، على أن تتولى «المفوضية» في الوقت نفسه مهمة الفصل في المنازعات بين المرشحين للانتخابات النيابية، وفق ما شددت عليه أمس «المحكمة الاتحادية العليا» (أعلى سلطة قضائية في البلاد)، موضحة أن القرار الذي تصدره «المفوضية» سيكون قابلاً للطعن فيه أمام «الهيئة القضائية للانتخابات»، والمُشكَّلة في محكمة التمييز الاتحادية. على خط موازٍ، دعا نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي، إلى نزع السلاح غير القانوني من أيدي «الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة»، مطالِباً بـ«حصره بيد الدولة لضمان بسط الأمن وفرض الاستقرار السياسي والأمني، وإشعار الناس بالطمأنينة وحمايتهم من سطوة المجرمين». وأوضح المالكي أن «هذا الأمر لا يعني حرمان المواطن من حيازة السلاح المرخص من قبل الجهات المختصة، بل نزع السلاح غير المرخص للميليشيات قبل نزع السلاح الفردي الذي يحتمي به المواطن».
ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع، أمس، مقتل 16 مسلحاً من تنظيم «داعش» في قصف جوي، شمالي البلاد. وقالت، في بيان، إن «طيران الجيش شن ضربة جوية دقيقة في طوزخورماتو شمالي محافظة صلاح الدين»، مضيفةً أن «الضربة أسفرت عن مقتل 16 إرهابياً كانوا مختبئين في بناية قرب منطقة تل فرحان». بدوره، أشار الملازم في شرطة المحافظة، نعمان الجبوري، إلى أن «المستهدفين كانوا قد تسللوا إلى قضاء طوزخورماتو من التلال الجبلة القريبة»، لافتاً في تصريح صحافي إلى أن هدف المتسللين كان «تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف مواقع تابعة للأجهزة الأمنية». بالتوازي مع ذلك، أعلن المتحدث باسم «مركز الإعلام الأمني»، العميد يحيى رسول، أن «العراق وضع خطة تحدُّ من تسلل الإرهابيين من سوريا إلى العراق بنسبة 90٪»، مبيناً في تصريح صحافي أن «العراق يحاول تأمين حدوده من خلال الأسلاك الشائكة، وعمليات الاستطلاع الجوي، إضافةً إلى كاميرات المراقبة على طول شريطه الحدودي مع سوريا». وأضاف أن «هناك وجوداً لعناصر داعش في مناطق أعالي الفرات، ويشكلون خطراً على الحدود العراقية، لذا وضعنا خطة واستخدمنا آليات جديدة لمنع تسللهم أو الحد منه»، متابعاً أن «الخطة كانت من جانب الحدود العراقية فقط، وإذا وجدنا حاجة إلى وضع خطة مماثلة لحدودنا مع دول أخرى فسنضعها».
من جهة أخرى، أعلنت وزارة «البيشمركة» في حكومة إقليم كردستان أنها «اتفقت مع التحالف الدولي على مراجعة الخطط العسكرية الخاصة بالمناطق المتنازع عليها شمالي البلاد»، وذلك في أعقاب اجتماع عقد في أربيل، بين مسؤولين في «البيشمركة» وممثلين عن «التحالف»، حيث اتفق الجانبان على «ضرورة الإسراع في إجراء مراجعة لخطط حفظ السلم، والخطط العسكرية في تلك المناطق».