تُشكّل قفزات النموّ إغراءً يوحي بأنّ «السياسات السياحيّة» تحقّق نجاحاً
إنّ نسبة النمو التي تحقّقت حتى الآن هي، بلا شك، نسبة ممتازة تُبشّر بنهوض أول قطاع اقتصادي في البلاد. ويمكن عدّ هذا النهوض أوّل مواليد «إعادة الإعمار الاقتصادي» برؤوس الأموال الجديدة التي تستهويها الربحيّة العالية للاستثمار في السياحة السورية. وعلى رغم ارتفاع أسعارها مقارنة بدول الجوار، فإنّ هذا لم يؤثّر في العائدات بسبب ارتفاع استهلاك شريحة سوريّة تُقدر بـ20% لم تقترب من خطّ الفقر والعيش المتوسّط وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة. ولم تتوقف الشريحة المذكورة عن ارتياد المطاعم والفنادق السورية بكثافة زادت عن السنوات السابقة. النصف الفارغ من الكأس يشير إلى إحباط شديد بسبب ارتفاع الأسعار التي لا تتناسب مع النسبة العظمى من السوريين، ولا مع نصيب الفرد من الناتج المحلي، ولا من كتلة الدخل بما فيها رواتب القطاعين العام والخاص. والسؤال المطروح الآن: هل ستستمر «طبقة العشرين في المئة» في دعم الإنفاق الاستهلاكي بالوتيرة نفسها؟ وهل سيواصل أفرادها لعب دور الزبائن في استثمارات عائديّتها للطبقة ذاتها؟!قد تُشكّل قفزات النموّ إغراءً يوحي بأنّ «السياسات السياحيّة» تحقّق نجاحاً باهراً، فيستمر «الأداء التسعيري» في ضبط الأمور وفق بوصلة «نفقات المستثمر» من دون دراسة السوق وقدرتها على السداد. إنّ المضيّ في المسار الاقتصادي نفسه «يبشّر» بخروج سوريا كليّاً من لائحة «بلدان معيشة الفقراء»، لا سيّما أنّ واقعها الاقتصادي بات مُقاماً على قاعدة «أقلية اقتصادية تملك رأس المال، وتحقّق في الوقت نفسه أعلى نسب الإنفاق الاستهلاكي» بحيث يبني أفراد هذه الطبقة فنادق ومنشآت، يرتادونها وحدهم من دون سواهم. فيما يُطالب أفراد الفئة الأكبر بالتصفيق لـ«إنجازات اقتصاديّة» ليس لهم سوى التفرّج عليها، من دون أن يتجرأوا على التفكير بالاقتراب منها!