جاءت مقررات «مجلس سوريا الديموقراطية» الذي انعقد في مدينة الطبقة أول من أمس، لتؤكد التوجه العام الذي يبديه قادة القوى الكردية، بالتوجه صوب الحوار مع الدولة السورية، وطيّ صفحة الحروب، من خلال البحث عن توافقات ترضي الطرفين، وهو ما تجسّد بشعار المؤتمر الذي كان: «نحو حل سياسي، وبناء سوريا لا مركزية ديموقراطية». وبدا لافتاً أن اختيار مدينة الطبقة لعقد المؤتمر الثالث، بعد مؤتمرين عقدا في مدينتي رميلان والمالكية واللتين يعتبرهما الأكراد معقلاً من معاقل «روج أفا»، ليعبّر عن انفتاح أكبر تجاه بقية المكونات السورية، والتحضير لمرحلة جديدة بعد القضاء على الإرهاب، وطيّ صفحة المعارك ضد «داعش».وكان اللافت في المؤتمر خلوّه من أي إشارة لـ«الفدرالية» مع التركيز على مصطلح «اللا مركزية»، في ما بدا أنه رسائل للحكومة السورية، مفادها أن «الفدرالية» لم تعد مطلباً، خاصةً أن مصادر كردية مشاركة في لقاء سابق في قاعدة حميميم للتمهيد للحوار مع الحكومة، أكدت أن الرئيس بشار الأسد أبلغ الجانب الروسي، رفض حتى مناقشة « الفدرالية»، كشكل للحكم في البلاد. وكان البارز أيضاً في المؤتمر هو تحديد «مجلس سوريا الديموقراطية» كمنصة ممثلة للشمال والشرق السوري، لأي حوار مقبل يتعلّق بمستقبل البلاد، بوصفها المرجعية والمظلة السياسية لـ«الإدارات الذاتية» و«المجالس المحلية»، و«قوات سوريا الديموقراطية». وأعلن المجلس أيضاً تغيير في هيكليته التنظيمية، من خلال استحداث «هيئة تنفيذية» للمجلس وإسناد رئاستها إلى إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة السابقة للمجلس، وانتخاب كل من أمينة عمر ورياض درار كرئيسين مشتركين للمجلس. وذكر البيان الختامي للمؤتمر أن «المجلس هو المخوَّل إجراء أي عملية تفاوضية، وأن الحل السياسي عبر المفاوضات هو السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد». ورأى أن «القضية الوطنية أولوية استراتيجية للوصول إلى حل القضايا المجتمعية العالقة، بما فيها قضايا حقوق المكونات».
وأكد عضو الهيئة الرئاسية لـ«مجلس سوريا الديموقراطية»، حكمت حبيب، في تصريح إلى «الأخبار» أن «المجلس جاهز للحوار مع الحكومة السورية في أي مؤتمر مهما كان مكانه في دمشق أو اللاذقية، أو أي مكان آخر»، وكشف أنهم يسعون إلى تشكيل «جبهة معارضة شاملة، للمشاركة في مؤتمر وطني شامل، بعيداً عن المعارضات المرتبطة بالخارج». ورأى حبيب أن لـ«قسد» والجيش السوري جهوداً كبيرة في هزيمة «داعش»، وأنهم في المجلس «يسعون كسوريين للحوار مع الحكومة وليس للتفاوض»، معتبراً أن «التفاوض لا يمكن أن يكون بين أبناء البلد الواحد». ووصف التسريبات عن مفاوضات ولقاءات بين الطرفين بأنها «إشاعات»، وشرح أن «مطالب المجلس ليست خيالية، فهو لا يدعو إلى رحيل الرئيس، بل نبحث عن شكل إداري جديد للبلاد، على مبدأ ديموقراطي لا مركزي».
إلى ذلك أكدت مصادر حكومية أن «إدارة سدود الفرات والبعث في ريف الرقة، وتشرين في ريف حلب الشمالي الشرقي، رفعت العلم السوري داخل مباني السد، بعد أن تسلمت عدداً من المباني الإدارية داخل السدود المذكورة»، وكشفت المصادر أن «التفاوض أدى إلى عودة موظفين حكوميين إلى المشفى الوطني والمراكز الصحية، في خطوة سيليها تفعيل عدد من المؤسسات الخدمية في كل من الطبقة والرقة».
وفي موازاة ذلك، يواصل حزب «الشباب للبناء والتغيير»، الإعداد لمؤتمر «حوار سوري ــ سوري»، يفترض أن يعقد في مدينة القامشلي في الرابع والعشرين من الشهر الجاري. وبحسب الأمينة العامة لحزب «الشباب للبناء والتغيير»، بروين إبراهيم، فإن «الدعوة وجهت إلى حزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، والأحزاب المرخصة والعشائر العربية والكردية، مع وفود من شخصيات من معارضة الداخل من دمشق والساحل، بالإضافة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي». ورأت إبراهيم أن «المؤتمر له أهميته في الشمال بهذا التوقيت، وله رسالته بأن كل مكونات سوريا ستشارك في رسم مستقبلها القادم»، وكشفت أن «وفداً سيشكل من المشاركين في المؤتمر للذهاب إلى موسكو، وإعداد ورقة عمل للحوار مع الحكومة السورية».