بدأ الرئيس الصيني، شي جين بينغ، اليوم، زيارةً رسميةً إلى دولة الإمارات تستغرق ثلاثة أيام، ضمن جولة تشمل أيضاً السنغال وروندا وجنوب أفريقيا. ستبحث بكين وأبو ظبي، خلال الزيارة، قضايا التعاون المشترك بين البلدين، فيما وصف مسؤولون إماراتيون الزيارة بأنها «تاريخية»، تزامناً مع توقيع البلدين اتفاقيةً تتعلّق بإقامة منطقة تجارة حرّة في دبي، وأخرى متعلّقة بمجال استكشاف النفط والغاز.
رئيس الوزراء الإماراتي، محمد بن راشد آل مكتوم، قال قبيل استقباله الرئيس الصيني، إن بلاده تثمّن «هذه الزيارة، ونعتبرها تاريخية، وتؤسس لمرحلة استراتيجية جديدة في العلاقات بين البلدين»، متابعاً أن «الإمارات هي أول دولة خليجية أقامت علاقات استراتيجية مع الصين، وهناك توافق بيننا وبين الصين في الكثير من الملفات الإقليمية والعالمية».
من المقرّر أن يبحث الرئيس الصيني خلال الزيارة سبل تعزيز العلاقات الثنائية، في ظل التعاون الاستراتيجي المتنامي بين البلدين، والتنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى توقيع اتفاقيات تعاون في عدد من المجالات.
وكان شي جين بينغ قد أعرب في مقال بعنوان «يداً بيد... نحو مستقبل أفضل»، عشية زيارته للإمارات، عن يقينه التام بأن بكين وأبو ظبي ستفتحان فصلاً جديداً من التعاون المشترك لتقديم مساهمات أكبر للعالم ومستقبل البلدين المشترك.
الصين هي الشريك التجاري الأول للإمارات، إذ بلغ حجم التجارة غير النفطية بين البلدين عام 2017 نحو 53,3 مليار دولار، وتشكّل الصادرات الصينية نسبة 90 في المئة منها، وفق إحصاءات أبو ظبي. كما أن الإمارات بين الدول المصدّرة للخام إلى الصين، وقامت ببيعها نفطاً بنحو أربعة مليارات دولار العام الماضي.
تعود آخر زيارة لرئيس صيني إلى الإمارات لعام 1989، حين قام الرئيس الراحل، يانغ شانغ كون، بزيارة للدولة الخليجية تلتها زيارة للرئيس الإماراتي الراحل، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، للصين عام 1990.


«طريق حرير» جديد
تزامناً مع زيارة الرئيس الصيني للدولة الخليجية، وقّعت الإمارات والصين عقدين في مجال استكشاف النفط والغاز في أبو ظبي بقيمة 1,6 مليار دولار، واتفاقية لإقامة «سوق تجّار» ضخمة في منطقة التجارة الحرة في دبي.
في وقت سابق، قالت شركة بترول أبو ظبي الوطنية، «أدنوك»، في بيان نشرته على موقعها اليوم، إنها أرسَت عقدين بقيمة 5,88 مليارات درهم (نحو 1,6 مليار دولار) لتنفيذ «أكبر مشروع مسح زلزالي ثلاثي الأبعاد يشمل مناطق بحرية وبرية» في أبو ظبي.
أضافت أن شركة «بي جي بي»، التابعة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية «سي إن بي سي»، فازت بهذين العقدين اللذين يشملان منطقة بمساحة إجمالية تصل إلى 53 ألف كيلومتر مربع في أبو ظبي، منها 30 ألفاً في البحر و23 ألفاً في البر، علماً بأن أبو ظبي هي أغنى الإمارات السبع في الدولة الخليجية، وتضم حوالى 96 في المئة من احتياطيات دولة الإمارات من الخام.
في موازاة ذلك، وقّعت «موانئ دبي العالمية» ومجموعة «تشيجيانغ تشاينا كومودوتيز سيتي غروب» الصينية اتفاقية لبناء «سوق تجّار» على مساحة 3 كلم مربع في المنطقة الحرّة لجبل علي في دبي، أكبر منطقة تجارة حرة في الشرق الأوسط.
وأوضحت المجموعة الإماراتية، في بيان، أن السوق ستضم «مجمّعات للتجار من مختلف أنحاء العالم، تضم بضائع متنوعة تحت سقف واحد»، بينها المشروبات والمجوهرات ومواد البناء. ولم تعلن «موانئ دبي» قيمة الاتفاقية التي قالت إنها تهدف إلى دعم مبادرة «الحزام والطريق» التي أطلقتها الحكومة الصينية، والهادفة إلى خلق «طريق حرير» جديدة للتجارة حول العالم، خصوصاً عبر ربط الصين بأوروبا. ورأت المجموعة أن «سوق التجّار» ستساعد المصنّعين على الاستفادة من «الموقع الاستراتيجي لدبي كمركز تجاري رائد»، وستعزز التجارة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، والشرق الأوسط وأفريقيا، وشبه القارة الهندية.
يأتي الكشف عن السوق وتوقيع عقدي استكشاف النفط والغاز بعد إعلان مجموعة «إعمار» العقارية العملاقة في دبي نيتها إقامة «حي صيني» في الإمارة.
وتأتي زيارة شي جين بينغ بعدما هدّدت مجموعة «موانئ دبي»، التي تدير 78 محطة بحرية وداخلية في 40 دولة، الأسبوع الماضي، باتخاذ إجراءات قانونية ضد الصين بسبب قيامها ببناء منطقة تجارية في جيبوتي في موقع يضمّ محطة حاويات متنازعاً عليها بين دبي وحكومة الدولة الأفريقية. وتعتبر جيبوتي، التي تستضيف القاعدة العسكرية الصينية الوحيدة خارج الأراضي الصينية، جزءاً من مبادرة «طريق الحرير» الصينية.