حلب | في وقت اشتدّت فيه وطأة الاشتباكات بين الجماعات المسلحة المعارضة، في ظل صمود «الدولة الاسلامية» في بعض البلدات المسيطرة عليها، فيما خسرت أهم معاقلها، وهو مدينة سراقب بعد معارك ضارية في إدلب، صعّد الجيش عملياته العسكرية ضد المسلحين. واستهدف الجيش السوري، أمس، مباني إدارة المدينة التي يطلق عليها اسم «النافذة الواحدة»، والتي يتمركز فيها المسلحون، فيما اقتحمت وحدات المغاوير عدداً من كتل الأبنية في الفئة الثالثة من المدينة الصناعية.
وكان الجيش قد أحكم سيطرته على عدة مرتفعات وقرى تحيط بالمدينة الصناعية من الجهات الشمالية الشرقية والشرقية الجنوبية. وفي السفيرة، جنوب شرقي حلب، بدأ الجيش قصفاً تمهيدياً لمواقع المسلحين في تلنعام وتل اسطبل والجبول، فيما سيطرت وحدة منه على تلة الصبيحية.
في موازاة ذلك، خسر عناصر «داعش» اهم معاقلهم في إدلب، بلدة سراقب، بعد معارك ضارية جرت فيها مع مسلحي «الجبهة الاسلامية» و«جيش المجاهدين». من جهة ثانية، استرّد تنظيم «داعش» جرابلس في الريف الشرقي، فيما اضطر إلى الانسحاب من مقر الفوج 46 قرب الأتارب وعدة قرى في الريف الغربي. وارتكب التنظيم في جرابلس على الحدود التركية، مجازر بحق خصومه ووضع أفراده رؤوس الكثيرين ممّن قتلوهم على سور المركز الثقافي، الذي حوصروا فيه ليومين قبل تمكنهم من صد الهجمات عبر الانتحاريين. وقال أستاذ جامعي من جرابلس طلب عدم نشر اسمه :«المشهد مروع جدا، لقد ثبتوا الرؤوس المقطوعة على أسنة سور المركز الثقافي الحديدية وفي انحاء المدينة، إنه مشهد من أفلام تاريخية عن القرون الوسطى». وإثر ذلك فرّ العشرات من مسلحي «الجيش الحر» و«الجبهة الإسلامية» إلى تركيا بينهم نورس العبد الملقب بالبرنس قائد «كتائب الفاروق»، فيما بايعت جماعتان منهم «الدولة الاسلامية»، هما «كتيبة بيارق الحق» و«كتيبة شهداء جرابلس» المواليتان لـ «أحرار الشام» العدو اللدود لـ «داعش»، كما يحاصر المئات وبينهم مسلحون فارون في الجانب السوري من المعبر الحدودي مع تركيا.
وفي السياق، بدأ «داعش» هجومه على منبج من الجهتين الشرقية والجنوبية عبر انتحاريين فجّرا سيارتين مفخختين في الجهتين الشرقية والجنوبية من المدينة، فيما ساد الذعر بين السكان، وسارعت العائلات المقيمة في منازل قريبة من مقارّ «الحر» و«الجبهة الإسلامية» و«جبهة النصرة» إلى مغادرتها خوفاً من التفجيرات الانتحارية.
وأعلن «داعش» عن مهلة لما سماه «التوبة» مدتها ثلاثة أيام بدأت من أمس، في جامع الايمان بمدينة الباب، وتتضمن التوبة «إعلان التوبة من القتال ضد الدولة الإسلامية، والتوبة إلى الله في ذلك، وإعلان البراءة من الجبهة الاسلامية وما تحويه من فصائل، وتسليم السلاح الخفيف أو الثقيل للدولة الاسلامية حصرا، ولا يجوز موالاة الجبهة الاسلامية بالمال أو الراي أو المشورة»، إضافة إلى «حضور دورة شرعية في تأصيل التوحيد الولاء والبراء».
وفي الشعالة قرب مدينة الباب، قال مصدر معارض إن «داعش» قتل خمسة من «لواء التوحيد» كانوا قد فروا إلى القرية بعد سقوط الباب، فيما أكّد مصدر مطلع ان القتلى يتجاوزون العشرين ومعظمهم سقط بقصف للجيش السوري للمنطقة أثناء اقتتال الطرفين وأثناء انسحاب مقاتلي لواء التوحيد من القرية.
وفي الريف الغربي انسحب «داعش» من مقر قيادة الفوج 46 إثر هجوم مئات المسلحين من «تجمع ثوار الأتارب الإسلامي» عليه، ومن بلدتي أورم الكبرى وأورم الصغرى، وأعادت تمركزه في قرية كفر جوم.
وتستمر الاشتباكات بين «داعش» وخصومه في محيطي مدينتي تلرفعت وأعزاز، حيث صدّ التنظيم هجومين على اعزاز عبر كفر كلبين شمالاً وكفرخاشر جنوباً، فيما تدور معارك عنيفة على محور كفرنايا ــــ تلرفعت في محاولة من داعش لاقتحام المدينة التي طرد منها وفي مدينة حلب قتل ثلاثة من «الجبهة الإسلامية» إثر تفجير انتحاري بحزام ناسف داخل مقرهم في حي الأنصاري، فيما شهد محور القتال في الليرمون اشتباكات بين الجيش السوري ومسلحي الجماعات الإسلامية.