القاهرة | حسم بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، البابا تواضروس الثاني، الجدل في شأن قضية أسقف دير أبو مقار الأنبا أبيفانوس، الذي عثر عليه مقتولاً بالقرب من قلايته قبل نحو أسبوعين، إذ رفع يده عن القتلة المحتملين، وسلّم للنيابة العامة جميع التفاصيل الخاصة بالدير، وأوفد ممثلاً عنه لحضور التحقيقات التي أجريت مع جميع رهبان الدير، والتي انتهت إلى قرارات بالتحفظ على ثلاثة رهبان، هم الراهب المسؤول عن كاميرات المراقبة بالإضافة إلى الراهب المشلوح أشعيا المقاري والراهب الذي حاول الانتحار فلتاؤس المقاري.ولم يحاول البابا تسوية الأمر داخل الكنيسة تاركاً التحقيقات تأخذ مسارها الطبيعي في وقت بات من المؤكد أن الراهب أشعياء المقاري الذي قرر البابا تجريده من رهبنته بعد يومين من مقتل الأنبا ابيفانوس هو أحد المتورطين في الجريمة، إن لم يكن بالتنفيذ فعلى الأقل بالتحريض، وهو ما أكده البابا في عظته الأسبوعية الأربعاء الماضي عندما تحدث عن الخيانة التي تعرض لها السيد المسيح وقيام الخائن بمحاولة الانتحار أيضاً.
صحيح أن النائب البرلماني والمقرب من النظام المصري، مصطفى بكري، كشف عن اعتراف أشعياء المقاري بارتكاب الجريمة، إلا أن مصادر قضائية تحدثت لـ«الأخبار» عن استمرار تضييق الخناق على الراهب الموقوف داخل العيادات الطبية في دير أبو مقار، ومناقشته في أقواله المتضاربة، علماً أن الراهب حاول الانتحار أيضاً داخل الدير لكن الإصابات التي تعرض لها كانت طفيفة ولم تستلزم نقله خارج الدير لتلقي العلاج.
ينتظر البابا الانتهاء من التحقيقات للإعلان عن مجموعة قرارات جديدة


وعثرت قوات الأمن خلال تفتيش الدير على الأداة المستخدمة في الجريمة وتم التحفظ عليها، فيما يتوقع الإعلان عن الانتهاء من نتيجة التحقيقات رسمياً خلال ساعات عبر بيان يصدر من مكتب النائب العام يشرح تفاصيل ما جرى من تحقيقات على مدار أكثر من 10 أيام والتصور المبدئي عن ارتكاب الجريمة، إضافة إلى المتهمين الذين سيصدر قرار بإحالتهم لمحكمة الجنايات بتهمة القتل العمد والتي تصل عقوبتها للإعدام شنقاً، علماً أن بعض المتهمين لم توجه لهم حتى الآن سوى اتهامات بالتواطؤ والإخلال بمهام عملهم.
وحسمت النيابة في التحقيقات عدم تورط أي شخص خارج الدير في الجريمة نظراً لصعوبة الوصول للقلاية الخاصة برئيس الدير، وطبيعة المكان الجغرافية، فيما لم تحسم مسؤولية الراهب المكلف بمتابعة كاميرات المراقبة، بعدما ثبت أن جزءاً منها كان معطلاً، في حين يجري استجوابه ومناقشته ومراجعة تاريخ شراء الكاميرات والشركة المسؤولة عن الصيانة لتحديد ما إذ كان العطل حدثاً طارئاً أم له علاقة بتوقيت ارتكاب الجريمة.
ولم تتمكن النيابة من التحقيق مع الراهب فلتاؤس المقاري الذي حاول الانتحار بقطع شريانه، حيث لا يزال في غرفة العناية الفائقة لتلقي العلاج في أحد مستشفيات القاهرة، فيما أجرى البابا تواضروس اتصالاً بالنائب العام للإطلاع على نتائج التحقيقات، مبدياً تقديره للسماح لمندوبه في حضور التحقيقات التي أجريت مع رهبان الدير، حيث تم السماح له بالحضور استثنائياً من دون أن يتدخّل في الأسئلة الموجهة من المحققين، ومكتفياً بتسجيل بعض الملاحظات على أقوالهم، فيما قدم أجوبة لاستفسارات عدة من المحققين حول الشكاوى الموجودة من الراهب المغدور بحق بعض الرهبان وغيرها من التفاصيل الكنسية التي لم تكن معلنة من قبل.
وينتظر البابا الانتهاء من التحقيقات للإعلان عن مجموعة قرارات جديدة سيتم اتخاذها في الاجتماع المقبل للمجلس الملي في وقت لا يزال الغموض يحيط بجميع القرارات الجديدة، خصوصاً مع وجود اعتراضات من بعض الرهبان على القرارات التي صدرت قبل أيام، والتي ألزمتهم بغلق حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقرّر البابا تأجيل مسألة إعلان اسم رئيس جديد للدير لأيام في انتظار انتهاء التحقيقات مع توقيع عقوبة الخلع من الرهبنة على جميع المتهمين الذين تقرر النيابة تورطهم في القضية، وعدم انتظار صدور حكم قضائي حفاظاً على هيبة الرهبنة ووقارها لتكون المحاكمة بأسمائهم العلمانية لا الكنسية.