لقاء سري في الأرض المصرية، جمع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. اللقاء الذي لم يعد سرياً بعد شهرين من عقده، بحسب تأكيد مصادر أميركية للإعلام العبري، تمحور حول «معضلة غزة» وكيفية الوصول إلى حل ناجع لتهديدها.وإذا كان اللقاء والبنود المطروحة فيه وكذلك استبيان المشترك والمختلف فيها، مطلباً رئيسياً لفهم ما استجد من أحداث سياسية وأمنية أعقبت اللقاء، إلا أن الأكثر أهمية، ربما، البحث في أسباب تسريب اللقاء ومضمونه، وتحديداً من الراعي الأميركي للإسرائيلي، الساعي لحفظ ورعاية وتأمين أمنه ومصالحه.
وهو أيضاً سؤال يفترض البحث في «مباركة» الجانب الإسرائيلي، كما يفهم من السماح للتسريب عبر الإعلام العبري، وتمكين الخبراء والمعلقين البناء عليه ودفعه كي يكون مادة سجال رئيسية، قد تنسحب أيضاً على الاهتمام الإقليمي.
الواضح أن الجانب الإسرائيلي متموضع حالياً أمام معضلة غزة ومحدودية الخيارات في مواجهتها. معضلة عبّرت عن نفسها مراراً في الأسابيع الماضية عبر جولات قتالية وإن محدودة، كادت أن تتحول إلى مواجهة واسعة، لا تريدها إسرائيل وتعمل على منعها.
المواجهات، وخروج إسرائيل منها بصورة المتراجع أمام الفلسطينيين، أدى إلى جملة خسائر تكتيكية واستراتيجية من شأنها أن تتجاوز التداعيات البينية مع الفلسطينيين لتؤثر سلباً في الموقف الإسرائيلي قبالة الجبهات الأخرى، وفي مقدمها الساحة السورية حيث تشكّل وتنامي التهديدات على الأمن القومي الإسرائيلي يفوق بأضعاف ما هو وما يمكن أن تكون عليه التهديدات في غزة.
أكد نتنياهو للسيسي ضرورة إيجاد حل للأسرى والجثث من الإسرائيليين


من ناحية إسرائيل، ومن ورائها أيضاً الولايات المتحدة، معنية بتحميل الشركاء أيضاً الشراكة في المواجهة وإيجاد حلول، ليس من وراء الأبواب المغلقة مع الاحتفاظ بصورة الطرف المحايد، وتحميل إسرائيل أعباء وتداعيات فشل المقاربات والخيارات، على رغم أنها خيارات شبه مشتركة وإن جاءت سياسية و/أو أمنية، للشريكين.
في ذلك، الواضح أن هدف التسريب هو الجانب المصري تحديداً، ووضعه أمام مسؤولياته كشريك، مع ضرورة التأكيد أن التسريب يخدم كذلك الأجندة الداخلية لرأس الهرم السياسي في تل أبيب، من خلال التظهير للمستوطنين أن معضلة غزة موضوعة ليس فقط على طاولة البحث الإسرائيلية بل على الطاولة الإقليمية، وبوصف الأطراف الأخرى جزءاً من الحل وليس فقط طرفاً محايداً يسعى للتوفيق والتسوية بين أطراف ثالثة.
وكانت مصادر أميركية رفيعة المستوى أشارت للقناة العاشرة العبرية أن نتنياهو التقى في مصر سراً، قبل شهرين، السيسي، وتحديداً في 22 من أيار الماضي. رافق نتنياهو عدد قليل من مستشاريه، حيث كانت غزة هي البند الرئيسي في اللقاء الذي استمر حتى ساعات الصباح. والزيارة، كما تؤكد المصادر، بقيت مخفية حتى عن معظم أعضاء المجلس الوزاري المصغر في تل أبيب. وتؤكد المصادر الأميركية أن نتنياهو والسيسي بحثا بشكل خاص الدفع نحو اتفاق سياسي في قطاع غزة يتضمن الآتي: عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، ووقف إطلاق نار، وتقليص واسع النطاق للحصار الإسرائيلي وكذلك للحصار المصري، المفروضين على غزة.
وأكد نتنياهو للسيسي ضرورة إيجاد حل للأسرى والجثث من الإسرائيليين الموجودين لدى حركة حماس، فيما أكد السيسي ضرورة عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع وإن تدريجياً، ومن دون تجريد مسبق للسلاح الثقيل لدى الفصائل.
وأكد الرئيس المصري، في السياق، أنّ على إسرائيل والدول العربية والمجتمع الدولي الضغط على رئيس السلطة محمود عباس كي يتحمل مسؤولياته في إدارة غزة، على رغم أنه لا يرغب في ذلك.