غزة | بالتوازي مع اللقاءات المكوكية التي يجريها قادة جهاز «المخابرات العامة» المصرية مع حركة «حماس» ووفود الفصائل الفلسطينية الموجودة في القاهرة، للتوافق على صيغة مبدئية لاتفاق التهدئة، تتواصل اللقاءات المصرية مع الإسرائيليين لبحث الاتفاق وتمريره، فضلاً عن لقاءات أخرى مع قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله. ويُجري هذه اللقاءات (مع العدو) رئيس «المخابرات العامة»، عباس كامل، الذي كان في تل أبيب أول من أمس، وفق القناة العاشرة العبرية.أما في القاهرة، فتستكمل اليوم الجمعة اللقاءات مع الفصائل التي وسعت حضورها أمس، بعدما وصل وفدا الجبهتين «الشعبية» و«الديموقراطية» وقادة إضافيون من «حماس». ومن المقرر أن يعرض عليهم في هذه اللقاءات بنود الاتفاق الذي أكدت القاهرة أنه سيكون «بوابة لتحسين الواقع في قطاع غزة وإنهاء الانقسام بين حماس وفتح». وعلمت «الأخبار» أن الإجراءات المصرية تقوم على الاتفاق على التهدئة أولاً، ثم عقد لقاءات موسعة للمصالحة، وذلك بهدف «تجاوز ملاحظات الفصائل التي ترى أن هذا الاتفاق يراد به فصل غزة عن الضفة وتمرير صفقة القرن» الأميركية.
أما في اليومين الماضيين، فشاركت في المباحثات كل من «حماس» و«الجهاد الاسلامي» و«الشعبية» و«الديموقراطية» و«الأحرار» و«المجاهدون» و«المقاومة الشعبية» و«لجان المقاومة»، وسط غياب لـ«فتح» التي أصرّت على أن مشاركتها مشروطة بتوليها رئاسة وفد الفصائل الذي سيناقش بنود التهدئة مع المصريين، وهو ما رفضته التنظيمات الأخرى. وترى مصادر في «حماس» أن الاتفاق بدأ تنفيذ بعض بنوده فعلياً، أولاً بتطبيق مبدأ «الهدوء مقابل الهدوء»، وثانياً بقرار الاحتلال فتح معابر غزة بعد إغلاقها لشهر، وأيضاً توسيع مساحة الصيد.
وبينما تأكد من بنود الاتفاق «وقف إطلاق النار والحفاظ على الهدوء على طول حدود القطاع»، سيكون العام الأول اختباراً لحالة الهدوء، لكن هذا الأمر رفضته الفصائل، وتوافقت على أن يكون من دون مدة محددة. وبينما اقترح أن يُدرس إنشاء ممر بحري من ميناء غزة إلى جزيرة قبرص برقابة أمنية توافق عليها إسرائيل بعد إنهاء ملف الجنود الأسرى، رفضت «حماس» ذلك، لأن «قضية الجنود معقدة وقد تأخذ سنوات قبل حلها». وهكذا، صارت عقدة النقاشات مرتكزة على مدى ووقت حسم ملف الجنود الإسرائيليين.
تنسيق مصري مباشر مع «الشاباك» والأخير يحذر من «تجاوز السلطة»


ثمة تفاصيل أخرى تتعلق بتخفيف الحصار القائم، منها أن تعمل إسرائيل على زيادة كمية الكهرباء المغذية لغزة، وكذلك كمية وقود تشغيل محطة الوقود في القطاع بما يحسن واقع الكهرباء بوضوح، إضافة إلى زيادة عدد الشاحنات التي تدخل عبر معبر «كرم أبو سالم» وزيادة مساحة الصيد بصورة دائمة، وفق التفاهمات التي انتهت عليها حرب 2014. وفي المقابل، تلتزم «حماس» العودة إلى تفاهمات 2014، ووقف «مسيرات العودة» والبالونات الحارقة، وضمان حالة الهدوء على طول الحدود، على أن تترك قضية صفقة تبادل الأسرى من دون ربطها برفع الحصار.
أما عن دور المصريين، فسيكون رعاية الاتفاق، بالإضافة إلى فتح معبر رفح بصورة دائمة وتطوير العمل التجاري من خلاله، بما يشمل جميع أنواع البضائع والوقود والغاز ومواد البناء، مع تحسين حركة مرور الغزاويين عبر مصر. كما طُلب أن تعمل السلطات المصرية على مضاعفة كمية الكهرباء لقطاع غزة من 27 ميغاواط إلى أكثر من 50 ميغاواط، وأيضا السعي لدى الجهات الدولية لتوفير رواتب لموظفي غزة. في الوقت نفسه، من المقرر أن تواصل القاهرة جهدها لتنفيذ بنود المصالحة الفلسطينية، والوصول إلى حل توافقي على أساس الورقة المصرية الأخيرة، مع الأخذ بالاعتبار ملاحظات الفصائل الفلسطينية على المسوّدة الثانية للورقة.
وحالياً، تهدف المساعي المصرية، وفق مصادر فلسطينية، إلى تقطيع الاتفاق على مراحل بما يضمن استمرار التهدئة وتنفيذ البنود، خاصة أن هناك شعوراً فلسطينياً بنية إسرائيلية للمماطلة في تحسين واقع غزة، وابتزاز المقاومة لتخفيض سقف صفقة الأسرى، وهو ما ظهر خلال لقاء عباس كامل في لقائه مع رئيس جهاز «الشاباك» نداف أرغمان، ورئيس «مجلس الأمن القومي» مئير شابات، اللذين شددا على ضرورة ألا يؤثر الاتفاق ــ المنوي أن تكون مدته 5 سنوات على الأقل ــ في أمن إسرائيل مستقبلاً. كذلك قالت صحيفة «معاريف» العبرية إن «الشاباك قدم تحذيرات إلى المستوى السياسي حول تداعيات التهدئة مع حماس»، ناقلة أن أرغمان حذر وزراء «الكابينت» المصغّر خلال الاجتماعات الأخيرة من تداعيات تجاهل رئيس السلطة محمود عباس، والتوصل الى تهدئة في غزة من دونه، مضيفاً: «التهدئة ستزيد شعبية حماس، وستعطيها الفرصة لزيادة قوتها العسكرية».
وبشأن دور الجهات الدولية والعربية في الاتفاق، يتلخص في إقامة مشاريع تنموية تحسّن الوضع المعيشي، وإقامة مشاريع بنية تحتية في القطاع ومشاريع تشغيل لآلاف المتعطلين من العمل. ووفق المعلومات، بدأ «البنك الدولي» أول هذه المشاريع لتوفير دعم قصير الأجل للدخل للشباب بقيمة 17 مليون دولار، كما ستعلن خلال أيام ثلاثة مؤسسات مجتمع مدني في غزة جملة من المشاريع والوظائف والشواغر. ووفق «البنك الدولي» هذه المشاريع ستوظف نحو 4400 شاب، نصفهم من النساء، لدى منظمات غير حكومية، «لتقديم الخدمات في مجالات تمس الحاجة إليها مثل الصحة والتعليم».
من ناحية ثانية، طُلب من الجهات الدولية العمل على تمويل وقود محطة توليد الطاقة بالإضافة إلى توفير رواتب الموظفين الذين عيّنتهم «حماس» في غزة لمدة عام كامل، وذلك في ظل استعداد قطر للمساهمة في ذلك. وأمس، كشف المحقق الصحافي في القناة العبرية العاشرة باراك رابيد، أن وزير الأمن أفيغدور ليبرمان التقى في قبرص، في الثاني والعشرين من أيار الماضي، السفير القطري محمد العمادي، وطلب منه دعم قطاع غزة بالمشاريع.
مع هذا، قال المتحدث باسم «الجهاد الإسلامي»، داوود شهاب، في تصريح أمس، إن «المباحثات بين الفصائل مع المسؤولين المصريين لم تنته بعد، وما يروجه إعلام الاحتلال أن اتفاق التهدئة مع غزة دخل حيز التنفيذ محاولة استباقية لخلط الأوراق».
إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام عبرية بإصابة مستوطنة إسرائيلية بعملية دهس عند مستوطنة «حفات جلعاد» قرب نابلس شمالي الضفة، وأن حالتها «ميؤوس منها» (موت سريري)، في حين أن المنفذ لاذ بالفرار مع أن الجيش الإسرائيلي وجد مركبته.