يبدو أن جنوب السودان يتجه للتهدئة بعد أكثر من شهر على أعمال العنف في المواجهات الدائرة بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين لريك مشار، النائب السابق للرئيس سلفاكير ميارديت، حيث وافق طرفا الصراع على الوقف الفوري للأعمال العدائية من دون شروط، فيما أبدى سلفاكير استعداده لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار من طرف واحد إذا رفض المتمردون، وسط أنباء عن استرداده 95% من الأراضي التي سيطر عليها المتمردون.
وأعلن المتحدث باسم وزارة خارجية جنوب السودان، ماين ماكول، إلغاء الاجتماع الإقليمي الطارئ الذي كان مقرراً غداً في جوبا عاصمة جنوب السودان، عازياً هذا القرار إلى قرب موعد قمة الاتحاد الافريقي في اديس ابابا في نهاية الشهر الحالي.
وفي مؤتمر صحافي خلال اجتماعه بعدد من سفراء بلاده في الخارج في وقت سابق أمس، قال سلفاكير إن حكومته مستعدة لتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار من طرف واحد إذا رفض المتمردون، ومن ثم البدء في عملية مصالحة وطنية شاملة بعد تشكيل مفوضية قومية لذلك.
وجدد سلفاكير، التزام حكومته قيام الانتخابات العامة في عام 2015، مستبعداً مشاركة مشار في العملية الانتخابية بسبب «فضيحة قتل المدنيين».
وأشار إلى جدية حكومته في تقديم المتورطين في جرائم قتل المدنيين للعدالة، معترفاً بأن المعارك «أحدثت دماراً بالغاً للمدن الرئيسية في البلاد (بور، وبانتيو وملكال)».
وأبدى سلفاكير استعداده لإطلاق سراح السياسيين المعتقلين على خلفية «المحاولة الانقلابية» في 15 كانون الأول الماضي، لحين اكتمال الإجراءات القانونية ضدهم، وذلك بعد الاستماع إلى تقرير نهائي من وزير العدل فاولينو لاويلا. من جهتها، أعلنت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، دلاميني زوما، أن طرفي الصراع في أزمة جنوب السودان قبلا التوقيع على الوقف الفوري للأعمال العدائية من دون شروط.
وقالت زوما في مؤتمر صحافي عقب لقائها سلفاكير والمعتقلين الموالين لمشار في جوبا التي وصلت إليها أمس «إن الطرفين أبديا ترحيبهما وتأكيد وقوفهما إلى جانب الجهود التي تبذلها الوساطة الأفريقية وتمسكهم بمواصلة الجهود لإحلال السلام».
وكشفت مصادر دبلوماسية مرافقة لزوما، أن الأخيرة قدمت مقترحاً لإنهاء الأزمة سلمت نسخة منها لسلفاكير والمعتقلين.
وأشارت المصادر إلى أن زوما ووسيط الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا (إيغاد) لوّحا بنقل ملف الأزمة إلى مجلس الأمن للتدخل واستصدار قرار بشأنها في حال عدم توصل الطرفين إلى اتفاق ينهي الأزمة سياسياً.
وأعربت زوما عن امتعاضها من استخدام القوة المفرطة في المواجهات بين الجانبين قائلة إن «أفريقيا والأسرة الدولية لن تقفا مكتوفتي الأيدي ما لم يتدارك الفرقاء مآلات هذه الحرب المدمرة».
بدوره، قال مصدر مقرب من المفاوضات الجارية في أديس أبابا إن مسودة اتفاق وقف إطلاق النار التي ينتظر توقيعها اليوم تتضمن أربعة بنود هي وقف الأعمال العدائية، وإطلاق سراح المعتقلين، وسحب القوات الأوغندية؛ ومحاكمة مرتكبي جرائم الحرب.
إلى ذلك، قال وزير شؤون مجلس الوزراء الجنوب سوداني، مارتن إيليا لومورو، إن «95% من المناطق التي استولى عليها المتمردون عادت الى سيطرة الحكومة، التي بدورها ماضية في سبيل تقديم الخدمات للمواطنين بعد هدوء الأوضاع الأمنية في البلاد».
من جهته، قال متحدث باسم الجيش الأوغندي، إن قواته خسرت «تسعة جنود فقط» في الصراع الدائر في جنوب السودان منذ كانون الأول الماضي، موضحاً «أن الجنود قُتِلوا في كمين نصبه المتمردون في غميزة قبل أسبوع، ونقوم حالياً بتسليم جثامينهم لأفراد أسرة كل منهم».
(أ ف ب، الأناضول)