غزة | بينما تشن حركة «فتح» حرباً إعلامية ضد منسق الأمم المتحدة الخاص لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، ويقرر رئيسها قطع الاتصالات معه، يعود الرجل من باب آخر معيداً اتصالاته مع حركة «حماس»، بعد انقطاع منذ قرابة ثلاثة أسابيع، مؤكداً لها استمرار جهوده في الوصول إلى «تهدئة شاملة في قطاع غزة»، خصوصاً أن الوساطة المصرية صارت في حكم المتوقفة (راجع عدد الأمس 3557).وكشفت مصادر فلسطينية، تحدثت إلى «الأخبار»، عن عودة الاتصالات بين «حماس» وملادينوف بعدما أرسل الأخير رسالة إلى قيادة الحركة في غزة يؤكد فيها مواصلة جهوده، وإنه سيعود إلى القطاع خلال الأيام المقبلة ومعه مشاريع إنسانية جديدة من المقرر تنفيذها قريباً، إضافة إلى تفعيل الوساطة حول اتفاق شامل للتهدئة. وكان قائد «حماس» في غزة، يحيى السنوار، قد وجه انتقاداً حادّاً إلى ملادينوف على خلفية انقطاعه عن الاتصال بغزة لأسابيع، قائلاً: «وظيفتك تغيرت من المبعوث الأممي لعملية السلام إلى المبعوث الأممي للحيلولة دون الحرب».
بالتزامن مع عودة ملادينوف، وفي ظل تجهيز السلطة الفلسطينية شكوى ضده في الأمم المتحدة، قرر رئيس السلطة محمود عباس قطع الاتصالات معه، الأمر الذي أكدته القناة العربية «ريشت كان» نقلاً عن مصدر فلسطيني. وفيما يبدو أنه رد مبطن من ملادينوف على ذلك، قال صباح أمس إن «هناك أطرافاً (لم يسمها) تحاول عرقلة جهود التهدئة التي نقوم بها والسعي لإشعال الأوضاع بين حماس وإسرائيل إلى درجة المواجهة العسكرية»، داعياً إلى منع ذلك.
في هذا الإطار، أفادت المصادر نفسها بأن إسرائيل أبرمت «اتفاقاً أولياً» مع عدد من الدول المانحة من أجل تنفيذ مشاريع عاجلة في غزة، عقب تقديم خطتها حول ذلك في اجتماع خاص عقد في بروكسيل، وتهدف الخطة إلى «تحسين الكهرباء وتقديم دعم للقطاع الصحي». ومن ناحية ثانية، وجه منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، جيمي ماكغولدريك، نداءً عاجلاً أمس للإسراع بإرسال الوقود المخصص للمرافق الصحية والصرف الصحي في القطاع، مؤكداً أن جميع الأموال التي خصصت لوقود الطوارئ عن عام 2018 قد نفدت، وأنهم بحاجة إلى 4.5 مليون دولار حتى نهاية العام، خصوصاً أن وزارة الصحة في غزة أعلنت أن أزمة الوقود دخلت «المرحلة الأصعب».
اقترحت الإدارة الأميركية لقاء بين عباس وترامب نهاية الشهر الجاري


على صعيد آخر، يتفاعل البيت الأبيض مع الرسائل التي وصلته من السلطة أخيراً في شأن إعادة الاتصالات، إذ أرسلت إدارة الرئيس دونالد ترامب دعوة إلى عباس للقاء بين الاثنين على هامش اجتماعات «الجمعية العامة للأمم المتحدة» في العشرين من الشهر الجاري، حيث من المقرر أن يلقي كل منهما خطابه السنوي. وبجانب موافقة السلطة على عودة التواصل مع الإدارة الأميركية بشرط تجميد اتفاق التهدئة ومنع تجاوزها في ما يتعلق بغزة، فإن واشنطن استعانت بالأردن ومصر للضغط على عباس لإعادة العلاقات، حتى حدث التطور الأخير في شأن غزة.
ووفق ما نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر أميركية وإسرائيلية، أعطت الإدارة الأميركية مخرجاً لـ«أبو مازن» بعد تصريحاته بقطع العلاقة عبر تعهدها تأخير عرض مشروع التسوية («صفقة القرن») إلى ما بعد تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، بل مع إمكانية تأجيلها حتى آذار/ مارس من العام المقبل في حال أجريت انتخابات في إسرائيل. كما نقلت تلك الوسائل أن عباس «اشترط دراسة فكرة اللقاء على أن يعزل ترامب طاقم المفاوضات وليس فقط مبعوثه غرينبلات وإنما أيضاً صهره جاريد كوشنير والسفير الأميركي في إسرائيل دافيد فريدمان»، وهو ما كشفت عنه مصادر فلسطينية لـ«الأخبار» (راجع عدد الأمس 3557).
في سياق متصل، جدّد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تأكيده استعداد بلاده لاستضافة قمة فلسطينية - إسرائيلية في موسكو، وذلك في إطار استئناف مفاوضات التسوية المتعطلة «على أساس ثنائي وبالتعاون مع بقية الأطراف الدولية في إطار رباعية الوساطة الدولية للتسوية في الشرق الأوسط». وكتب لافروف في رسالة وجهها إلى المشاركين في «المنتدى الدولي لوسائل الإعلام المعني بحل قضايا السلام في الشرق الأوسط»، أن المبادرة الروسية السابقة عام 2016 لعقد لقاء بين زعيمي إسرائيل وفلسطين في موسكو لا تزال ماثلة، وأنه «لا بد من مفاوضات تفضي إلى حلول ترضي الطرفين بما يضمن وجود دولتي إسرائيل وفلسطين».