إنه «مهرجان للصور»، يقول دبلوماسي أميركي معني بمؤتمر جنيف، ووثيق الصلة بالمعارضة السورية، واصفاً المؤتمر الذي انعقد في يومه الاول أمس، في مدينة مونترو السويسرية. دبلوماسي ألماني يشارك زميله الأميركي الموقف السلبي ذاته. كان متشائماً. أقصى أمله كان طوال يوم أمس ألا ينسحب احد الوفدَين السوريين من المؤتمر. لم يقتصر التشاؤم على الغربيين. دبلوماسي عربي حضر «المؤتمر الخطابي» أمس، خرج ليقول ان الوسيط الأممي، الأخضر الإبراهيمي، كان متشائماً جداً.
يضيف الدبلوماسي ان المفاوضات الجانبية التي جرت على هامش المؤتمر لم تفض بعد الى اتفاق بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريين على ان يجلسا في غرفة واحدة، في المفاوضات التي ستبدأ بينهما يوم الجمعة في جنيف، على ان تستمر أسبوعاً على الأقل. تعهّد لهما الإبراهيمي ألا يضطر احدهما إلى محادثة الآخر مباشرة، وأنه سيؤدي دور ساعي البريد بينهما. وفي رأي الدبلوماسي نفسه، فإن الظروف الحالية تشير إلى أن انطلاق المفاوضات في جنيف غداً لن يؤدي إلا إلى حائط مسدود، وإلى وعد بعقد «جنيف ٣». يشير إلى كلمة وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل خلال اجتماع عدد من وزراء الخارجية العرب أول من أمس عندما طالب بمباشرة البحث عن أسماء لتولي المرحلة الانتقالية في سوريا.
أحد الدبلوماسيين الأمميين يضيف أيضاً مسحة من التشاؤم. يقول إن انعقاد المفاوضات في جنيف لا يزال مهدداً. يقول ساخراً: انعقد هذا المؤتمر لأنه كان يجب أن يعقد. منذ عام ونصف عام يقولون إنه سيعقد، ولهذا السبب حصراً عقدوه.
التشاؤم يزداد اتساعاً مع مرور الوقت. يرى أحد الوزراء المشاركين في المؤتمر أن فرص نجاح مفاوضات جنيف تتضاءل جداً. ففي رأيه، أظهرت خطابات أمس غياب أي أرضية مشتركة بين الطرفين: يريد كل منهما أن يلغي الآخر.
يستدل أحد المشاركين في المؤتمر على ما تقدم بالقول إن وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، لم يستمع إلى الكلمة الأولى لرئيس «الائتلاف»، أحمد الجربا. قضى المعلم الجزء الأكبر من الوقت الذي استغرقته الكلمة وهو يدير ظهره للجربا، متعمداً فتح أحاديث مع أعضاء الوفد السوري الرسمي. وكان أعضاء بعض الوفود يقفون الواحد تلو الآخر لتحري ما يقوم به المعلم. وما إن بدأت كلمة الجربا الثانية بعد الظهر، حتى غادر المعلم، ونائبه فيصل المقداد، القاعة، تاركاً رئاسة الوفد السوري لوزير الإعلام عمران الزعبي.
هذه الأجواء تجري إشاعتها رغم أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد وجود تعهد من الطرفين السوريين بعدم مغادرة جنيف قبل مضي أسبوع على بدء المفاوضات، أي يوم الجمعة المقبل.
وفي السياق ذاته أيضاً، يقول عضو وفد «الائتلاف» أنس العبدة: «سقف توقعاتنا ليس مرتفعاً. فنحن نعرف أن النظام لن يوافق على تسليم السلطة». وماذا سيحدث إذذاك؟ يجيب: «سيتحمل النظام مسؤولية فشل المفاوضات». يعبّر العبدة عن هذا المناخ، رغم أن زميله، برهان غليون، كان يؤكد أن أمام النظام أشهراً معدودة لتسليم السلطة. بالعودة إلى العبدة، فإنه أكّد، رداً على سؤال، أن ضمانات المعارضة لتنازل النظام عن السلطة تتمحور حول «الثوار على الأرض، ومواقف الدول العربية وتركيا التي تدعمنا من كل النواحي؛ وموقف المجتمع الدولي». ورداً على سؤال «الأخبار» له عن الكتائب المقاتلة في سوريا التي يمثلها وفد «الائتلاف» الموجود في مونترو، قال العبدة: «نحن نمثل الجيش الحر. وهناك الكثير من القوى الثورية التي أعلنت تأييدها للحل السلمي ولجنيف ٢، كجبهة ثوار سوريا، وجيش المجاهدين، وأجناد الشام». ولمح إلى أن «الجبهة الإسلامية»، رغم إعلانها رفض «جنيف ٢»، فإنها «تؤيد الحل السلمي»، وما قاله قائدها العسكري زهران علوش عن إصدار مذكرات توقيف بحق المشاركين في المؤتمر، كان في سياق معين، ولا يمثل حقيقة موقف علوش والجبهة.
وسط هذا الكمّ الكبير من السلبية، قال دبلوماسي غربي إن ما يجري حالياً في سويسرا هو تمهيد لـ«جنيف ٣». وبرأيه إن «الأميركيين والروس متفقون على انطلاق التفاوض، ليكون جنيف ٢ شبيهاً بمؤتمر مدريد للسلام. أما الحل، فيأتي على مراحل، ولو طال زمنه».



الانترنت بـ 10 يورو


بذل موظفو الأمم المتحدة الأمنيون والمدنيون المكلفون بالتواصل مع الإعلاميين، جهداً كبيراً لتلبية احتياجات نحو ألف صحافي جرى قبول طلباتهم لتغطية مؤتمر «جنيف 2». وأشار أحد هؤلاء الموظفين لـ« الأخبار» إلى أن حوالي 800 صحافي يشاركون في تغطية المؤتمر. لكن «لطف» الموظفين واهتمامهم لم يمنع معاناة الإعلاميين مع سوء خدمة الإنترنت في المركز الإعلامي المخصص لهم، وهو يقع بالمناسبة في مكان منفصل عن الفندق الذي يجري فيه المؤتمر، بما لا يتيح للإعلاميين التواصل مع المشاركين في المؤتمر إلّا عندما يرغب هؤلاء.
وطالت المعاناة مع خدمة الإنترنت حتى ساعات متأخرة من ليل أمس، رغم «الحل» الذي اتبعه الموظفون من خلال تزويد الصحافيين بكابلات اتصال بالإنترنت عوضاً عن خدمة «wi fi»، وجرى تسليم هذه الكابلات لقاء أمانة مالية قدرها عشرة يورو.




■ بعدما أنهى وزير الخارجية السوري وليد المعلم كلمته، ارتفع صوت تصفيق حار من إعلاميين سوريين يعملون في مؤسسات إعلامية رسمية وخاصة موالية للنظام أو معارضة للمعارضة.



■ شوهد المعارض هيثم المالح أثناء دخوله إلى قاعة المؤتمر (الممنوعة على الصحافيين)، والتي يحضر فيها عدد كبير من وزراء الخارجية ودبلوماسيون، يحمل كيساً يشبه الأكياس التي تستعملها محال الثياب في المنطقة الحرّة. ولم يعرف ما في داخل الكيس.


■ طلب أحد أعضاء «الائتلاف الوطني السوري»، وهو من المعارضين «العلمانيين»، مبلغ ألفي دولار أميركي للموافقة على ظهوره في مقابلة تلفزيونية على إحدى القنوات الخليجية، عبر رسالة نصيّة أرسلها إلى مراسل القناة. وبالفعل، تم تحويل المبلغ المذكور للمعارض الذي ظهر أمس في المقابلة!