أصبحت الصواريخ رمزاً عسكرياً في منطقتنا، وأصبح لأسمائها صدىً شعبياً، منذ أواخر الخمسينيات على الأقل، وانطلاق برامج عربية لامتلاك صواريخٍ تقدر على ضرب العمق الاسرائيلي. راجت هذه الفكرة خصيصاً حين راكم الكيان الصهيوني تفوّقاً جوياً واضحاً ضدّ العرب، بعد أن زودت فرنسا تل ابيب بالمئات من الطائرات الغربية الحديثة قبيل وبعد حرب 1956. وفي ظلّ استراتيجية هجومية تعتمدها جيوش اسرائيل، وتفوّقٍ في الجوّ، أصبحت الصواريخ هي «الأمل» الوحيد في أن تطال الدّاخل الصهيوني في حالة حربٍ، وأن يصبح للمواجهة جانبٌ من التكافؤ.
«شعر هارفي بأن الآخرين (في البيت الأبيض) لا يقدّرون الى أيّ درجةٍ قد انقلب الميزان الأساسي للقوى. إنّ حرباً عربيّة-اسرائيلية جديدة ستصيب اسرائيل في عمقها كما لم تفعل أيّة حربٍ سابقة»
من تقييم ديريك هارفي،
مدير منطقة الشرق الأوسط في مجلس الأمن الوطني الأميركي، لقدرات حزب الله، في كتاب بوب وودوارد الأخير عن ادارة ترامب بعنوان «خوف»


من البرامج المصرية لانتاج صواريخ بالستية، مروراً بصليات الكاتيوشا التي استخدمها الفدائيون، وصولاً الى استيراد وتصنيع صواريخ «سكود» السوفياتية، كانت الصواريخ هي وسيلة العرب للاستحصال على «يدٍ طويلة» في مواجهة اسرائيل. ومثلما نشأت، بالترافق مع مشاريع المقاومة ضد الصهيونية، ثقافةٌ كاملة تسفّه فكرة التصدّي لاسرائيل، وتؤكّد على دونية العرب واستحالة المقاومة، راجت السخرية من «الصواريخ العربية»، سواء باعتبارها مشاريع دعائية لا تثمر، على طريقة «القاهر» و«الظافر»، أو بوصمها بالهزال وانعدام الفعالية. هذا كلّه توقّف عام 2006، حين تسبّبت صواريخ المقاومة اللبنانية، على بساطتها، بتهجير أكثر من ثلث مليون اسرائيلي من شمال البلاد، وجعل مليونٍ آخرين يعيشون في الملاجئ طيلة الحرب.

«إثبات قدرة»
صواريخ المقاومة عام 2006 كانت كلّها بسيطة، والسلاح الذي استخدم في ضرب حيفا والأهداف البعيدة (وضرب تل ابيب من غزّة) كان «فجر-5»، وهو عبارة عن قذيفة راجمة من عيار 333 ملم، مداه 75 كيلومتر ورأسه الحربي يزن حوالي 200 كيلوغرام، أقل من نصفه بقليل مكون من مواد متفجّرة. هذا الصاروخ قد تمّ تزويده بنظامٍ بسيطٍ لتثبيت مساره أثناء الانطلاق، ما يحدّ من هامش الخطأ (الكبير) في إصابته.
اليوم، أصبح «فجر-5» من الأسلحة «الصغيرة» في منظومة المقاومة. وأصبحت هناك نماذج موجّهة منه، وأخرى بمديات أبعد. فيما أصبح السّلاح الرئيسي الموجّه ضدّ اسرائيل هو من فئة «الفاتح» (رأسه الحربي يزن أقل من نصف طن بقليل) و«زلزال» (وحمولته تقارب الطن) وغيرها، مداها يفوق الـ250 كيلومتر، وكلّها تملك توجيهاً دقيقاً - وهنا يتغيّر كلّ شيء. من يملك معلومات عن هذه الترسانة لن يفشي بأرقامٍ وتعدادٍ واضحٍ، أو لا يقبل بنشر مثل هذه المعلومات، ولكنّ مصادر مختلفة أجمعت على أنّ عدد الصواريخ الدقيقة في لبنان اليوم هو ليس بالآحاد أو بالعشرات، بل أكبر بكثير (والمصادر الاسرائيلية والغربية نفسها تزعم وجود معاملٍ في لبنان لترقية مخزون الصواريخ الموجود وتزويده بأجهزة توجيه).
في أوائل هذا الشهر، حين قام الحرس الثوري الايراني بضرب أهدافٍ لأحزاب كرديّة ايرانية في مدينة كوي سنجق (كويا) في العراق، كان ذلك العرض الأول - وقد تمّ بثّه للعالم - لصواريخ «الفاتح-110» الدقيقة. بحسب المصادر الكرديّة وصور الضربة، أصاب صاروخٌ الغرفة التي كانت تجتمع بها قيادة الحزب ووقع الثاني على بعد أمتارٍ منه. هذا، كما علّق خبيرٌ غربيّ، هو دليلٌ على دقّة نقطويّة، أو «على ضربة حظٍّ مستحيلة». قُتل سبعة من أعضاء قيادة «الحزب الديمقراطي لكردستان ايران»، وجرح الباقون، ومن بينهم الأمين العام وسلفه (حتّى تفهم المعنى السياسي للضربة، تقول وكالة «روداو» الكرديّة بأنّ القائد السابق للحزب، خالد عزيزي، قد تمّ نقله مباشرةً الى مستشفى في اربيل «بناءً على اتصالٍ من القنصل الأميركي»).
كما قال تقريرٌ لـ«مركز واشنطن» (الصهيوني) اثر الضّربة، فإنّ إصابة غرفة الاجتماع من أصل 200 غرفة في المبنى، وسقوط الصاروخ الثاني على بعد خطواتٍ منها، هو دليلٌ على «دقة ما دون الـ10 أمتار» التي تعزوها ايران الى الأجيال الجديدة من «الفاتح». في الأمور العسكرية، كما هو معروفٌ، لا طرف رسميا لديه مصلحة في قول الحقيقة كما هي، وخبراء وصحافة العدوّ لن يعترفوا بقدراتك الّا لغايات معيّنة (كالتضخيم من قدرة بلدٍ قبيل ضربه، أو كحجّة للمطالبة بصفقات سلاحٍ للصناعة العسكرية) لا علاقة لها ايضاً بالحقيقة. قبل عامٍ من اليوم، مثلاً، نشر معهد «اتلانتك كاونسل» تقريراً عن الصواريخ الدقيقة في ايران كتبه «خبيران» (أحدهما مختصٌّ في الدفاع الصاروخي)، وقد جزم بأنّ هامش الخطأ لصواريخ «الفاتح» يزيد على الـ800 متر، وأنّ ايران ستحتاج الى «سنواتٍ طويلة» للوصول الى دقّةٍ أفضل من 200 متر، وأنها لن تحصل على «صاروخٍ قصير المدى ذي فعالية عسكرية قبل 2020، وعلى الأرجح بعد ذلك بكثير». لهذه الأسباب كلّها، فالحقيقة ليست الا في الميدان» ومن هنا أهمية ضربة «كوي سنجق».

مخلب الضعيف
في تحقيقٍ عن عائلة صواريخ «الفاتح»، تقول مجلّة «ميليتاري ووتش» أنّ هذه الصواريخ قصيرة المدى تبدو وكأنها مصممة للحرب اللامتكافئة والتنظيمات التي تحارب جيوشاً متفوقة. هي صواريخ صغيرة، رخيصة، لا تحتاج الى بنيةٍ تحتية كبيرة، بل هي لا تستلزم أكثر من مساحة سيارة نقل صغيرة؛ تخرج في أيّ وقتٍ من مخبأ صغير، أو من كهفٍ، أو من مرآب منزل، لتطلق صواريخها وتختفي خلال دقائق. هي، على عكس الصواريخ السوفياتية القديمة التي تعتمد الوقود السائل، من الممكن تخزينها بسهولةٍ ولمدةٍ طويلة، لا تحتاج الى صيانة، وتعمل بطاقمٍ صغيرٍ لوحدها من غير أن تجرّ خلفها قافلة دعمٍ ووقودٍ وصيانة، وهي في الوقت ذاته من الممكن أن تطال تل ابيب من أي مكانٍ في لبنان، وأن تضع نصف طنٍّ فوق أيّ هدفٍ في اسرائيل. هذه الصواريخ الصغيرة من الواضح أنها ليست من تصميم قوّة عظمى، هي سلاحٌ فعّالٌ للضعفاء، الموازي الصاروخي للكلاشنيكوف.
إن كانت صواريخ المقاومة الدقيقة قد شكّلت صداعاً لإسرائيل، فماذا يحصل حين يصبح لدى المقاومة صواريخ جوّالة؟


حتّى نفهم مغزى «الصواريخ الدقيقة» والخيارات التي تعنيها للمقاومة (وللعدو)، قد يكون من الأجدى أن نقارن الضربة الصاروخية بالغارة الجوية. في سلاح الجوّ، هناك ثلاثة «عيارات» اساسية للقنابل التي تستخدم في الغارات: قنابل الـ250 كيلوغرام (500 رطل في الترسانة الأميركية)، التي تناسب الأهداف الصغيرة والخفيفة؛ قنابل النصف طن (أو الف رطل) الأكثر شيوعاً؛ وقنابل ثقيلة تزن طنّاً، تستخدم للأهداف الكبيرة أو لخرق التحصينات. حين تمّ تطوير «فجر-5» و«الفاتح» و«زلزال» لتصبح مقذوفات دقيقة، أصبحت تماثل ترسانة الغارات الجوية: «فجر-5» للأهداف الصغيرة والقريبة، و»الفاتح» برأسٍ حربي يقارب النصف طنّ، و«زلزال» وصواريخ ثقيلة أخرى توازي «قنبلة الطن» في سلاح الجو.
حتّى نوضح، لو تقدّمت قوّة اسرائيلية في جنوب لبنان، مثلاً، وتمّ رصد موقعها، فمن السهل أن تنطلق، من البقاع أو الجبال أو اي منطقةٍ بعيدة، أربعة صواريخ «فجر-5» من عربة واحدة في دقائق، تصيب الموقع المحدّد - كأنك تطلب غارة جويّة. كما أنه قد تمّ تطوير رؤوسٍ مختلفة لهذه الصواريخ، ليست كلّها أحادية متفجّرة، فـ«الفاتح» و«زلزال» من الممكن أن يزود برأسٍ انشطاريّ، يُفلت عشرات القذائف الصغيرة فوق الهدف تغطّي منطقة واسعة يزيد حجمها على عشرات آلاف الأمتار المربعة (سواء لضرب قواعد عسكرية، أو تجمعات مكشوفة للجنود، أو مرائب الطائرات في المطارات، الخ). أمّا عن أنظمة الدفاع المضاد للصواريخ، كما يقول أحد الخبراء الغربيين، فإن مشكلة اسرائيل ليست في الصواريخ الدقيقة، بل في عشرات الآلاف من الصواريخ غير الدقيقة التي تملكها المقاومة في لبنان. لدى الجيش الاسرائيلي، مثلاً، عشرة او 12 بطارية «قبة حديدية»، تحوي مئات الصواريخ، ولكنّ المقاومة في لبنان تملك عشرات آلاف الصواريخ، والرادار لا يقدر أن يميّز الصاروخ الدقيق عن رشقة التمويه التي تحيط به، وانت تحتاج الى إطلاق أكثر من صاروخٍ مضادٍّ على كلّ هدفٍ حتّى يكون لديك أملٌ باصابته. الصواريخ المعترضة ستكون دوماً أقلّ بكثير من صواريخ المقاومة عدداً. اضافة الى ذلك، فأنت لن تضطرّ الى مواجهة كلّ البطاريات الاسرائيلية في وقتٍ واحد، بل قد تركّز قوتك النارية - كل يومٍ مثلاً - على منطقةٍ واحدة معيّنة، بقواعدها ومطاراتها ومنشآتها (هذا اذا لم نفترض وجود صواريخ مضادة للرادار وقادرة على استهداف البطاريات الاسرائيلية).

كلفة الحرب
على الرّغم من أنّ أغلب الكلام هنا يدور حول المفعول العسكري لصواريخ المقاومة في الحرب القادمة ضدّ اسرائيل، الّا أنّ الرّدع يذهب الى ما هو أبعد من المواجهة بين الجيشين. استغلّت اسرائيل، طويلاً، انعدام التكافؤ في القوة النارية بين الطرفين، وقدرتها على ضرب العواصم العربية وقتل أعدادٍ كبيرةٍ من المدنيين وتحميل اقتصاد من يحاربها أعباءً هائلة، فيما مجتمعها في منأىً عن الأذى. ارتاحت اسرائيل الى تفوّقها الجوّي ولم تبنِ نفسها على طريقة كوريا الشمالية، وتحصّن منشآتها الرئيسية وتخبّئ الأهداف الثمينة، والجغرافيا هنا تحكم: لا مجال لمطارات سرية في اسرائيل، أو لقواعد «مخبّأة»، والجبهة الداخلية غنيّة بالأهداف.

ضربة «كويا» أثبتت أن الصواريخ الإيرانية باتت «نقطوية» ولم يعد هامش الخطأ فيها، كما كان يزعم «خبراء» غربيون، بمئات الأمتار


سأعطي مثالاً: منصّات الغاز في المتوسّط (وهي ضخمة، مواقعها ثابتة، ومن الممكن ضربها بصواريخ مضادة للسفن أو بصواريخ بالستيّة)، مصانع الشرائح الدقيقة في مغدال هعيميق (وهي غير بعيدةٍ عن الحدود اللبنانية)، معمل أسمدة ضخم في عسقلان أو مصفاة نفطٍ في حيفا. هذه عيّنةٌ صغيرة من لائحةٍ طويلة، ولكن كلّ من هذه المنشآت يساوي مليارات الدولارات؛ وهي - مثل محطات الطاقة أو المطارات أو معامل تحلية المياه - من النّوع الذي من اليسير تدميره إن كنت تملك صواريخ دقيقة، سواءً بصاروخٍ أو ثلاثةٍ أو عشرة، انت ستدمّره في نهاية الأمر إن أردت ذلك. تخريب المنشآت أعلاه، وحدها، يعني أن اسرائيل لن تخرج - بالمعنى الحسابي الاقتصادي البحت - «رابحةً» من أيّ حربٍ قادمة، ولو أحرقت لبنان بالقنابل النووية. المفارقة هي أنّ القادة الصهاينة يهددون لبنان باستمرار بـ«إطلاق يد سلاح الجو» في الحرب القادمة، وتحويل لبنان الى «أرضٍ محروقة» وتدمير الاقتصاد. في لبنان طرقات ومحطات طاقة ومطار، وهذا كامل «الثروة العامة»والبنية التحتية والقطاع الانتاجي في البلد. تبييض الأموال لا يجري في مصنع فما هو، اذاً، «عصب الاقتصاد» الذي سيطاله الاسرائيليون والذي لم ينالوا منه في السابق؟ هل سيضربون الفنادق والحانات؟

أن تكون ندّاً
مثلما أنّ الصواريخ والقدرات العسكريّة تخلق ردعاً وتؤخّر الحرب، فهي ايضاً قد تسرّع بها، خاصّة أنّ اسرائيل تعي المسار التصاعدي للتهديد، وأنّ الحرب في المستقبل ستكون دوماً أصعب من الحرب اليوم. إن كانت صواريخ المقاومة الدقيقة قد شكّلت صداعاً لاسرائيل، فماذا يحصل حين يصبح لدى المقاومة صواريخ جوّالة، من الصعب تحديد مواقعها والتوقّي منها؟ اسرائيل (واميركا) تزعم اليوم بأنّ ايران قد بدأت بتصدير أنظمة دفاعٍ جوي الى سورية، وأنها تحاول ضربها عبر الغارات؛ لو كانت هذه الأسلحة تتدفق الى الشّام، فما الذي يدفعك للاعتقاد بأنها لا تدخل لبنان ايضاً؟
حين تقع الحرب أخيراً، ستكون ثقيلةً بلا شكّ، ولكنّنا في لبنان لن نكون عديمي الحيلة كما كنّا، لمرّاتٍ عديدةٍ، في الماضي. لن نراقب، بحسرةٍ، قرانا وهي تقصف وأهلنا يقتلون من دون ثمن وعقاب. هذه المرّة، سنردّ على الضّربة بمثلها وسنطال العدو كما يطالنا ولن يكون هناك مكانٌ آمنٌ في اسرائيل. هكذا سيعرفون، للمرة الأولى، معنى الألم،وسيعرفون الخسارة، وسيعرفون الرّعب، الذي ذقناه حتّى اعتدناه ولم يعد يخيفنا. وفيما أعداء المقاومة، في كل الميادين وعلى كل المستويات، يمارسون دورهم ووظيفتهم، فإنّ الشباب الذين كانوا يحملون الـ«كاتيوشا» على ظهورهم، لكي يطالوا به مستعمرةً في «اصبع الجليل»، أصبحوا اليوم يخزّنون الصواريخ البالستية الدقيقة ويمحّصون لوائح الأهداف؛ ويعملون ليومٍ قريبٍ لا تقيم قواعد الصواريخ فيه جبال لبنان فحسب، بل تراها تصعد الى السماء من بادية الشام وصحارى الأردن وجبال سيناء.



كيف توجّه الصواريخ؟
أن تصنع صاروخاً «دقيقاً»، يهبط في محيط أمتارٍ من هدفٍ يبعد مئات الكيلومترات، ليس مهمة سهلة ولا هو بسهولة أن تصنع أداةً ما. أميركا وروسيا والصين بنت منظومات فضائية كاملة، وأساطيل من الأقمار الصناعية لهذه الغاية. من الممكن أن تستعين بالـ«جي بي اس» الأميركي أو أحد بدائله ولكن هذا ليس حلّاً. من السهل أن يتم التشويش على اشارة النظام الأميركي وقطعها، وهو مصمّمٌ أصلاً للتوقف عن العمل حيت يتجاوز الجسم الذي يحمله سرعةً معيّنة - تحديداً حتى لا يتم استخدامه لتوجيه الصواريخ. وحتى لو تم تجاوز هذه العوائق، فإنّ اشارة «جي بي اس» المدنيّة هي أقلّ دقّة، عن قصد، من الاشارة العسكرية، وهي لن تسمح لك بالحصول على دقّةٍ «نقطوية».
الحلّ، على الأرجح، هو نظام تحديد المواقع الأرضي (Land Positioning System)، الذي أعلنت ايران عن اتمامه منذ سنوات، بدأت بعدها دقّة الصواريخ الايرانية بالازدياد، وأصبحت هناك تطويرات شائعة، بإضافة نظام توجيه دقيق، الى أغلب الأسلحة القديمة. النّظام، بتبسيطٍ، هو عبارةٌ عن شبكةٍ من محطات البثّ الثابتة، التي يتم تحديد موقعها بدقة متناهية ثمّ تبث اشارةً تشبه اشارة قمر تحديد المواقع، فلو تلقى جهاز التوجيه في الصاروخ البثّ من ثلاثة مصادر على الأقلّ، فهو سيتمكن من معرفة موقعه بدقّة. هذا النظام لا يغطي، كشبكة الأقمار الصناعية، كامل الكرة الأرضية، ولكن مداه الفعّال يقدّر بآلاف الكيلومترات، وإشارته خاصّة وسريّة من الصعب تقليدها أو التشويش عليها. في الوقت ذاته، تمّ الكشف مؤخّراً عن نموذجٍ جديدٍ لـ«الفاتح» يحمل، الى جانب جهاز التوجيه الداخلي، نظاماً بصرياً تعلوه كاميرا حرارية. هذا التعديل، اسمه «فاتح مبين»، يزيد من دقّة الصاروخ ويسمح له بالتعرّف على هدفٍ معيّن (حظيرة طائراتٍ مثلاً) وتوجيه نفسه اليه.