تستعيد ميليشيات طرابلس السيطرة على العاصمة، بالتزامن مع خطوات لإحياء المصالحة في البلاد. فبعد يوم على إعلان «لواء الصمود»، الذي يقوده صلاح بادي، عن وصول تعزيزات إلى «معسكر الناقلية»، الذي يمثل معقله الرئيسي في طرابلس، وأكبر مغانمه من مشاركته في الهجوم عليها، أعلن اللواء، القادم من مدينة مصراتة، أمس، انسحابه من المعسكر، الواقع في طريق مطار طرابلس الدولي، والخارج عن الخدمة، موضحاً أنه اضطر للانسحاب حفاظاً على أرواح مقاتليه، عقب تعرضه لهجومٍ دامٍ من قبل «قوة حماية طرابلس». وسائل إعلام محلية، نقلت في هذا الإطار عن مصادر ليبية، أن اتفاقاً عقد مع «اللواء السابع مشاة»، القوة الأساسية التي أطلقت الهجوم على العاصمة، يقضي بانسحاب الأخيرة في اتجاه معقلها في مدينة ترهونة. وعلى رغم نفي «اللواء» خروجه من مواقعه، إلا أنه أكد التزامه باتفاق وقف إطلاق النار.وفي ضوء بوادر التهدئة، أعلنت «مديرية أمن طرابلس»، أمس، المباشرة «في حملة لإزالة آثار الدمار، وفتح الطرقات العامة، وإزالة كافة العوائق»، إذ إن المناخ الهادئ، لم يكن مرده فقط دحر قوات صلاح بادي، التي كانت من ضمن التشكيلات التي حمّلتها بعثة الأمم المتحدة مسؤولية القصف العشوائي، بل كذلك لتوقيع مصالحة طرابلسية داخلية، أول من أمس، بين بلديتي تاجوراء وسوق الجمعة، والتي نتج منها إطلاق سراح 25 مسجوناً من سجن معيتيقة، ينتمون إلى ضاحية تاجوراء (شرق العاصمة)، وهم من أفراد «اللواء 33»، الذي شن بقيادة بشير خلف الله (المعروف بكنية «البقرة»)، هجومين على مطار معيتيقة، بداية هذا العام، أديا إلى مقتل أكثر من 60 شخصاً. فيما شملت المصالحة، دفع حكومة «الوفاق» دية لأهالي القتلى في الهجومين، الأمر الذي سينعكس في توحيد أكبر للبندقية الطرابلسية، وتمتين للتحالف بين ميليشيات المدينة.
تمكّن مجلس النواب من تمرير قانون الاستفتاء على الدستور


وتزامنت استعادة ميليشيات طرابلس السيطرة، مع خطوات لإعادة إحياء المصالحة (الصخيرات و«اتفاق باريس»). وبينما كان رئيس حكومة «الوفاق»، فائز السراج، يطلق تهديداً بتأسيس مسار انتخابي بعيداً من البرلمان، المتركز في شرق البلاد، أمس، تمكن مجلس النواب، من اتخاذ خطوة جديدة، قد تمثل، في حال استكملت، إنعاشاً لخريطة الطريق التي جاءت في «اتفاق باريس» نهاية شهر أيار/ مايو الماضي. إذ اجتمع البرلمان وقرر تمرير قانون الاستفتاء على الدستور إلى المفوضية العليا للانتخابات، التي يتوجب عليها تنظيم الاستفتاء خلال ثلاثة أشهر، في خطوة توجت مسار انطلق منتصف الشهر الجاري، حين تمكّن مجلس النواب من تمرير قانون الاستفتاء على الدستور.
لم يكن التصويت قبل نحو أسبوعين خطوة توافقية، حيث تبين لاحقاً أنه لم يشارك فيه سوى 30 نائباً، معظمهم من طرابلس، ما دفع نواب إقليم برقة إلى الاحتجاج، معتبرين الجلسة غير قانونية، لأنها تمت خارج أيام العمل الرسمية، ولم تشمل النصاب الكافي. لكن، لم يجد طعن نواب المنطقة الشرقية وصيحاتهم صدى لدى النواب الذين شاركوا في التصويت، والنواب المؤمنين بمسار المصالحة. وأنهى البرلمان مواءمة «الإعلان الدستوري» مع قانون الاستفتاء على الدستور، بحسب ما أعلن الناطق باسم البرلمان، عبد الله بليحق، أول من أمس، ما يعني إجراء تعديلات عليه شملت تغيير التقسيم الانتخابي من دائرة انتخابية واحدة تشمل كامل البلاد، إلى ثلاث دوائر (الأقاليم الثلاثة التاريخية: برقة، طرابلس، وفزان). لكن، وعلى غرار سابقتها، حملت هذه الخطوة في طياتها إشكالاً إجرائياً، إذ صرح عدد من النواب أن «المواءمة»، لم تتم عبر التصويت المباشر كما ينص القانون، بل عبر جمع تواقيع 120 نائباً بشكل منفرد.
في المقابل، يواصل نواب المنطقة الشرقية احتجاجهم، معبرين عن نيتهم الطعن في قانونية كامل هذا المسار أمام المحاكم المختصة، ما لم يتم تنقيح قانون الاستفتاء، خصوصاً من خلال إضافة نقطة تنص على تشكيل لجنة مختصة من خبراء قانونيين، في حال لم يحز الدستور على العدد الكافي من الأصوات في كل إقليم. الهدف من وراء المطلب، بحسب مراقبين، هو الالتفاف على لجنة كتابة الدستور المنتخبة، الذي ينص قانون الاستفتاء على إعادة مسودة الدستور إليها، لتنقحه في حال لم تحظ بدعم شعبي في الاستفتاء.
وبعيداً من الصراعات الداخلية، تناول البرلمان، أمس، سبل التنسيق مع «المجلس الأعلى للدولة» (أعلى هيئة استشارية)، لإعادة تشكيل حكومة «الوفاق» ومجلسها الرئاسي. وتقرر في هذا الصدد، تفويض الأمر إلى لجنة حوار، على أن تنهي مهامها في ظرف أسبوعين.